كل شيء قابل للحوار أو حتى للمساومة إلا الوطن، فالوطن شيء مقدس لا يمكن السكوت عن كل ما يمس سلامة وأمن الوطن أو يضر بمصالحه العليا أو أن ينال من السيادة الوطنية، من خلال الخروج عن الثوابت الوطنية التي لم ولن نقبل المساس بها أو التعدي عليها إطلاقاً من أي كائن كان وتحت أي ظرف ومهما كانت المسميات . الاختلافات السياسية التي تحدث بين الأحزاب هي ظاهرة صحية وموجودة في جميع بلدان العالم ولكن هذه الاختلافات يجب أن تكون في إطار تحقيق المصلحة الوطنية، ولا ضير من هذه الاختلافات السياسية طالما ونحن في بلد قد اختار الديمقراطية منهجاً وسلوكا وممارسة، تحكمنا جميعاً بنود ونصوص القانون والدستور الذي أقره الشعب باستفتاء عام وبموجب ذلك أصبح الجميع ملزمين بالاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع. ولكن وبالعودة إلى موضوع الاختلافات القائمة بين الأطراف السياسية في بلادنا فإننا نجد أنها لا تستهدف تحقيق مصلحة الوطن بل أفرزت إشكاليات عديدة وتحولت بعضها إلى أعمال خارجة عن القانون والدستور الذي ينبغي أن يلتزم به الجميع، وما حرب صعدة والأعمال التخريبية في بعض مناطق المحافظات الجنوبية إلا نتيجة لغياب الوعي الوطني للأسف الشديد عند كثير من القوى السياسية في بلادنا لاسيما مماطلة البعض في الشروع بحوار جاد للوصول إلى رؤية توافقية لحل المشاكل القائمة خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا كمواجهة مخاطر الإرهاب والأعمال التخريبية في بعض المناطق. إذن نقول إن مسألة الاختلافات السياسية أمر وارد وطبيعي لكن يجب أن يكون الهدف النهائي لها في الأساس تحقيق المصلحة الوطنية ولا شيء غير ذلك، أما في حالتنا هذه فإن الاختلافات السياسية انحرفت عن مسارها الصحيح لتشكل بؤر صراعات وإشكاليات وجد فيها المغرضون فرصتهم في إذكاء الفتن والمشاكل التي برزت إلى السطح وتأجيج الاختلافات بين الأطراف التي كانت وكما ظهر في بداية الأمر وعلى أنها أمور سطحية لتصل حد الخروج عن القانون والقيام بالأعمال التخريبية، وبالإضافة إلى تمادي العناصر التخريبية والإرهابية في القيام بأعمال تخريبية سواء أعمال التقطع والتفجيرات في بعض مديريات محافظات لحج وأبين والضالع, أو غير ذلك تحت دعوات نشاز وعدوانية تهدف إلى العودة إلى الزمن التشطيري البغيض، وقد ترافق ذلك أيضاً مع الحملات الإعلامية العدائية من قبل بعض وسائل الإعلام والفضائيات التي لا تستند في أخبارها إلا على الإشاعات المضرة بمصلحة الوطن، كما حصل في قضية الطرود المشبوهة رغم أن اليمن يبذل جهوداً جبارة في محاربة الإرهاب وقدم تضحيات كبيرة مادية وبشرية في الحرب ضد الإرهاب وملاحقة وضرب أوكار وتجمعات العناصر الإرهابية لتنظيم القاعدة . وهنا لابد من استشعار جسامة تلك المخاطر التي تهدد سلامة أمن واستقرار الوطن وتعترض مسيرة التنمية والنماء وتعرقل تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية في عموم مناطق الوطن . وبما أن الجميع هم من بأيديهم مصلحة الوطن، وفي المقدمة قيادات الأحزاب السياسية سلطة ومعارضة، فإن المسؤلية الوطنية التاريخية تقتضي ضرورة الإسراع في الجلوس على مائدة الحوار الوطني والخروج بحلول جذرية شاملة لكل تلك الاختلافات عبر الحوار والحوار الوطني الشامل والأخذ برؤية فخامة الأخ رئيس الجمهورية بضرورة جلوس الجميع على مائدة الحوار الوطني الشامل وتغليب مصلحة الوطن على ما سواها لتفويت الفرصة على أعداء الوطن لتمرير مخططاتهم العدوانية. إن انطلاق الحوار من مسألة تغليب المصلحة الوطنية والقبول بآراء الآخرين وتغليب صوت العقل والمنطق وفي إطار الثوابت الوطنية وتحت مظلة الوحدة والدستور وبوجود إرادة جادة وصادقة من قبل الجميع حتماً سيؤدي إلى انتصار صوت العقل، والخروج برؤى توافقية ترضي جميع الأطراف، وتقدم الحلول لكافة الإشكاليات التي يواجهها الوطن في الوقت الراهن، وما أحوجنا اليوم ونحن نستقبل أيام إجازة عيد الأضحى المبارك لأن يستجيب الجميع لصوت العقل لبدء الحوار الوطني الشامل وفق ما تضمنته رؤية فخامة الرئيس التي نشرتها صحيفة "الثورة" مؤخراً حتى تكتمل فرحتنا بأيام العيد مع ابتهاجات أبناء شعبنا باستضافة فعاليات خليجي20... فهل سيستشعر الجميع مسئولياتهم الوطنية تجاه وطنهم ؟؟!.