ليس غريباً عن أي مسؤول أو مستوطن اسرائيلي الظهور أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحافية ويقول مثل ما قال ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي إن جلعاد شاليط الأسير لدى حركة حماس أحق بالعطف والاهتمام من مليون ونصف عربي فلسطيني, ولم يعد يفرق بين اليمين واليسار الحاكم بالائتلاف في اسرائيل في السباق الشخصي والجماعي على ازدراء البشرية وتأكيد أحقية شعب الله المختار في حكم العالم كما كانوا يرددون ذلك من لحن التوراة المحرفة، أما كتابهم هذا فهو بريء من جريمة التمييز حتى في عهود الأنبياء الذين بُعثوا إلى بني اسرائيل الواحد تلو الآخر. ايهود باراك كان يصنف على أنه يساري معتدل تزعم حزب العمل بعد عدد من القادة السابقين الذين كانوا يعملون فقط من أجل قوة ونفوذ اسرائيل مع اليمينيين كل بحسب ما يجد من الأنصار للوصول إلى الفوز في الانتخابات وبمجرد جلوسهم على الكراسي في رئاسة الوزراء والوزارات تنمحي الفوارق الأيديولوجية والسياسية بينهم ويكتفون عند نقطة واحدة أساسها التلمود وهي اسرائيل الكبرى ومن لا يؤمن بذلك فهو معاد للسامية وإن كان من عرق يهودي لافرق إن جاء من بولندا أو المجر أو روسيا أو أمريكا أو من أي دولة عربية وغير عربية قبل وبعد نكبة 48, وحرب 67 وما بينها من حروب عدوانية كانت بعض نتائجها جلب المزيد من اليهود إلى اسرائيل من اثيوبيا وبعض الدول المجاورة ومن الدول العربية. ففي العراق سرق اليهود الذين قدموا مع الجيوش الأمريكية وحلفائها أهم وأكبر قدر من الآثار والتراث الثقافي اليهودي وغير اليهودي وذهبوا بها إلى تلك البلاد ولم يعرف عنها أحد إلا بعد أن أخذوا منها توثيقياً ما يمكنهم من الادعاء بأنهم أصل أهل العراق منذ النبي إبراهيم وأنهم قد تعرضوا للإبادة أيام الأشوريين والبابليين والمناذرة وكانوا يعرفون أن تلك الآثار والوثائق جيلاً بعد جيل من أصقاعهم بفضل المستشرقين والجواسيس . إن التعالي الوقح من باراك وفي هذه الأيام التي تواجه فيها اسرائيل حملة دولية ضاغطة بعد الاعتداء الصارخ على قافلة الحرية لكسر حصار غزة ولقي فيها أكثر من تسعة أتراك مصرعهم تلقى كل واحد منهم ثلاثين طلقة رصاص ومصادرة الحمولة بعد اقتياد السفن من المياه الدولية إلى ميناء اسدود الفلسطيني الأصل إنما يعكس الاضطراب وفقدان التوازن بسبب التنديد والغضب العالمي على تلك الجريمة التي مثلت استمراراً وإصراراً من قبل حكومة نتن ياهو على إبادة المليون ونصف فلسطيني الذين اعتبرهم باراك أرخص من جلعاد شاليط.