إن الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية «26سبتمبر و14أكتوبر» الخالدة بقدر ماهو تقليد وطني تتجسد فيه معاني الوفاء والاحترام لتضحيات الآباء والأجداد من المناضلين الأحرار.. سواء أولئك الذين قضوا نحبهم أو أولئك الذين مازالوا على قائمة الانتظار من هؤلاء الفتية الذين عاشوا من أجل الآخرين والذين ماتوا من أجل الآخرين الذين يستحقون من أبناء الشعب اليمني كل المعاني النبيلة المعبرة عن الوفاء والاحترام والتقدير جيلاً بعد جيل مابقيت الحياة والحرية القائمة على الوحدة والعدالة والديمقراطية والتقدم الحضاري أهداف لا تجد طريقها إلا بالثورة الدائمة التي لها بداية وليس لها نهاية على الإطلاق. أقول ذلك وأقصد به أن لكل ثورة من الثورات الأصيلة والدائمة التجدد والتجديد بداية معلومة لاتكاد الشعوب المستفيدة منها ترى لها نهاية منظورة توجب عدم الحاجة إلى السيرورة التاريخية المستمرة؛ لأن العلاقة الجدلية بين ماضي وحاضر ومستقبل الثورات مرتبطة بالعلاقة بين الحاجة والكفاية تتكون من سلسلة متصلة ومنفصلة من البدايات الثورية والنهايات الواعدة ماتكاد تبدأ إلا لتنتهي إلى مهام جديدة موجبة لتعاقب البدايات المفيدة والنهايات المثمرة، ولكن بلا أول مقطوع الصلة بما قبله وبلا آخر مقطوع الصلة بما بعده.. لامجال فيها إلى الاستكانة والاستسلام للموت بموت قادتها؛ لأنها مرتبطة بحياة الأجيال وما تنطوي عليه من صلة تقدر مسافاتها الزمانية بحياة الإنسان على الأرض وكذلك حاجة الإنسان للثورة تبقى عبر التاريخ حية ودائمة لا تموت إلا بنهاية الحياة على الأرض. نعم سيبقى الشعب اليمني بمختلف تكويناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بحاجة دائمة ومستمرة للاحتفال بأعياده الوطنية والثورية كحاجته إلى الاحتفال بأعياده الدينية.. طالما بقي للتقدم أعوان وللتخلف أعوان، وطالما بقي للنور أعوان وللظلام أعوان.. وطالما بقي للخير رجاله وللشر رجاله؛ لأن الثورة هي التقدم وهي النور وهي الخير المكرس لنصرة الكفاية وعزتها على الحاجة وهو أنها في سباق الارتقاء بالكفاية إلى المستوى الحياتي والحضاري المعقول والمقبول الذي يستوعب ما قبله من ماضٍ ولا يلغي مابعده من مستقبل؛ لأن الاحتفاء والاحتفال بأعياد الثورة محطات للتقييم والتقويم الهادف إلى استبدال الخطأ بالصواب والحاجة بالكفاية والظلام بالنور والظلم بالعدالة والتخلف بالتقدم.. والفقر بالغنى والجهل بالعلم والشقاء بالسعادة في طريق له بداية منظورة ومعلومة وليس له نهاية منظورة ومعلومة، مهما كانت متوقعة ومحتملة. والهادف ثانياً إلى إضافة الوحدة العربية إلى الوحدة اليمنية في سباق البحث عن المقومات الحضارية لبناء الحضارة العربية المنشودة في عالم لا مجال فيه للعقليات المتحجرة والجامدة الهادفة إلى إعادة عقارب الزمن وعجلة التاريخ إلى الخلف وانقلاب الأبناء والأحفاد على منجزات وتضحيات الآباء والأجداد بالأساليب الرجعية إمامية كانت أو انفصالية لا تستطيع العيش إلا في الدياجير المظلمة للماضي دون قدرة على مغادرته إلى الحاضر والمستقبل. والهادفة قبل ذلك وبعد ذلك إلى بناء الدولة الديمقراطية اليمنية الحديثة والقادرة على تطبيق مالدينا من منظومة دستورية وقانونية نافذة وتحقيق المواطنة اليمنية المتساوية بين أبناء الوطن والشعب الواحد، لا مجال فيها للفساد ولا مجال فيها للظلم ولا مجال فيها للتمييز والعنصرية بكافة أشكالها وأنواعها المادية والمعنوية دولة يمنية قادرة على الارتقاء بسيادة القانون إلى قدر من القدسية المرسخة للمساواة على قاعدة الفرص المتكافئة والتفاوت الناتج عن الاختلاف الطبيعي للثورات والكفاءات العلمية والعملية في سباق التفوق في الإبداع والإنتاج الذي لا مجال فيه للتناقضات والامتيازات السلالية والطبقية المنافية للعدالة الاجتماعية والمساواة المتكافئة للحق المتوازن والموازي مع الواجب. أقول ذلك وأقصد به أن الدولة اليمنية الديمقراطية المعنية بالقدرة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للثورة اليمنية في عيدها ال47 وال46 لا يمكن أن تكون إلا دولة ديمقراطية ومؤسسية ومعبرة عن الإرادة الحرة للهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة بين المرشحين للهيئات الدستورية المختلفة حزبيين كانوا أو مستقلين في بلد ينص دستوره الدائم أن نظام الحكم فيه وحدوي جمهوري ديمقراطي يقوم على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية وحرية الصحافة والتجارة وحقوق الإنسان.. لا مجال فيه للتوريث السلالي المفروض بإرادة سماوية ما أنزل الله بها من سلطان قط في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ولا مجال فيه للمفاضلة بين أبنائه رجالاً كانوا أو نساء. لأن الثورة أولاً وأخيراً تعني أنها «علم تغيير المجتمع وتطويره باستمرار»، لذلك اعتاد اليمنيون الأحرار أن يحتفلوا قيادة وشعباً بالمناسبات والأعياد الوطنية للثورة اليمنية الدائمة والمستمرة ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر وال30 من نوفمبر المجيدة، تماماً كما اعتادوا الاحتفال باليوم الوطني لذكرى قيام الوحدة في ال22 من مايو 1990م التي تذكر الأبناء والأحفاد بالنضالات الوطنية الكدودة للآباء والأجداد وتضحياتهم النضالية التي قدموا فيها حياتهم رخيصة من أجل ما نحن عليه من السعادة والعزة. وإذا كان من حق الشعب اليمني أن يحتفل بأعياد ثورته اليمنية الخالدة فإن هذا الشعب الأصيل والمناضل يؤكد فيه لأعداء الثورة والجمهورية والوحدة أن التشكيك بهذه المنجزات والمساس بها ضرب من المستحيلات الخرافية لا يمكن للمتآمرين من أعداء الشعب أن يجدوا في طريقهم سوى الاصطدام بإرادة عسكرية وأمنية وشعبية صلبة أقوى من الحديد والفولاذ مهما لحق بهم من الصداع الذي لا حصاد له سوى الوجع حتى الهزيمة والموت السياسي المحتوم؛ لأن الثوابت الوطنية المادية لا تقل قدسية عن الثوابت الروحية والدينية الضاربة جذورها في أعماق هذا الشعب الصامد والصابر بوجه التحديات، الموت على درجة الشهادة دون المساس بها أهون من الحياة الذليلة والمهانة التي يروج لها أعداء الشعب من الجبناء الذين يموتون مرات عديدة قبل موتهم المحتوم. أخلص من ذلك إلى القول إن الاحتفالات بأعياد الثورة هي التجسيد الموضوعي للحرية والحياة السياسية اليمنية الدائمة الحركة والتغيير والتطور.