تتعلم الشعوب من بعضها كثيراً، ومن خلال التجارب التي تمر بها ونحن العرب لدينا من الإرث السياسي الكبير الذي ينبغي أن نسترجعه من الذاكرة، ونحن العرب ما انفككنا نجاهد ونجاهد أنفسنا كثيراً في حل قضية الشعب الفلسطيني والذي امتد إلى الصراع العربي الاسرائيلي خاصة أن إسرائيل تهدد وتحتل أراضي عربية فلسطينية سورية ولبنانية، وإن كنا خضنا حروباً مع اسرائيل بسبب عدوانها وتهديدها وخلقت لنا جراحاً وآلاماً وخلافات فيما بيننا لتباين رؤانا وتفكيرنا.. إلا أن حقيقة هامة يفترض ألا تكون غائبة أو أن نسير في قضايانا وبقضايانا بعيداً عنها وهي: العملية الديمقراطية وكيفية فهمها وأن نقبل بها وبنتيجة صندوق الاقتراع الذي طالبنا به وألا نقلب الطاولة كما يقال عندما تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن وهو حصيلة الانتخابات الفلسطينية والتي نجحت فيها حماس وألا نعتقد أن الكرسي كرسي السلطة يجب أن يبقى بيد طيف سياسي واحد وإن الحال كذلك إذن لا داعي للانتخابات طالما ونحن لا نسمح لمن يفوز ليمارس حقه. المفاوضات الفلسطينية حتى الآن لم تصل إلى طريق واضح من مدريد لأوسلو إلى أنابوليس بسبب أن ضغطاً فلسطينياً موحداً لا يوجد حيث لا يوجد أي تهديد قوي لمصالح إسرائيل فالجدار مستمر والمستوطنات مستمرة وتهديد القدس والنيل من حق العودة مستمر.. لا بد من العودة لتجارب الشعوب وحركات التحرر الوطنية حينها حين فاوض الجزائريون الفرنسيين بعد أن حققوا نصراً وقضوا مضاجع الجيش الفرنسي ، والفيتناميون أوصلوا نضالهم عبر مفاوضات السلام الإميركية الفيتنامية لأنهم حققوا انتصارات على الأرض الفيتنامية وهرب الأمريكان ، ومانديلا في جنوب أفريقيا وشعبه خاضوا حرباً نضالية ضد نظام الفصل العنصري حتى استطاعوا إبعاد نظام حكم الأقلية البيضاء وانتصروا لشعوبهم السوداء وحققوا التعايش والتسامح مع كل الأقوام على اساس من الإخاء ، وشعوب كثيرة شهد القرن المنصرم انتصاراتها. كل تجربة لها من الإنجاز في الميدان ما يفرض نفسه بقوة على الطرف الآخر ويجعله يعترف بالحق. أما التخاذل والتنديد وضرب البعض يولد استعداء فهذه إسرائيل تسرح وتمرح في الأراضي الفلسطينية وإن تجرأت كتائب المقاومة على ضرب صواريخها للمستوطنات أدانت بعض القيادات الفلسطينية وكأنها في حال هدنة مع إسرائيل.. فهذه هي مثبطات أي مفاوضات كيف نستنكر ضرب المستوطنات ولا نستنكر المستوطنات نفسها ولا نستنكر ما يجري على المعابر ودخول الدبابة الإسرائيلية للمدن الفلسطينية.. هل لو تركنا المقاومة تضرب المستوطنات سنحقق نصراً في الميدان؟ بالطبع نعم. للأسف الشديد نقلت اسرائيل معركتها إلى الفلسطينيين والعرب بل وجن جنون الأوروبيين وعرقلوا تنفيذ نتائج الانتخابات بدءاً بقطع الدعم وبذلك يقولون للفلسطينيين موتوا طالما صوّتم لغير ما نريده ولعل هذه النتائج لم يحسب لها حساب الجانب الفلسطيني الذي طالما استلم السلطة وربح الانتخابات ولم يستوعب بعد تبادل الأدوار ولعبة الكراسي الانتخابية إنها إشغاله في ديمقراطية الانتخابات الذي على هذا الصندوق أن يخرج صيغة تتوافق وأهواء تحاول أن تكون هي السائدة وإلا بعدها الطوفان وهو ما عليه الوضع في فلسطين. لقد علمنا الأوروبيون أن علينا أن نحتكم للصندوق كما يحتكمون هم له ولكن لم يشجعنا هؤلاء أن نقبل الهزيمة بروح رياضية ففي التجارب الأوروبية المعاصرة يتسلم المنتصر السلطة دون عراقيل سواء كان حزباً يمينياً يسارياً، وسطاً، مسيحياً... كيف يقبل الأوروبيون ذلك ويؤيده الاتحاد الأوروبي ولماذا يرفض تنوع طيفنا السياسي وهل يتدخل الأوروبيون إن فاز الديمقراطيون أو الجمهوريون في الولاياتالمتحدة... أم هي هيمنة واستمرار لأحقاد دفينة وديمقراطيتهم غير ديمقراطيتنا وصندوق غيره عندنا؟ للأسف أضفى الحضور العربي والدولي في أنابوليس شرعية للأوروبيين والاسرائليين اما الفلسطينيون فكانت لا هذا ولا ذاك بل دبابات إسرائيل تحصد أبناءهم ومرضاهم الذي يقضون نحبهم لعدم وجود العلاج والسماح بالمغادرة، لم نتعلم نحن العرب بل وتأخذنا أنفسنا على غرة وبعمد وحسن النية بحثاً عن السلام الذي قرع الاسرائيليون طبول حرب أمامه.