كان العالم يعيش آمناً، مستقراً، هادئاً، مطمئناً خلال فترة التوازن الدولي التي امتدت منذ الحرب الكونية الثانية «نهايتها» وحتى انهيار النظام السوفيتي، وانهارت معه الكتلة الشرقية التي كانت بمجموعها تسمى «حلف وارسو» أو «المعسكر الشرقي» أو «المعسكر الإشتراكي».. وبانهيار المعسكر الشرقي تركت المساحة العالمية لينفرد بها «المعسكر الغربي» أو «المعسكر الرأسمالي» أو «حلف الأطلسي» بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبانتهاء التوازن الدولي ب «إنهيار الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفيتي» صار القطب الغربي «الولاياتالمتحدة» وتحت شعار العولمة يعربد في العالم كما يحلو له لينشر الفوضى في العالم، ويعمل على ضرب الأنظمة الوطنية، والإقتصاديات الوطنية لشعوب العالم النامي، وما تبقى من القوى الإشتراكية تحت شعارات عديدة ظاهرها الرحمة، وباطنها النقمة.. مثل شعار: نشر الديمقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان في العالم وإنهاء النظم الإقتصادية الشمولية، والتحول نحو الاقتصاديات الحرة مضللاً شعوب العالم أن الإنتقال إلى نظام الاقتصاديات والأسواق الحرة سيحقق لهم النعيم والرخاء والرفاه. مضت الولاياتالمتحدة في سياسة العولمة بالترغيب والترهيب والغزو، والإحتلال وتحت ضغط الشعوب المضللة تهاوت الاقتصاديات الوطنية، والسياسات الوطنية بشكل درامي وسريع لم يتح فرصة للإنتقالات الصحيحة إلى نظام السوق مما أدى إلى حلول «الفوضى السياسية» و«فوضى السوق» واشتعال «الفتن الاجتماعية والمذهبية، والمناطقية، والإقليمية» في العالم.. ونتج عن ذلك فقدان الأمن، والاستقرار وانتشار الأفكار المتعصبة والهدامة، وتضرر الناس في معيشتهم.. فالفقراء أصبحوا تحت خط الفقر، والطبقة المتوسطة أصبحت فقيرة، واتسع الفساد والفاسدون، وكذا المفسدين، والإختلاس للأموال العامة، والاستحواذ على الأملاك العامة، ويتمحور الغنى والثراء في فئة قليلة استطاعت أن تركب موجة العولمة، وتحول اقتصاديات أوطانها إلى اقتصاديات خاصة. وكانت من أهم نتائج ذلك «الفقر والارهاب والفتن والتمردات المسلحة والتمردات السلبية وما شابه ذلك من ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب عموماً، وبيئة الفقر والبطالة، بيئة خصبة لاصطياد الشباب وتجنيدهم في المنظمات الإرهابية تحت شعار: الجهاد والدفاع عن العقيدة فانتشر الإرهاب على امتداد العالم لا يفرق، ولا يميز، ولا يحلّل، ولا يحرم.. وذلك من عقد التسعينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، ولم يستطع العالم بكل إمكاناته مواجهة الإرهاب واستئصاله، وهي ظاهرة ارتبطت مع ظهور وارتفاع صوت العولمة قبل «19» عاماً.. مما يعني أنها ظاهرة من ظواهر العولمة وبدأت ونمت وكبرت واتسعت، وقويت تحت رعاية العولمة التي دعمت طالبان، والجهاديين، والقاعدة لتفرخ هذه المنظمات، وتفرع، وتتحول إلى طوفان يجتاح العالم كهدف من أهداف العولمة أفصحت عنه أخيراً في 2006م حين تحدثت «كوندا ليزا رايس» عما يجري في فلسطين والعراق ولبنان واصفة إياه ب «الفوضى» الخلاقة».. فالعلاقة بين العولمة والإرهاب علاقة وطيدة.