الجاوي: الحكم بالقوة والإكراه يجعل السقوط مفاجئاً    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    الاختطاف والتهجير.. الحرب الحوثية الخفية ضد اليمنيين    توتر في منتخب إسبانيا.. ثنائي برشلونة يلغي متابعة كارفاخال بعد أحداث الكلاسيكو    المملكة المغربية تقاضي حمالة الحطب اليمنية توكل كرمان في تركيا    المنحة السعودية في طريقها لسداد حساب مكشوف للشرعية في جدة    تنفيذية انتقالي خنفر تناقش الوضع الأمني والخدمي بالمديرية    رئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي يعزي بوفاة الأستاذ والتربوي فضل عوض باعوين    تقرير خاص : تأمين منفذ الوديعة.. مطلب حضرمي من أجل الكرامة والسيادة    انطلاق ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية بالقاهرة    "القسام": تأجيل تسليم جثة أسير صهيوني بسبب "خروقات" العدو    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة صرافة    واشنطن ستسلم طوكيو أول دفعة من صواريخ مقاتلات «أف-35»    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    مكتب الصحة في البيضاء يتسلم 4 سيارات إسعاف    مدرسة 22 مايو بسيئون تحيي فعالية توعوية بمناسبة الشهر الوردي للتوعية بسرطان الثدي ..    صحيفة دولية: الدين الخارجي لحكومة المرتزقة يبلغ نحو 7 مليارات دولار    الاتحاد الدولي للصحفيين يدعو مليشيا الحوثي للإفراج عن ماجد زايد و أورس الارياني    مسيرات في مديريات حجة وفاءًا لدماء الشهداء وتأكيداً على الجهوزية    اتحاد حضرموت يفتتح مشواره بالستة على مدودة في كاس حضرموت للناشئين    إجراء قرعة بطولة التنشيطية الثانية لكرة الطائرة لأندية حضرموت الوادي والصحراء ( بطولة البرنامج السعودي )    النفط يتراجع مع ترقب زيادة إنتاج (أوبك)    هيئة المرأة والطفل بالانتقالي تشدد على ضرورة تعزيز خطط العمل المستقبلية    ميسي يحسم موقفه من مونديال 2026    البيضاء .. تدشين المخيم الطبي المجاني الشامل للأطفال بمدينة رداع    بإيرادات قياسية... باريس سان جيرمان يصعد إلى المركز السابع بين أغلى فرق العالم    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    عقب اشتباكات مسلحة.. قائد محور الغيضة يؤكد ضبط جميع أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات    مجلس القيادة يجدد دعمه الكامل للحكومة والبنك المركزي في مواصلة تنفيذ الإصلاحات    الأرصاد: درجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى ما دون 5 درجات في المرتفعات    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    الإطاحة بعصابة استغلت العمل الخيري للاحتيال على المواطنين في عدن    مدينة عتق.. عطش يطارد الأهالي ومؤسسة المياه في صمت مريب    أعرافنا القبلية في خطر: إختطاف القبيلة!    اتحاد كرة القدم يعيد تشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويل يومئذ للمكذبين وبني صهيون
نشر في الجمهورية يوم 11 - 05 - 2010

كثر النواح حتى فاح، وعمَّ النَدب والنديب والنُدب في جسم مجروح، وتشرّب المتشائمون سم الإحباط، وكل من يكتب في واقع العربان يقول إنهم سود غربان، وإن الوطن العربي سفاري تسرح فيها الضواري.
ولكن كما يقول نيتشه عن هذه الظاهرة من التذبذب القلق، بين التشاؤم والتفاؤل، إن كليهما مرض قاتل؛ فأما التفاؤل فهو سذاجة وسطحية وقلة تبصر وعدم فهم لطبيعة سياق الأحداث وتبدّل الزمن.
وأما التشاؤم فهو فأدهى وأمر، وهو علامة انحطاط، والمجتمعات والتاريخ والأفراد تنضج وتولد من موسيقى الزمن ورحم المعاناة.
