تبقى القبيلة طامتنا الكبرى في الشمال والجنوب معاً؛ لأنها ضد التطوُّر وقيم الحداثة، وهي تمثّل المرض العضال بالنسبة للجسد اليمني، ولعل الأسوأ هو أن القبيلي لا يحس بتخلُّفه. لكن القبيلة في الجنوب سرعان ما تمكن القانون من تهذيبها أيام الحكم الاشتراكي؛ إذ توافرت نيّة النظام حينها - وقد أبلى في هذا المضمار بلاءاً لا بأس به - وذلك على عكس القبيلة في الشمال، حيث إن معظم بيوت المشائخ مازالت مأوى للخارجين عن القانون. بل يحدث أن تسمع إشادة للسارق أو القاتل أو البلطجي في حال كان قبيلياً والتجأ إلى القبيلة؛ لأن الرؤية القبلية قد صارت أكثر سوءاً في الوقت الحالي بسبب التردّي القيمي الذي حصل في المفاهيم القبلية، لتصير القبيلة مساهمةً فعالةً في صنع الفساد وحاميةً له، فيما صار الدافع الانتفاعي للقبيلة هو المحدّد الموضوعي لممارسات أعضائها. ثم ماذا يمكن أن تقدّمه القبيلة لاستحقاقات الذات المنتمية إليها اليوم غير رقم عسكري، وفي أحسن الأحوال استنهاب البقع، أو استصدار "فيزا للشحت الخارجي" أو بيع القات، وصولاً - في النادر - إلى التعليم المزيّف الذي لا يغيّر المضامين، وليس انتهاءً بتهييج الدافع النزقي - الذي تجلّى ظهوره بعد حرب 94م في المتاجرة بفهلوة السمعة القبلية - التي صارت حسنة في الوعي المشار إليه - واستخدامها كظهر حماية لتدر أرباحاً مادية فقط وليست أرباحاً حقيقية على الصعيد المعنوي والقيمي والأخلاقي والوطني، حيث إن القبيلي لم يتأسس على القيم التجارية القويمة التي تغري بالاحترام لا اللعنة؛ فيما تُعد قيم النهب والفيد أهم مكوّناته النفسية على الإطلاق..!!. [email protected]