كنت أتصفح كتاب مادة التربية الإسلامية للصف ال«9» الأساسي، ولفت نظري وأنا أقرأ في التمارين التي بعد أحد الدروس، وراعني سؤال وضعه الممنهج المبدع الخلاق.. السؤال يقول: اذهب إلى إحدى المكتبات العامة الأقرب إلى منزلك، وابحث عن معاني المصطلحات الآتية، أو مرادفات لها.. وسرد عدداً من المفردات بين قوسين، ووضع لهذا السؤال تظليلاً أو أرضية باللون الأخضر لإبانة أو تبيين أهمية السؤال للطالب. أيّ ممنهج هذا؟! وأين يعتقد نفسه؟! في أي مجتمع يعيش؟! نسي أنه في اليمن، ونسى ظروف اليمن، ونسي البيئة الاجتماعية والثقافية اليمنية ومدى فقرها المدقع في الموارد والمصادر التعليمية التعلمية، واعتقد أنه في سويسرا أو النمسا أو اليابان، حيث توجد المكتبة في الفصل والمدرسة والبيت والشارع.. أكيد صاحبنا الممنهج غير يمني، إما أنه سويسري أو ياباني أو من دولة شبيهة.. خاصة وأنه قد أطلق على المفردات العادية التي طلب البحث عن مرادفات لها في المعاجم والتراجم والقواميس «مصطلحات»، بينما هي مفردات عادية.. فلا حول ولا قوة إلا بالله، وعليه العوض ومنه العوض.. لاشك أن الممنهج المبدع لا يعرف الواقع التربوي ولا التعليمي ولا الثقافي في البلاد، وإلا لكان عرف أن المكتبة لا توجد لا في الصف ولا في المدرسة ولا في البيت.. وإن وجدت مكتبة في أي مدرسة من مدارس المدن فلا تزيد عن «منظرة ديكور» لا علاقة لمحتوياتها بالمناهج. هذا الممنهج وغيره ممن صاغوا المناهج، واختاروا طرقها، وصمموا إخراجها لم يقدّروا سن الطالب في المرحلة وقدراته، ومهاراته الفكرية واللغوية، لذا خرجو بمناهج حسب ما يحبون ويرغبون، وليس حسب احتياج الطالب وقدراته واستعداداته في السن والصف المعين.. والمحزن المضجر حين تطلع على الكتب المدرسية، وتلاحظ فيها جداول معاني الكلمات، فبدلاً من أن يوضح المفردة بمرادف لها قريب من ذهن الطالب، سهل فهمه.. ستجد أن المفردات التوضيحية أو «معاني المفردات» أصعب من المفردات، بل قد يأتي معنى المفردة فقرة يتوه الطالب فيها فلا هو فهم المعنى ولا فهم المفردة.. على أي حال صياغة المواضيع في الكتاب المدرسي ك«المتاهات» في الصحف!!