يعيد التاريخ نفسه عند من لا يقرأه، ففي العام 1990م وتحديداً22 مايو نستذكر مقولة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، عندما تحدث عن الوحدة اليمنية: "كل ما فعله اليمنيون هو إزالة هذا البرميل والذي كان يفصل وطناً وشعباً وإنساناً". برميل قسَّم الوطن والشعب، ولكنه لم يستطع أن يفرق وحدة الإنسان، واحتجنا إلى ثمانية وعشرين عاماً لإزالة البرميل. فمُنذ قيام ثورة سبتمبر 1962م ونحن نناضل من أجل تحقيق أهم هدف من أهداف الثورة اليمنية وهو تحقيق الوحدة اليمنية..وبعد عقود من الزمن تحقق الهدف بإزالة البرميل. اليوم يحاول التاريخ أن يعيد نفسه بصورة أكثر بشاعة وقسوة،فصنعاء عاصمة وحدة اليمن تقسمها ثلاثة براميل.. برميل للزعيم وبرميل للواء وبرميل للشيخ. صنعاء مشطورة ومقطعة أوصالها.. في ظاهر الأمر أن الأزمة تلاشت وأن الدولة هي من تحكم وتفرض سيطرتها حتى وإن كان على عاصمة فقط، ولكن حقيقة الأمر أن الدولة بأجهزتها الأمنية والدفاعية ما هي إلا صورة ديكتاتورية تخفي وراءها الحقيقة المُرّة. فأزمة الربيع العربي لم تخدم الوطن ولا الإنسان، فعلى الرغم من إيماني ويقيني بأن التغيير سنّة الله في الأرض، وأنه السبيل نحو تحقيق الأفضل، إلا أن ما آلت إليه الأمور خيب الآمال، ففي الوقت الذي كنا نطمح فيه إلى تعزيز أواصر الأخوة والمحبة وتعميق الوحدة الوطنية في نفوس البشر قبل جغرافية الزمان والمكان، إلا أن النتائج وما فعله مشائخ وجنرالات الحرب مخيف ويثير القلق والرعب. ولو أخذنا صنعاء أنموذجاً لبقية محافظات الجمهورية لوجدنا أن المجتمع الصنعاني أصبح ثلاثة أقسام، كل منهم يتبع برميله، ومستعد لأن يقيم حرباً طاحنة تأكل الأخضر واليابس من أجل عزّة وكرامة وهيبة هذا البرميل. تجاوز البشر حدود الأرض وعبروا القارات ووصلوا إلى كواكب ومجرات لآفاق جديدة، وأنتم تعجزون عن تجاوز براميلكم!! جاءتكم فرصة الحوار فتحاوروا واتفقوا وأزيلوا براميل شطَّرت قلوباً وفرقت أرواحاً، وهمّوا لبناء غد مشرق لفلذات أكبادكم. [email protected]