من الطبيعي أن تتمخّض عن مؤتمر الحوار الوطني مخرجات عديدة من أهمها بناء الدولة وشكلها، وصياغة دستور عصري يلبّي حاجات اليمنيين وإشباع رغباتهم في خلق دولة يمنية حديثة تستند على المواطنة المتساوية واحترام النظام والقانون.... إلخ، وإبعاد كل القوى المتنفّذة التي أفسدت سواء كانت قبلية أم عسكرية، إلى جانب العديد من المخرجات التي يتطلّع إليها كل اليمنيين في بناء مستقبل يمني أفضل يعيد الاعتبار إلى كل اليمنيين الذين انتهكت حقوقهم، وتمرّغت كرماتهم من حفنة قليلة من المتنفّذين والذين سطوا على الثروة والمال والجاه، وخلقوا من أنفسهم بذلك شيئاً؛ وهم لا شيء في حقيقة أمرهم، ومن خلال تلك الأوضاع المغلوطة التي كانت قائمة لم تستطع اليمن أن تنهض من مكانها فظلّت حبيسة الفقر بسبب تخلّف اقتصادها بفعل الفاعلين الذين كانوا قائمين على مقدّرات البلاد والذين كانوا يجرّعون الشعب صباح مساء الشعارات المطاطة التي تتنافى مع الواقع الاقتصادي المعاش والذي انعكس سلباً على حياة الناس؛ وكان نتيجة ذلك أن ازداد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً بفعل ذلك الواقع المغلوط والذي كان انعكاساً لواقع الدولة الضعيف سياسياً واقتصادياً، وكان كل ما تقدم هو الحاضر في قاعة مؤتمر الحوار الوطني الذي كان الهدف من انعقاده هو تصحيح تلك الصورة القاتمة التي عاشتها اليمن خلال العقود الماضية والتي جعلتها تتبوأ مؤخرة دول العالم اقتصادياً وتكنولوجياً؛ بل كل مناحي الحياة ومناشطها. وهاهو مؤتمر الحوار يخطو الخطوة الأخيرة في النجاح من خلال المخرجات التي بشّرنا بها المؤتمرون وأهمها صياغة الدستور العصري، وبناء دولة مدنية حديثة. وإلى هنا والأمور تسير بصورة جيدة ومُرضية، ويعتبر كل ذلك الخطوة الأولى في طريق النجاح؛ إلا أن الأهم بعد أن ظهرت مؤشرات نجاح المؤتمر من خلال ما صاغه من برنامج شامل لمجمل الحياة الاقتصادية والسياسية وكل ما يهم الحياة اليومية للمواطن نتساءل: هل وضع المؤتمرون تصوراً يكون نافذاً للآلية التي سيتم من خلالها تنفيذ كل المخرجات وتطبيقها في الواقع العملي والحياتي، وهل وضعت الضمانات القوية والتي ستقف أمام من يريد إفشال كل ما خرج به مؤتمر الحوار الوطني..؟!. لأن هناك قوى متضرّرة من مخرجات الحوار، وهذا أمر لا يستطيع أحد نكرانه لأنهم يكونون قد فقدوا مصالحهم السياسية والاقتصادية؛ ومن خلال ذلك سيعملون كل ما في وسعهم على إفشال أي نجاح، والكل يدرك ذلك، لذا فإن المسؤولية الوطنية تحتّم على كل فرد في مجتمعنا أن يكون عوناً وسنداً في إنجاح كل مخرجات الحوار، فبنجاحه نجاح للمشروع اليمني الحديث الذي يناضل من أجله كل شرفاء الوطن، وهو فرصة ثمينة لا يمكن أن تعوّض مرة أخرى. لذا أقول: إن على كل القوى الوطنية والحيّة وكل مكوّنات المجتمع أن تتوحّد في رؤاها إزاء هذا المشروع التحديثي للدولة اليمنية، وأن يضع الجميع مصالحهم الحزبية والمذهبية والمناطقية بعيداً في سبيل الخروج بموقف موحّد وقوي؛ لأن القوى المتربصة بإفشال المشروع قوى تمتلك من القوة المادية وغيرها على إفشال ذلك مالم تُواجه بموقف رادع وقوي يحدُّ من قدرة تلك القوى على الحركة. رابط المقال على الفيس بوك