الحرية في اللغة العربية تدل على نقيض العبودية، فالحر هو من ليس بالعبد. أما الحريات بمفهومها الحديث فلا وجود لها في اللغة العربية وهو ما يدل على أنها لم تعرف في الحياة العربية القديمة. والحرية بمفهومها المعاصر عند العرب مأخوذة من حيث دلالتها عن الانجليزية والفرنسية، فثقافة الحرية والحريات ثقافة مجلوبة بالكامل من خارج الثقافة العربية. المجتمعات العربية والحرية إلى عهد قريب كانت البداوة النقية مسيطرة على مساحات شاسعة من المجتمع العربي في صحاريه الممتدة من الجزيرة العربية إلى الواحات المصرية وجزيرة سيناء وإلى ليبيا والجزائر وموريتانيا. وحتى في المناطق الحضرية من العالم العربي رأى الدارسون أنها تجمعات سكانية رفدتها البداوة بالكثير من سكانها،فبقيت القبيلة طابعاً ثقافياً لهذه الحواضر. وهذه التجمعات القبلية، بدوية أو حضرية لها سمات أساسية تستبعد فكرة الحريات بمفهومها الغربي المجلوب، وطبقاً للدكتور مسعود ضاهر في كتابه (المشرق العربي المعاصر من البداوة إلى الدولة الحديثة) فإن المجتمع القبلي له سمات أساسية سأقتصر منها على ما يخص موضوعنا: 1 العصبية وروح الجماعة المتماسكة. 2 احترام عادات وتقاليد واحدة متوارثة. 3 التزاوج الداخلي القائم على أفضلية الزواج من بنت العم والإدعاء بوحدة الدم. 4 تحديد دقيق للهرم التراثي السلطوي داخل التجمع القبلي واعتراف الجميع به تحت طائلة العقاب. 5 الولاء للقبيلة دون سواها. 6 اقتصاد الكفاف اليومي أو السنوي وانعدام التخطيط بعيد المدى. 7 الاعتراف بسيطرة الذكر كعضو فاعل والنظرة الدونية إلى المرأة لما تسببه من عار للقبيلة في حالة سبيها في الحروب. 8 اقتصار الثقافة القبلية على مجموعة عادات متوارثة تشيد بدور القبيلة وتندد بأعدائها. وهذه السمات والخصائص تستبعد حرية الضمير(العقيدة) وحرية التعبير كما هو واضح في (2) وتستبعد حرية الانتماء كما هو في (5) وتفرض ولاء موحداً، ولا تتيح حرية اقتصادية كما هو واضح في (6) وتستبعد حرية الأنثى والحرية الجنسية كما هو في (3) و(7) وتستبعد حرية الفكر(8) وتستبعد الحرية السياسية(4).