طالعتني صديقتي وهي ترتشف فنجان القهوة غاضبة «تعبت من هذه البلاد..اصبحت ثقافة غريبة تتحكم فينا حتى البسطاء منا» هدأت من روعها قائلة :لا تهتمي أصبحنا جميعنا نعاني، هي ثقافة جديدة وكلها تخلف في تخلف..وضعت فنجانها وبغضب قالت:حتى أنت !! جميعكم تتحدثون عن المخلفات ! نحن المتعلمون والذين يجب علينا نبذ هذه الثقافة نستسلم ونردد هذه العبارات التي تغرقنا في التخلف أكثر! لا يا آمال غير مقبول بالمرة ما تقولين !! نحن نربي أجيالاً فإن كنا سنسلم بهذه الثقافة فماذا سنترك لأولادنا ومن نعول عليهم بناء المستقبل؟! لابد من ثورة جديدة، ثورة يتبناها الإعلام لكي نخرج من عنق الزجاجة..لكي نبني وطناً خالياً من الحقد والبغضاء لابد ان نحمل فكراً نيراً أساسه الانفتاح على الآخر وعدم دفن رؤوسنا في التراب عندما نواجه مشاكلنا. خرجت هي ولم أنم أنا،نعم صدقت يا عزيزتي، كثيراً ما تردد على مسامعي هذه العبارات والمصطلحات الرنانة ،مخلفات الإمامة ... مخلفات الاستعمار... مخلفات النظام...مخلفات بقايا النظام، عالم من المخلفات هذا ما دأبت عليه وسائل إعلامنا وكرست إمكانياتها البشرية والمادية على ترسيخه لدى المجتمع طيلة خمسين عاماً، فمنذ اندلاع ثورات اليمن بدأ إعلامنا يبث ثقافة المخلفات ويرسخها في عقول ومفاهيم المجتمع حتى أصبحت ثقافة المجتمع مرتبطة بأسوأ ما في الماضي، متناسين بأنه لا يوجد نظام في العالم يمكن أن يحُكم عليه بأنه إيجابي أو سلبي بأكمله وأخذ إعلامنا يغرد خارج السرب وبعيداً عما هو مرجو منه وظل في عالم الماضي بوجه ومتغنياً بنظام الحاضر في وجهه الآخر، في حين كان الأجدر به القيام بما هو أجدى وأنفع للمجتمع من توعيه ونشر للثقافة وبناء للعقل والفكر وإيقاظ وشحذ للهمم لبناء الوطن والإنسان للخروج من الثالوث المخيف الفقر والجوع والمرض.. واليوم وبعد مرور نصف قرن مازلنا في نفس الثالوث مع فرق بسيط هو الانتقال لمرحلة جديدة من ثقافة المخلفات ... مخلفات النظام وبقايا النظام يا للعجب !!! ثوراتنا ارتبطت بالبكاء واللطم على سلبيات الأنظمة الساقطة وعيوبها، لماذا عجلة الدوران بعكس التيار؟ لماذا طاحونة الهواء تدور نحو الخلف؟ متى نفهم بأن الثورات تقوم للتغيير والبناء للتطلع لمستقبل أفضل لرسم لوحة مشرقة لبناء الإنسان والأوطان.. نقول بأن لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له ولكن دون أن ندفن أنفسنا في ماضينا، دون أن نظل نبكي على اللبن المسكوب، دون أن نعيش في الماضي وننسى الحاضر والمستقبل.. يجب أن نقف وقفة جادة وحقيقية.. كفانا مخلفات ثقافية ... كفانا نبشاً في الماضي، اصبحنا بحاجة لانطلاقة حقيقية ... لرؤية مستقبلية لإقفال ملفات الماضي ... لنبذ زرع الأحقاد وتأجيجها، أصبحنا بحاجة لثقافة المستقبل، أصبحنا بحاجة لإعلام بنّاءٍ هادف يلم الصف ويجمع الشمل، أصبحنا بحاجة لثورة إعلام. ودمتم ،،، [email protected] رابط المقال على الفيس بوك