وقرأت مقالة لأخ فاضل عميق التبصر لذيذ الكتابة وضع سؤالاً لم يجب عنه بالكامل، عن وضع العالم العربي، وهل التخلف ظاهرة عربية؟ وعربية فحسب؟
والجواب من عدة زوايا، أولها أنني سوف أكرر ما قال أرسطو لأفلاطون: أنت عزيز علي، ولكن الحقيقة أحب لي منك ...
والأفكار التي وردت في المقالة تمحورت حول ثلاثة أفكار، في التحقيق القيمي للتقدم والتخلف، وجسر العلاقة بين السلطة والمثقف، وأن الصراع العربي الإسرائيلي هو جوهر الصراع.
وجوابي أيضا موزع في ثلاث زوايا، فالتخلف ليس ظاهرة عربية، ويمكن تأمل خارطة العالم من كوريا وكوبا وتايلاند ورواند والكونغو برازافيل وبيتاغونيا وجزيرة كمشتكا، بل وحتى أوروبا الشرقية من رومانيا واليونان وبلغاريا والصرب والروس والشيشان وروسيا البيضاء وقرقيزيا وكازخستان، يمكن إدراك أن القوم ليسوا في أفضل أوضاعهم، وأن الطواغيت الترانزستور تمتلئ بهم الأرض، مثل أصنام قريش قبل أن تصبح جذاذا!
بل وحتى القوى العظمى ليست تلك الأخلاقية، بل تنطلق من رؤى مركزية، وحالياً تحولت أمريكا إلى دولة بوليسية، تتعامل مع دكتاتوريات شتى، صنعتها على عينها؛ فهي ترعاها، وقصة ماهر عرار، غنية عن التعريف، وهو رجل كندي أمسكت به مخابرات أمريكا؛ فلم تترك فضيلة التعذيب لل (FBI) بل سلمته لأهله يعذبونه. حتى أنصفته كندا ومنحته لقب بطل قومي مع صرّة من النقود ب 12 مليون دولار!
هذه واحدة، والثانية أن علماء الأنثروبولوجيا لا يؤمنون بالتخلف والتقدم التكنولوجي وامتلاك الأشياء كمقياس للحقيقة، بل اختلاف المجتمعات، وشتراوس ودونالد جوهانسون وتيم وايت وبرونيت من علماء الأنثروبولوجيا، يقولون إن كل مجتمع يحل مشاكله بطريقته الخاصة، والعبرة هي في السيطرة على المشاكل.
ونعترف في هذه النقطة أن العالم العربي يُفْعَل به ولا يَفْعَل، ولأن الكون يقوم على التسخير، فمن لم يدرك قوى التسخير (والتسخير يعني الخدمة المجانية) تحول إلى المسخرات من عالم المواد والأشياء والمدر والشجر والحجر والبشر!! .... لمن يدرك هذه القوانين.
وحين كان يتكلم جيمس بيكر عن هندسة العراق بعد الحرب ولم تنشب الحرب بعد، تصورت الجراح الذي يتحدث عن عملية زايدة بسيطة، أو فتح خراج، وترتيق جرح، وخطوات العلاج قبل أن يمد يده على المريض.
فهذه صحيحة، وهي تقودنا تلقائيا إلى النقطة الثانية، أن جوهر المشكلة ليس في إسرائيل بل فينا.
وحين تتحسن أحوالنا وهذه ستكون لأنها قدر كوني فلسوف تتدمر دولة بني صهيون... كان ذلك في الكتاب مسطورا...
وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا؟
وأما أهمية العلم فهي أكيدة ولا يتناقش حولها اثنان، ولكن يجب أن يتحول إلى نسق اجتماعي، وفكر ابن رشد لم ينفع حيث نبع وصدر، وكذلك كتابات ابن خلدون، حتى جاء توينبي فاعترف به، فاعترف له العالم ونفخ العالم العربي صدره زهواً بثقافة يجهلها، مثل أي بطران لم يتعب في ثروة أبيه المسكين المعتر الذي قضى حياته بخيلاً محروماً؟
وليس من عشرة أشخاص قرأوا (تهافت التهافت) لابن رشد أو (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال)، أو (مقدمة ابن خلدون) فضلاً عن تاريخه الضخم؟
وهكذا فلا يكفي مفكر من هنا ومفكر من هناك أن يكتب بأسطرهم قدر التغيير الاجتماعي، بل على العكس قد يجري حرق أوراقهم، أو ضرب مؤسساتهم بالرصاص.
وأما كيف يتحقق النسق العلمي الاجتماعي، بمعنى أن العلم يصبح دماً اجتماعياً في شرايين اجتماعية، من مؤسسات لانهائية لها، فجوابه ليس سهلاً وصناعته ليست سحراً، ولكنه قدر ومصير الأمم في التحول أن تحل عليها لعنة التاريخ أو بركته؟.
وكم من قرية نحن مهلكوها أو معذبوها عذاباً شديداً.
كذلك يجب فهم هذه الآلية على نحو دقيق، فكل حلقة مرتبطة بحلقات أخرى، وبالتالي فلا يمكن فهم آلة تعمل، فضلا عن عضوية تحيا، ومقدار السكر في الدم، والآحين في الدماغ، واليود في الدرق، والفوسفور والكلس في العظام، بدون التأكد من شغل غدة الكظر والإنسولين والكبد ووضع الهايبوتالاموس بل والوضع النفسي عموما!!
الأمر الثالث وهو أعقدها وأكثرها حساسية عن علاقة المثقف بالسلطة، لأن السلطة في العالم العربي في أزمة منذ أيام الانقلاب العسكري الأموي، وانتهاء عصر الرشد وبدء عصر الغي، وفي معركة صفين لم ينتصر أحد، وكما نعلم ولدت دولتان، لتنشطر لاحقاً إلى ثلاث سيامية، في الأندلس وبغداد والمغرب، لتلتهم لاحقاً وتذوب في بطن المنغولي الهمجي القادم من آسيا الوسطى.
وانقسم المجتمع الإسلامي ومازال مثل لعنة أمراض الكروموسومات إلى ثلاث فرق، من فرقة انتهازية، وأخرى (جيَّرت) الحكم لعائلة فنشأ التشيع والرضا لآل البيت، والفرقة الثالثة الدموية (الخوارج)، التي قام الإسلام السياسي اليوم بإحياء عظام أبي حمزة والأزارقة من قبورهم، وبذا زاد الاحتقان درجة، وماتت النفوس درجات، ونشأت الجملوكيات، مثل كائنات الهيبريد، وهي ليست نكتة بل حقيقة.
وفي علم النفس تتبادل التيارات النفسية التأثير والفعل، فهي ليست قوى استاتيكية جامدة، بل حركية أقوى من تيارات المحيط والنينو، فالإحباط يولد العدوانية، والعدوانية تقوم بالصدام، والصدام يولد مزيداً من الاصطدام وهكذا، وفي قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا.
خلاصة القول: العالم العربي يمشي في صيرورته التاريخية، وليس بدعاً من الشعوب، فالألمان البارحة كانوا يهتفون للعنصرية ويؤلهون هتلر حتى اختنق بالسم وتفجر رأسه بالرصاص مع العروس، والطليان بالأمس عبدوا الفاشية وموسوليني حتى علقوه مدلى عارياً مثل الخروف في المسلخ البلدي هو والحبيبة كلارا ميتاتشا.
وهذا يقول إن العرب سيتغيرون ويتعلمون، والويل للطغاة ودولة بني صهيون من يوم الحساب..
ويل يومئذ للمكذبين !!
إنهم يرونهم بعيداً ونراه قريباً، يوم يجعل الولدان شيبا، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى... فهذا هو قدر ودرس التاريخ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.