أملنا كبير أن لا تكون المرحلة الانتقالية الحالية امتداداً للمرحلة الانتقالية التي أعقبت قيام الوحدة اليمنية.. وأن يجرى الحوار السياسي بين أطراف المؤتمر المختلفة في أجواء تنافسية هادئة وخالية من التوترات الغاضبة حتى لا يتحول الحوار إلى سباق على عام 2014م كما كانت الفترة الانتقالية التالية للوحدة سباقاً على انتخابات 27ابريل 93م أقول ذلك وأملي كبير بأن متحاوري اليوم يمتلكون من التجربة والخبرة العملية ما لم يتوفر لشركاء الأمس الذين دفعتهم الأطماع السياسية إلى استبدال منطق الشراكة بمنطق الرغبة في الانفراد بالسلطة وما أسفرت عنه من تقديم للأساليب الضيقة على الأساليب السلمية لأن متحاوري اليوم هم امتداد موسع لحلفاء الأمس الذين تحولوا إلى خصوم فرضوا على الوطن والشعب اليمني الدفاع عن الوحدة والرغبة في الانفصال بالقوة. لأن الغضب لا ينتج عنه إلا الاقتتال عكس الهدوء والقناعة المكرسة للأمن والاستقرار ولأن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني ينتهجون العقلانية مضافاً إليها الرعاية الدولية لا يمكنهم انتهاج الأساليب المجنونة استفادة من الحكمة المنسوبة “لألبرت انشتين” القائل “ إن الغضب لا يسكن إلا في صدور المجانين”. أقول ذلك وأنا على يقين أن بين الهدوء وبين الحوار علاقة جدلية مثمرة ومنتجة للوئام والحب والسلام. إذا ابتعد المتحاورون عن لعبة الشطارة وانتهجوا الموضوعية والقناعة.. العقلانية التي تشرع للمواطنة المتساوية والشراكة في السلطة والثروة وابتعدوا عن الشطارة التي تشرع للانفراد بالسلطة وتفصل الحلول الدستورية والقانونية والتنظيمية على مقاسات الأحزاب والتنظيمات السياسية. بدلاً من تفصيلها على مقاس الشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في المواطنة المتساوية. اعترف أن ما دفعني إلى الكتابة عن هذا الموضوع انطباعاتي الأولية عن الأوراق المقدمة لحل القضية الجنوبية التي تحاول بقصد أو بدون قصد محاكاة الماضي وتقليده من حيث تقليب المواجع والصفحات المؤلمة وما يترتب عليها من الذكريات المثيرة للأحقاد والأحزان الناتجة من حب الأنا.. ومرض الأنانية أنا وحدي على حق مطلق والآخرون على خطأ مطلق أنا وحدي الصادق مطلق والآخرون كاذبون بالمطلق في لغة شمولية تتحدث عن الديمقراطية بلغة شمولية.. لأن المطلوب هو الالتزام النسبي بالمنهج العلمي بفقراته ومتوالياته الثلاث: 1 التشخيص العلمي الدقيق للمشكلة. 2 البحث الدقيق عن الحل العلمي للمشكلة. 3 الاستعداد الجماعي لوضع الحلول العملية موضع التطبيق طبقاً لما ينتج عن الإرادة الشعبية.. بمعنى الأوراق التي اطلعت عليها بعجالة عبارة عن تسويق للمشكلة من زاوية ضيقة تلقي بالمسؤولية على الآخر وتعفي نفسها من الشراكة في تحمل المسؤولية وتحاول تسجيل الموقف الذي يحقق لها الغلبة المستقبلية في الانفراد بالسلطة بأساليب غير ديمقراطية . لا أعتقد أن هذا النوع من الأوراق والكتابات والآراء الحوارية هي المطلوبة للمساهمة في حل القضية الجنوبية وغيرها من القضايا الحوارية المطروحة في المحاور التسعة التي تحتم على الفرق التسع التفكير بلغة مشتركة تأخذ بأفضل الحلول المناسبة في لحظة حاضر موضوعية مستوعبة لما كان سائداً في الماضي ولما نحن بحاجة إليه في المستقبل ومثل هذا التفكير الحواري الباحث عن الحلول العلمية والعملية الجادة لا يمكن أن يكلل بالنجاح ما لم تقتنع جميع الأطراف بأن الوطن واحد والشعب واحد والسلطة والثروة للجميع.. أما الحكام فهم خدام للشعب والوطن وليسوا متسلطين عليهم في حالة تنافس على أكبر قدر من الانفراد بالمصلحة الذاتية المكبلة بطغيان الأنا ومرض الأنانية أقول ذلك وأنا على يقين بأن الحوار يحتاج إلى قدر معقول ومقبول من الثقة المحلقة بجناحي المصداقية والموضوعية في التقييم والتقويم، بعيداً عن الإقصاء والمجادلة الدعائية. وأول ما يتوجب على أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أن يقفوا أمامه بروح الفريق الواحد معرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت الشيخ أحمد بن صريمة يغادر اليمن غاضباً معلقاً مشاركته في الحوار الوطني إلى حين والمبادرة الفورية للتواصل معه وإعادته إلى القبول بتحمل مسؤولياته في المشاركة الحوارية حتى لا يكون موقفه بداية سالبة تفتح الباب والمجال لغيرها من الانسحابات بصورة غاضبة وعابثة وغير مستحبة بأي حال من الأحوال لأن المستفيد منها في حالة الإهمال واللامبالاة سيكون الطرف المطالب بفك الارتباط وإعادة الوطن والشعب اليمني إلى ما قبل الوحدة والديمقراطية. ولابد أن يترسخ في أذهان المتحاورين بأنهم لا يمثلون أنفسهم وأحزابهم فحسب بقدر تمثيلهم للشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة والوحدة والديمقراطية والدولة المدنية الحديثة وسيادة القانون مدركين سلفاً أن مواقفهم اليوم سوف تتحول إلى مواقف تاريخية مشوبة بالثقة والأمل والعظمة وقد تكون مواقف غير مسئولة ملطخة بالخزي والمهانة التي تؤدي إلى الإحباط واليأس.. لأنهم يتحملون مسئولية الارتقاء بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة إلى ما دعت إليه من حلول تحفظ للشعب اليمني وحدته وأمنه واستقراره.. ولهم في ذلك كامل الصلاحيات التي يذودون فيها بوعي عن البدائل لكي يستقروا عند الأفضل من الآراء أياً كان مصدره، نظراً لما يتموضع فيه من بديل مناسب لتشخيص المشكلات وتوصيف الحلول وتنفيذها في آن. بوحي من مقتضيات ما تكون لديهم من الخبرة والقدرة التي تراكمت فيها التجربة الطويلة.. وعوداً على بدء لابد من استبعاد الغضب وتحاشي الأفعال وردود الأفعال المحركة له واستبداله بما يحتاجه الحوار من أجواء عقلانية مرتبطة بأعصاب هادئة وصادقة. لأن الشعب اليمني الذي تجرع المرارة والمعاناة الاقتصادية والأمنية لم يعد لديه استعداد لتقديم المزيد من التضحيات بعد أن استنزفت الأزمات السياسية المتلاحقة أجمل ما لديه من الخبرات والممكنات المتاحة.. وبات قاب قوسين أو أدنى من الإحباط الذي لا ينتج عنه إلا ما هو ذميم وقبيح من اليأس القاتل لأن مسؤولية أعضاء مؤتمر الحوار الوطني مجتمعين تحتم عليهم إعادة الاعتبار المفقود لما لصق بالتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرفية الصحافة والسياسة والتجارة وحقوق الإنسان من ممارسات خاطئة وفاشلة دمرت الكثير من الطاقات والإمكانيات في متاهات الصراعات والحروب العبثية الدامية والمدمرة التي يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها سوى أعداء الحياة والوحدة والحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحققة للرفاهية والسعادة المعيشية وفق ممارسات تجعل السياسة في حالة عداء للاقتصاد .لا ينتج عنها سوى المزيد من الفقر وما يصاحبه من الآلام والاحزان. رابط المقال على الفيس بوك