في الأزمة المحتدمة بين الهندوباكستان والتي تتمدد بظلال وافرة في دول الجوار الإقليمي والعالم برمته تجد الولاياتالمتحدة نفسها بين نارين، فالصداقة مع الهند أمر لا يمكن التفريط فيه، والحاجة لباكستان تزداد أهمية، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الجديدة قررت إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، وأن الرئيس باراك أوباما وإدارته الديمقراطية يعتقدون أن التركيز على أفغانستان هو أفضل وسيلة لمواصلة الحملة ضد الإرهاب، وإنه بدون التعاون الباكستاني الشامل لا يمكن إنجاز الأهداف المتوخاة من الحرب المعلنة ضد الإرهاب .. من جانبها لم تقف موسكو الناهضة ساكتةً، بل تحركت موسكو باتجاه الهند لتعيد المياه إلى سابق الانتعاش الاقتصادي العسكري والجيوسياسي، باعتبار أن الهند كانت ومازالت تشكل أولوية خاصة عند القيادة الروسية، فإذا كانت أمريكا تُراهن على باكستان عطفاً على حربها العالمية ضد الإرهاب، فإن موسكو تراهن على الهند اعتباراً للتوازن الداخلي الهندي، والعمق الكياني والاقتصادي المشهود، بالإضافة لتراث العلاقات البينية المديدة والمفيدة للطرفين . على المستوى الداخل الهندي كانت للهجمات آثار سلبية مؤكدة على حزب المؤتمر الحاكم، فيما أنعشت حزب «بهارثيا جاناتا» القومي المتطرف، وأحرجت إلى حد كبير ملايين المسلمين الهنود الذين سيتعرضون لجنايات أخلاقية وسياسية من طرف القوميين الهندوس، وبالمقابل سيجد الرئيس الباكستاني المنتخب « آصف على زرداري» نفسه أمام محنة كبيرة، وفقدان للحيلة والفتيلة، وهو الرجل القادم من تضاعيف الخيار السياسي ولا يلتبس عميقاً بمؤسسة القوة والأمن كما كان سلفه بيرويز مشرف .