قد يكون صحيحاً ما يقوله أو يدعيه النظام السوري بأن ما تعانيه سوريا اليوم هو نتيجة لمؤامرة دولية تريد من خلالها إجهاض المشروع القومي المقاوم وخلق نظام ضعيف ومهادن لا يقوى على مواجهة إسرائيل والمشروع الصهيوني في المنطقة وتتصدر هذه المؤامرة كما يزعم النظام السوري مجموعة من الدول التي تأتي في مقدمتها إسرائيل ودول الغرب وأمريكا وإذا سلّمنا جدلاً بأن ذلك صحيحاً وهذا ما قد يكون.. فمن الأجدر والأولى للنظام أن يوجد الجبهة الداخلية وأن يكسب شعبه بالمزيد من السلوك الديمقراطي وإبعاد الشلة والمتنفذين الذين عاثوا في سوريا فساداً وجعلوا من سوريا مزرعة خاصة بهم حتى وصل الشعب السوري إلى مرحلة لا يقوى فيها على الصبر لأنه عانى الكثير من الممارسات الفجة والاستعلائية التي كان يمارسها النظام وأزلامه من المتنفذين فقد كان المواطن السوري يُعامل معاملة فيها الانتقاص والسخرية والإذلال وإجباره على أن يكون طيعاً لسيده الحاكم ومن يدور في فلكه وهذا ماهو شائع وممارس في وطننا العربي الكبير، فليس هناك من بلد عربي يخلو من مثل هذه الممارسات الاستعلائية من نظامه ومن المقربين منهم والذين نهبوا الشجر والحجر وأثروا ثراءً فاحشاً وصل إلى حد السفه أفقروا شعوبهم ونهبوا أموالهم وظل المواطن العربي يعاني من الفقر والعوز بينما مئات المليارات من الدولارات مودعة في بنوك أوروبا وأمريكا تستفيد منها دول وشعوب أخرى وعلى حساب الشعوب العربية، لذا فإنني سوف أعود للموضوع الذي طرحته في بداية سطوري هذه وهو بالرغم ما يقوله نظام دمشق وما يروّج له فإن كل ذلك لا يبرر مثل تلك الأفعال والأعمال الهستيرية التي ستعيد سوريا إلى أكثر من مئة سنة للوراء، إن كانت هناك مؤامرة كما يدعي النظام فهل للشعب السوري أن يدفع الثمن؟ ما يقارب من ستة ملايين سوري تقريباً حتى الآن مشردون ونازحون ولاجئون في أقطار مختلفة آلاف القتلى ذهبوا ضحية جنون نظام لم يتورع حتى عن قتل الأطفال والشيوخ والنساء.. مجازر بشعة ترتكب في حق الشعب السوري تحت مبرر المؤامرة، مدن دمرت، شوارع ومؤسسات ومبانٍ عامة وخاصة أحرقت وسويت بالتراب، فهل المؤامرة التي يدعيها النظام تجيز له أن يفعل ذلك بالشعب السوري المنكوب والذي لن يطالب سوى بحقوقه المشروعة التي كفلتها له الشرائع الوضعية والسماوية، وهنا يتساءل المواطن العربي بل وغيره ممن يشاهد القنوات الفضائية التي تبث الصور التي يندى لها جبين الضمير العربي والعالمي لأنه لم يحرك ساكناً وهو يرى أطفال ونساء وشيوخ سوريا يُذبحون كما تذبح النعاج في المسالخ، أليست مؤامرة أن يقوم النظام بدك وتدمير مدن وقرى سوريا بمبرر قصف الإرهابيين حتى طائراته تحركت فوق سماء سوريا لتساهم بنصرة العمل القومي الذي يدعيه النظام لتسقط حممها على مدن سوريا وقراها تلك الطائرات التي لم تتحرك ولو لمرة واحدة منذ أن احتلت الجولان السورية من قبل العدو الصهيوني. أليس الأجدر بنظام دمشق أن يعالج المشكلة بطرق وأساليب أخرى تجعل من الشعب السوري يتعاطف معه والعمل سوياً من أجل إفشال المؤامرة التي دك من خلالها النظام سوريا ريفاً وحضراً.؟ أليس هناك عقلاء في نظام سوريا ينصحون رئيسهم بأن ما يقوم به النظام يقوي المؤامرة التي يدعيها ولا تخدم النظام، أليس هناك عقلاء في الجيش والنظام يقولون: كفى تدميراً لسوريا وقتلاً وتشريداً لشعبها؟ ومن العيب والخطأ أن يستقوي النظام على شعبه بدول أخرى كإيران وروسيا، فلو عاد نظام سوريا إلى جادة الصواب واستخدم العقل والمنطق ومصلحة البلد لعمل على احتواء المشكلة من خلال الإصلاحات الحقيقية لا الترقيعية وعمل على إبعاد بؤر الفساد التي كانت سبباً في اشتعال الثورة واستخدم الأساليب التي تجنب الشعب السوري وقرر الانحياز للشعب.