اقترن منجز إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً وميلاد الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 90م باعتماد النهج الديمقراطي والتعددية السياسية، ومنذ لحظة إعلان قيام الجمهورية اليمنية انطلقت المسيرة الديمقراطية على أسس سليمة وتجسدت من خلال التعددية السياسية والحزبية وحرية الصحافة والإعلام بشكل عام وتعززت عاماً بعد آخر من خلال ممارسة جماهير الشعب لحقهم الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية ومنظمات المجتمع المدني. وخلال العشرين عاماً التي مضت على قيام الجمهورية اليمنية وانطلاق المسيرة الديمقراطية شهدت الديمقراطية الكثير من التحولات الإيجابية والكثير من الممارسات غير الإيجابية ,حيث فهم البعض الديمقراطية فهماً خاطئاً، الأمر الذي نتج عنه ممارسات وسلوكيات تلحق الضرر بالمصالح العليا للوطن والشعب. يقيناً إن الديمقراطية ليست معولاً للهدم وإلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية العليا وإنما هي مسئولية وطنية وأخلاقية.. ويقيناً إن حرية التعبير لاتعني أبداً إثارة الفتن وافتعال الأزمات وخلق المشكلات وتغذية روح الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد ونشر ثقافة القروية والمناطقية والمذهبية والشطرية والتحريض على ارتكاب أعمال الفوضى والتخريب واقلاق السكينة العامة وزعزعة الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي. لقد عانت اليمن الكثير من الويلات منذ قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر نتيجة التعصب الأعمى وادعاء كل طرف أنه وحده يمتلك الحقيقة دون غيره وعدم اللجوء للوسائل السلمية الديمقراطية والحضارية في حل المسائل الخلافية عن طريق الحوار الديمقراطي المسئول والبناء.. وقد دفع الشعب اليمني الثمن غالياً جراء انتهاج لغة السلاح والعنف بدلاً عن لغة العقل والمنطق وانتهاج مبدأ الانقلابات بدلاً عن نهج الحوارات في عهد التشطير الأسود.. كنا نعتقد أنه بعد إعادة وحدة الوطن وقيام الجمهورية اليمنية سوف ينظر الجميع إلى المستقبل بنظرة جديدة متحررة من عُقد الماضي والعقلية الشمولية والاستفادة من السلبيات لتجاوزها وعدم تكرارها ومن الإيجابيات لتعزيزها وتطويرها، لكن للأسف لازال هناك من يعيش بعقلية الماضي ويستخدم الديمقراطية بطريقة سيئة غير عابئ بالنتائج التدميرية لتلك الممارسات والتجاوزات. كنا نعتقد أن الجميع سيتجه نحو البناء والتنمية وممارسة التعددية الحزبية والديمقراطية بمسئولية وطنية وأخلاقية بعيداً عن المماحكات والمناكفات السياسية.. انطلاقاً من الإيمان الراسخ بأن اليمن ملك كل ابنائه دون استثناء .. ولكن للأسف بدأت المماحكات والمناكفات السياسية بعد فترة وجيزة من إعادة الوحدة والتي أفضت إلى محاولة الانفصال في صيف 94م وتفجر الحرب، ورغم المأساة الكبيرة التي خلفتها تلك الحرب وكل المآسي التي عانى منها شعبنا اليمني خلال الفترة الماضية والتي ماكان لها أن تحدث لو أن الجميع آمن بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة والطريقة المثلى لحل كافة المشكلات والاتفاق على القضايا الخلافية.. رغم تلك المآسي فلازال هناك من يفكر بعقلية الماضي والاعتقاد الخاطئ بأنه وحده من يمتلك الحقيقة فيفتعل الأزمات ويختلق المشكلات ويؤجج الخلافات مستخدماً الديمقراطية معولاً للهدم بدلاً عن البناء.. فهل من الحكمة اشعال الحرائق وصب الزيت على النار وهل من الديمقراطية دعم العناصر الخارجة عن القانون التي تمارس جرائم القتل وقطع الطرقات وأعمال السلب والنهب وتأييد الدعوات الانفصالية والإمامية?.