وفقاً للنشاط السياسي الدولي فإن مؤتمراً للحوار سوف يبدأ عندما يطلق السيد “جون رينان” صفارته, وبصرف النظر عن القوام البشري لطاولة الحوار فإن محاور الحوار هي الأهم والتي لابد من إيلائها الاهتمام. ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن بيئة الحوار تقف على حقل ألغام لم يتمكن الوصاة من إزالة الألغام الخطيرة من متنها, ولذلك يبدو أن النجاح ولو بنسبة 50% سوف يكون مقبولاً, وإذا أراد السيد “رينان” رفع هذه النسبة فعليه تصفية آثار الذين مازالوا يحصلون على التمويل المالي لتمويل الفوضى والعنف. وإن المحاور التي نرى طرحها للنقاش والتي سوف تشكل مفتاحاً لحل الخلافات السياسية ولحل أهم الإشكاليات المرتبطة والتي نشأت بسبب حرب 1994م والحروب الآثمة التي نفذها الأئمة منذ القرن السادس عشر وشملت المناطق الغربية والجنوبية الغربية, هذه المحاور هي: أولاً: وحدة 22 مايو 1990م, والبحث بعمق سياسي خارج إطار العواطف والانفعالات وفكر “القداسة” وتغييب الحقوق عن حل ناجع وفاقي غير تلفيقي يضمن لكل الأطراف أو المكونات عبر شفافية سياسية حق الاختيار السلمي وسوف نصل إلى رؤية. ثانياً: الفيدرالية كواحد من الخيارات التوافقية الناجحة وغير المشروطة أو الجاهزة, فالأفكار والمبادرات حول الفيدرالية تقدم بدون الالتفات إلى أن كثيراً من المناطق ومنذ خمسمائة سنة وقعت ضحية الغزو والاحتلال وهي بحاجة لمن يصحح لها وضعها في إطار الوحدة التوافقية السلمية, ومازالت الحدود الجغرافية السياسية قائمة في الواقع رغم التقسيمات الإدارية التي خضعت لسياسة طائفية هدفت إلى إضعاف المناطق المحتلة وخلق حالة من التنازعات والتناحرات حول الحدود ومناطق نفوذ شيوخ الإقطاع السياسي.. والفيدرالية هي جوهر الشراكة السياسية الإيجابية وجوهر الاندماج الاجتماعي والتفاعلات والتأثيرات الاقتصادية والثقافية في إطار مجتمعات الفيدراليات. ولابد من طرح هذا المحور على بساط البحث مع طرح السؤال: لماذا وصلت الطبقة السياسية إلى هذا الخيار على الرغم أن الموضوع كان حاضراً وبقوة قبل وحدة دولة عدن المركزية المحكومة بإرادة الحزب الواحد (الحزب الاشتراكي اليمني) سابقًا ودولة صنعاء المحكومة بسلطة العسقبلي؟ ثالثاً: الفترة التكنوقراطية وهي التي تقف كبديل للخلافات السياسية القائمة وهي البديل الضروري للسلطة التنفيذية بشقيها, رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء, وتحدد هذه الفترة من (10سنوات) كحد أدنى و(25) سنة كحد أعلى مع تجديد أعضاء الحكومة نصفياً كل أربع سنوات وكلياً كل ثماني سنوات, وسوف يكون رئيس الجمهورية “بروتوكولياً” ويفضل أن يكون من الشخصيات القانونية, ومناقشة هذا المحور بعمق سوف يقود المتحاورين إلى اكتشاف عميلتين هامتين وجوهريتين وهما: (1) إزاحة العسقبليين وشيوخ الإقطاع السياسي ورموز الخلاف السياسي من واجهة العمل السياسي وسوف يفرض عليهم القيام بتصحيح أوضاعهم لتتلاءم مع الأوضاع السياسية الجديدة وهذه العملية ضرورية لإزاحة تأثير هؤلاء على السلطة التنفيذية التكنوقراطية. (2) الانتقال السلمي والسلس إلى متن الحكم المدني وهو الذي سوف يكون سداً منيعاً أمام تلك الطموحات المفرطة بالأنانية والتي تسعى إلى إعادة إنتاج الدولة الطائفية ومنظومتها السياسية العسقبلية الشمولية عبر المؤامرة والانقلابات, ونعتقد أن المجتمعات المكونة لهذه الجمهورية سوف تتنفس الصعداء وتنسى وإلى الأبد مساوئ وكوارث المركز السياسي الذي أدخل البلاد في حروب دمرت كل شيء وقتلت أحلام وخيالات الشباب. وبعد الوصول إلى تفاهمات حول هذه المحاور سوف يبدأ زمن السلطة التنفيذية التكنوقراطية, سلطة الفنيين والتقنيين والاختصاصيين حيث تزال آثار عدوان العسقبليين وشيوخ الإقطاع السياسي وكتلتي اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام, هذه السلطة التي نتمنى الحصول على أعضائها من بين النخب المثقفة والأكاديمية وعبر معايير ومفاضلات نزيهة بحيث نجتاز اختبار حكومة تكنوقراطية مستقدمة من الخارج. وبصرف النظر عن الانزلاق نحو خيار الحكومة المستقدمة فإننا وبحكم تجربة خمسين سنة سياسات فاشلة أمام (1) الاتفاق على المرجعية التي ستكون وظيفتها إقرار هذه الفترة واختيار أعضاء السلطة التنفيذية. يتبع..