من المسلمات التي لاتحتمل الجدل الطويل هو أن الشخصيات المائلة إلى تدبير الانقلابات لايمكن ألا تأخذ الاحتياطات اللازمة لانتصارها أو اخفاقها قبل تنفيذ الانقلاب، وتنطبق هذه المسلمات على الانقلاب الذي نفذه علي ناصر محمد في 13يناير1986م بعد تخلصه من أهم خصومه وخصوم أنظمة الحكم المجاورة في الشمال اليمني وشمال شبه الجزيرة والإدارة البريطانية والإدارة الأمريكية وهم عبدالفتاح إسماعيل ومحمد صالح مطيع ومحمود عشيش ومحمد سعيد عبدالله (محسن) وهي الخطوة التي أتاحت له الافلات من الرقابة اللاصقة لتجارة الأسلحة السرية التي كان يمارسها مع فريقه الأساسي المكون من محمد علي أحمد وفرحان وسالم الأحوس المقيم في تعز. وكان علي ناصر قد أغرق الخزانة العامة بالديون العسكرية السوفيتية وأشبع المخازن العسكرية بالأسلحة والتي تدفقت في ظروف تصاعد عمليات مرتزقة المخابرات الأمريكية في أفغانستان وهو الأمر الذي وسع من مساحة تجارة هذه الأسلحة.. وفي الخزانة العامة فتح حساب خاص بإيرادات تجارة الأسلحة والتي لم يكن بالإمكان التصرف بها بغير معرفة الدولة ورئيسها وأعتقد أن علي ناصر وفريقه التجاري والسياسي والأمني قد سحب ملايين الدولارات من الخزانة العامة ونقلها معه إلى صنعاء اضافة إلى ما حصل عليه من الجارتين الشماليتين لقاء تنفيذه الانقلاب وتصفية الخصوم وتدمير الحزب الاشتراكي. وبعد 1986م اشتغل ناصر وفريقه بتجارة الأسلحة من مقر اقامته الجديد في صنعاء بالشراكة مع علي عبدالله صالح وبواسطة بعض العناصر اللبنانية مستغلاً علاقته بإدارة الاتحاد السوفيتي التي كانت على وشك الخروج من السلطة ومن مصلحتها جمع ملايين الدولارات جراء بيعها للأسلحة السوفيتية التقليدية المكدسة في المخازن والسائبة في ظروف الفوضى التي اجتاحت السلطة هناك. وأدرت هذه الصفقات مئات ملايين الدولارات لهذه المجموعة التجارية، غير أن علي عبدالله صالح مستغلاً المناخ الجديد استطاع اقصاء علي ناصر وفريقه والاستيلاء على رأس مال الشركة مطيحاً بشركائه إلى خارج المتن خاصة وأن محمد علي أحمد انضم إلى حكومة البيض بعد 21مايو 1994م كوزير للداخلية أما الثاني فقد اكتفى بما حصل عليه من فتات علي عبدالله صالح. وقبل انتهاء العمليات العسكرية في الجنوب سنة1994م ولتزداد المحرقة اشتعالاً أصدر علي عبدالله صالح توجيهات بالسماح لنهب المعسكرات والممتلكات العامة والخاصة في الجنوب، وبموجب هذه التوجيهات تشكلت شركات النهب من بعض القيادات العسقبلية وبعض شيوخ الاقطاع السياسي وبعض شيوخ الاقطاع الديني على طول وعرض المحاور القتالية وبالتوافق بين كل الأطراف، فمثلاً محور كرش تخصص فيه 1 - عبدالولي الشميري 2 - علي حنش 3 - عبدالرزاق الخليدي وآخرون أصبح أحدهم من كبار التجار وجميع المذكورين تحولوا إلى تجار وأصحاب عقارات وبحسب الكشوفات التي عرضها أحد المستفيدين من الفيد فإن قيمة الأسلحة التي كانت بمخازنه ونهبت بعدئذ بناءً على تعليمات علي عبدالله صالح تقدر بحوالي ثمانية وستين مليار ريال(68مليار ريال) ويقول هذا المستفيد بأنه حاول متابعة التعويضات عبر علي صالح الأحمر الذي كان على اطلاع بموضوع كمية الأسلحة وطريقة نهبها.. وبحسب المعلومات فإن تاجر السلاح السوادي وشريكه علي الجائفي امتلكا أسلحة تم تخزينها في (هنجرات) على امتداد مايقرب من كيلومتر مربع في أرض من محافظة البيضاء(محور مكيراس للنهب). وهذه الأسلحة المنهوبة كانت تمتلكها القوات المسلحة لجمهورية اليمن الديمقراطية سابقاً حيث قدرت قيمتها من خلال الديون العسكرية المتراكمة بحوالي خمسة مليارات دولار(5مليار دولار) ووقعت هذه الأسلحة في أيادي المستفيدين الذين استفادوا من أثمانها عبر آلية رسمية عرفت بإعادة بيع الأسلحة الثقيلة إلى وزارة الدفاع والحرس الجمهوري والقوات الخاصة بمعرفة علي عبدالله صالح. رابط المقال على الفيس بوك