لم يحصل لزوجة طبيب (العينية) شيء يلفت النظر سوى تبدل ملحوظ في الشخصية, وعلى نحو محدد, سألته أنا: ماهي التصرفات التي لفتت نظرك؟ قال لي وهو يتنهّد: استولى عليها شعور غريب من الغيرة والزور, وهي الشك المفرط, وظن صاحبي أن الموضوع لا يزيد عن أزمة نفسية ولم يخطر في باله أن أورام الدماغ يمكن أن تحدث مثل هذا, ولم يقرأ ذلك في كتبه الطبية بصورة واضحة. وروى لي صديق آخر وهو طبيب أن صداعاً استولى على زوجته, وبالفحص تبين إصابتها بورم دماغي.. ولكلا السيدتين جرت عمليتان تكللتا بالنجاح, وظهر أن طبيعة الورم غير خبيثة, ولكن النهاية كانت مأساوية بسبب اختلاطات العمل الجراحي, فلايكفي في أورام الدماغ أن يكون الورم من طبيعة خبيثة, بل يكون أشد من خبيث حسب توضعه, وكل جراحة مجهرية على المنطقة تحمل قدراً من الاختلاطات. فأما السيدة الأولى فقد بقيت طريحة الفراش ومازالت تحتاج إلى الرعاية الأولية, وعجزت عن الكلام والحركة في سلاسل بيولوجية واجتماعية، وأما الثانية فرجعت إلى حياتها, ولكنها تترنح في مشيتها, وتزوج الرجلان عليهما ولاتفعل المرأة عادة هذا فهي أكثر وفاءً. وأنا شخصياً لم أكن أتصور نعمة التوازن حتى استيقظت ذات ليلة على دوار لا أنساه, فمع كل قلبة في الفراش كنت أتطوح فأمسك بطرف السرير مع أنني نائم مستلقٍ, فلم أصدق نفسي وتحاملت متحدياً الوضع, فدارت بي الأرض فسقطت وبدأت أحاول التمسك بأرض تدور بي, والحمد لله أنني نجوت منها بسرعة, وقيل لي يومها إنه التهاب فيروسي والله اعلم. وقبل أيام سمعت قصة شاب محزنة تعرض لعملية جراحية في البطن بسبب ورم لم يكن سليماً, وبعد عدة سنوات من الهدوء واعتياد الحياة من طعام وشراب ومتعة وفسحة, إذا به يتعرض لنوبة صداع مدمرة وبفحص الدماغ بالتصوير الطبقي المحوري ظهر وجود كتلة ضاغطة في الدماغ, وتشكك الأطباء ولم يجزموا بعد هل هي انتقال للورم الأصلي الذي بدأ رحلته من الأمعاء. وأشير إلى موضوع الصداع فهذا أمر عجيب يشبه ترموستات السيارة فأي اضطراب في أخلاط البدن يقود إلى الصداع, حتى لو كان اضطراباً في العادات الهضمية من إمساك أو إسهال ويقال إن هناك 99 سبباً للصداع, ولكن من المهم المحافظة على قاعدة ذهبية, وهي أن أي شكوى طالت أكثر من ثلاثة أسابيع واستمرت يجب أن تؤخذ على محمل الجد لكشف سببها, ومازلت أتذكر صديقاً لي أصيب (بالحزقة) وهي الحركة التي يفعلها أحدنا عندما تمتلىء المعدة بالطعام فوق العادة, ويقول الأطباء: إن سببها تخريش عصب الحجاب الحاجز فإذا استمرت طويلاً قد تكون مؤشراً لورم ضاغط. وأي فقدان في الوزن يجب أن يكون سببه نفسياً أو مرض السكر أو سرطان في القولون, أوقد يكون خلفه نشاط في الغدة الدرقية خاصة إذا ترافق مع تعرق شديد وارتجاف في الأصابع وخفقان في القلب. ونحن هدفنا من هذه المقالة ليس تخويف القارئ بل إنارته وتثقيفه بملاحظات بسيطة نختصر له فيها مشاكل كبيرة, وفوق كل ذي عليم عليم.