لا يدرك حجم المأساة إلا الذين يُشاهدون أحداثها أو الذين يذوقون عذاباتها, ولايدرك خطرها على المجتمع إلا الذين سمعوا عن أبرياء ذهبوا ضحايا لمأساة الثأر وهم في عمر الزهور. وقد لاحظ كثير من المتابعين لقضايا الثأر الحالات النفسية التي تخلفها قضايا الثأر في نفوس النشء, الذين يشاهدون جرائم الثأر في مناطقهم, وحذر من سكوت المجتمع على تنامي التأثيرات النفسية في غياب التوعية الإرشادية الدينية, التي ربما انشغل المعنيون بالوعظ والإرشاد عن هذا الواجب الديني والإنساني والوطني بأمور أقل أهمية من التوعية والإرشاد بمخاطر الثأر في المجتمع, ولذلك ينبغي للعلماء والخطباء والمرشدين إعطاء هذه المهمة القدر الكبير من الاهتمام والعمل على نشر الوعي الديني في أوساط المجتمعات الريفية وبيان موقف الإسلام من تلك الظاهرة وذكر المآسي التي تخلفها هذه الظاهرة. ولئن كان البعض في غفلة عن هذه الظاهرة سواء من العلماء أو المرشدين أو الخطباء فإن الالتفات إليها بات اليوم واجباً وفرض عين على العلماء والخطباء والمرشدين وكل قادة الرأي, لكي يتحمل الجميع جزءاً من المسئولية في سبيل مواجهة هذه الظاهرة والتحذير من مخاطرها, والدافع لمثل هذا القول هو: حضرت صلاة الجمعة في منطقة ريفية فوجدت الخطيب مفوهاً وعلى درجة من الفهم, ولكنه لم يسخر ذلك لخدمة المجتمع خصوصاً أن تلك المنطقة تعاني من آثار الثأر, بل كان يفترض أن تكون خطبته في هذا الموضوع, ولكني صدمت عندما سمعت موضوع الخطبة في الشأن السياسي الحزبي المثير للفتنة فحزّ ذلك في نفسي وقلت ماهو دور مكاتب الأوقاف والإرشاد في الإشراف على المساجد ومتابعة الخطباء وتوجيههم لما يخدم الناس ويعالج قضايا بدلاً من البحث عن مشاكل جديدة؟. كلي أمل في الاستجابة الكاملة من العلماء والخطباء والمرشدين وقادة الرأي لنقف صفاً واحداً في سبيل محاربة الظواهر المسيئة للدين والوطن وان يكون الواجب الديني والوطني همنا جميعاً بإذن الله.