رغم ما تم إنجازه في إطار التسوية السياسية القائمة إلا أن كل المؤشرات تدل على أن هذه التسوية ما زالت محاطة بالمخاطر..، ولا يزال القلق يختمر في نفوس اليمنيين في ظل الوقائع والأحداث التي تشهدها البلاد وعلى أكثر من صعيد واتجاه.. قرابة الأربعة أشهر مرت على بدء انطلاق مؤتمر الحوار الوطني، ومع كل يوم يمر تزداد الأمور ضبابية، وتتجه المكونات السياسية والمدنية المشاركة في أعماله صوب اتهام بعضها البعض، وكأن الأمور ما زالت في بدايتها، ولم تنجح الأربعة الأشهر الماضية من عمر هذا الحوار في تقريب وجهات النظر وإنهاء حالة الاحتقان القائمة بينها!.. زادت الاحتقانات بين بعض المكونات الحزبية والمدنية لا سيما بعد تقديم رؤاها المتضمنة أسباب وجذور مجمل الاشكالات محل البحث والمناقشة وأيضاً رؤاها حول مستقبل البلاد..، وهي الرؤى التي اختلفت في مضمونها وذهب بعضها يتهم أطرافاً سياسية ويُحملها مسؤولية ما وصل إليه المشهد السياسي، وما وصل إليه حال البلاد والعباد.. لقد أسهمت تلك الرؤى في زيادة الاحتقان، وبدلاً من أن تقرب الآراء حولها وتدفعها لمناقشتها بكل الصدق والمسؤولية، رأينا جلسات الحوار تتحول إلى تبادل للاتهامات، وإلى محاولة البعض وضع التعقيدات والتهديد بالانسحاب من أعمال المؤتمر وضرب كل ما تم إنجازه وتعطيل كل شيء!.. أصبح أو تحول مكان انعقاد مؤتمر الحوار الوطني إلى ساحة مفتوحة لاستعراض العضلات وتبادل الاتهامات بالاستحواذ والهيمنة على فعاليات ومقررات الحوار، وتوظيفها بما يتناسب وأهداف البعض وإفراغ المؤتمر من معناه وهدفه الرئيسي المنعقد من أجله!.. ولا شك أن ما شهدته أعمال الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني من مشادات كلامية كادت تصل إلى الاشتباك بالأيدي وطرد بعض الأعضاء، ومن معارضة البعض لطبيعة النقاش القائم حول تقارير فرق العمل وما تضمنه من استخلاصات لعملها خلال الشهرين الماضيين يبعث على القلق وخاصة في ظل الإصرار غير العادي للبعض على ضرورة تنفيذ ما يراه دون الآخرين، وبعيداً أيضاً عما تضمنته التقارير النهائية التي توصلت إليها فرق العمل التسع المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني.. لقد اختلط الحابل بالنابل على أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وبدت الوقائع والأحداث التي يشهدها الواقع الوطني وما تسببت به من أحداث مؤسفة تطغى كلياً على أعمال المؤتمر وأهدافه وعلى برنامجه الواسع والكبير الذي يتعين إنجازه خلال فترة الستة الأشهر المحددة لانعقاد المؤتمر.. وجد أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أنفسهم أمام قضايا بعيدة عن أعمال المؤتمر نتيجة التراخي الأمني وعدم قيام الحكومة وأجهزتها الأمنية بمهامها في إنهاء الانفلات الأمني وضبط الأمن والاستقرار وتوفير الأجواء الآمنة والصحية لأعضاء مؤتمر الحوار لمناقشة مجمل القضايا الوطنية بمسؤولية وصياغة المستقبل برؤى تجمع ولا تفرق، توحد ولا تشتت، تبني ولا تهدم، وتتجه بالوطن وأبنائه صوب الغد الآمن والمشرق سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعلى كافة المستويات.. التسوية السياسية لا تزال هشة، وقد تنفرط حبالها إن استمر البعض في حالة صدام مع ما يدور في المؤتمر وما يشهده الواقع خارج المؤتمر..، وهنا ينبغي على الحكومة أن تسهم بفاعلية في إنجاح المؤتمر وضبط الحالة الأمنية ومساعدة المتحاورين في تحقيق الأهداف المرجوة من مؤتمر الحوار الوطني، والتخلص من حالة اللامبالاة التي وضعت نفسها فيها وبدت وكأنها تغرد خارج السرب الوطني!.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك