«لسنا عُمَّال مطافئ لحرائق السلطة».. هكذا صرخ وصرَّح رئىس تنفيذية اللقاء المشترك، وناطقه الإعلامي الرسمي بالطبع؛ لأنهم في المشترك جميعاً ناطقون ويزيد عليهم الصبري بالصفة لا أكثر. قبل أسابيع أذكر أو أتذكر أن العبارة استوقفتني كثيراً من بين كلام كثير قاله محمد الصبري العزِّي في ندوة أخيرة وأذكر أنها أعجبتني.. لا لشيء ،ولكن لأنها بدت لي ،ولاتزال، معبِّرة حقاً، وتكاد تحدد الصفة بنفي نقيضها، أوقل إنها تقدّم النفي وتؤخر الاثبات! فمن ليس بعامل مطافئ في قضية حرائق حصراً فهو الآخر النقيض له «هل هو عامل «إيقاد»؟ربما! في تعليق واكب المناسبة، كتبت متفائلاً بالموضوعية التي يباغتنا بها بعض السياسيين على غير المعتاد والمألوف،و أن بين عمال المطافئ والآخرين المناقضين لهم فارق كبير اهتدى إليه العزيز محمد الصبري وهو يمِّيز تكتل أحزاب معارضة المشترك عن تكتل عمال المطافئ، وإن كنت استغربت، قليلاً أو كثيراً، لحال سياسيين ينفون عن أنفسهم فضيلة كهذه، وكأن إطفاء الحرائق صارت تهمة يستعر منها أصحاب اللقاء! فماذا إذاً عن«إشعال الحرائق»؟ لم يُقل شيء عن هذا! يصح القول بأنني لا أزال أتمنى على الفرقاء إنصاف عمّال المطافئ وتقديرهم. وإن كان ولابد ،فلايكفي أن يتبرأ المعارضون من صفة ووظيفة عمال المطافئ، بل وعليهم، زيادة في الايضاح والموضوعية، أن يتبرأوا بالمثل، من مشعلي الحرائق ونافخي الكير أو على الأقل أن يحددوا موقفاً صريحاً من هؤلاء. وحتى الساعة لاتزال الدعوة إلى تحديد موقف من المس بالثوابت الوطنية شاغرة ولم يعبأ أحد بها، رغم أنها لاتحتاج إلاّ إلى عبارة أوجز من تلك التي حددت موقف الأحزاب إياها من«عُمّال المطافئ». مادعاني إلى استعادة نفس القصة والموضوع، هو ماقرأته مؤخراً في «النَّاس» للدكتور/عبدالله الفقيه، الأكاديمي والكاتب المعروف بتعصبه للمعارضة وتحالفه مع خطاب «المشترك» بدرجة أولى وأساسية والحق أن شيئاً من الانصاف يقتضي بالضرورة الشهادة بشيء من الموضوعية للرجل فيما قاله بخصوص هذه النقطة تحديداً. أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء قال:«أنا أستغرب ممن يقول أنه ليس من مهمة المعارضة إطفاء الحرائق» ويقصد صديقه الصبري تحديداً ،فلم يقل أحد غيره هذا الرأي وهاهو الفقيه يوافقنا الاستغراب، فهل صرنا أكاديميين مثله ،أم أنه تواضع إلى مستوى استغرابنا؟! ثمة استغراب «مشترك» على كل حال. ويتساءل الفقيه«لماذا لايكون من مهام المعارضة إطفاء الحرائق مادامت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الحزبية والسياسية؟» والسؤال وجيه جداً وإن كان ينقصه إضافة بسيطة قد تفهم ضمنياً وهي:«لماذا لايكون من مهام المعارضة إطفاء الحرائق،وليس اشعالها، مادامت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات...؟ بالقدر ذاته من الانصاف والموضوعية يؤخذ على أستاذ العلوم السياسية أنه يعادل الوطن والوطنية بكسرة خبز لا أكثر«ماذا تنتظر من إنسان جائع وأنت تحدثه عن الوطنية؟!» وسأتطوع للاجابة: أنتظر من إنسان جائع كهذا أن يقول: «تموت الحرة ولاتأكل بثدييها».. شكراً لأنكم تبتسمون.