«77» أحداث 13يناير 1986م التي اندلعت أثناء انعقاد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي بفعل المؤامرة وغدر ومكر بعض الرفاق وفريقهم العسكري الأمني والبدوي هزّت المنطقة كلها، وأحدثت تصدُّعاً خطيراً في جدار وأجهزة الدولة الجنوبية، وحصدت مأرب جزءاً من النتائج التي أثّرت على نسيج علاقاتها بالدولة الجنوبية سابقاً وبالسلطة العسقبلية في صنعاء، وحصلت السلطة العسقبلية في صنعاء على معلومات عن طبيعة العلاقات التي نشأت وتطوّرت بين حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية سابقاً وقادة وسكان مأرب من علي ناصر وفريقه؛ الأمر الذي انكشفت فيه مأرب أمام مخطّطات المخابرات الأمريكية وأجهزة السلطة العسقبلية في صنعاء. ففي 1988م وقعت أحداث كبيرة في عبيدة مأرب كادت أن تؤدي الأولى؛ وهي محاولة الاستيلاء على منطقة لصيقة بصحراء شبوة الخاضعة لإدارة الحكومة في الجنوب سابقاً وتسمّى “كود البقر” وهي عبارة عن فخ تكتيكي لجرجرة حكومة الجنوب إلى حرب ثالثة اجتياحية بمساهمة القوات الأجنبية تحت قيادة القيادة المشتركة المتحالفة من أجل إسقاط النظام ومن ثم تدميره، ولم يكن ذلك من محور مأربشبوة بل من كافة المحاور التي ارتفع استعدادها القتالي خاصة قوات الاجتياح المكوّنة من الألوية والمعسكرات الجنوبية التابعة لعلي ناصر محمد والقوات الأخرى الخاضعة لقادة عسكريين في الأراضي المجاورة والتي نُقل جزء منها إلى حدود الجنوب سابقاً، وتعاملت الوحدة العسكرية الجنوبية مع هذا الفخ بمهارة فائقة، وأفشلت المؤامرة بالتعاون مع مقاتلي عبيدة من مفرزة الجبهة الوطنية. والحدث الثاني هو نصب كمين لمجموعة قيادية من عبيدة وعلى رأسهم محسن بن معيلي وقُتل في هذا الكمين الغادر عدد من المستهدفين، وهذا الكمين الفاشل أجّج الصراع العسكري بين سكان مأرب والسلطة العسقبلية؛ إذ اقترح المتطرّفون الذين كانوا يستندون إلى الدعم الإقليمي والأمريكي “إبادة” سكان مأرب عن بكرة أبيهم جزاءً لموقفهم السياسي المنحاز إلى قضيتهم الاجتماعية والبيئية أولاً، ولدعم الجنوب في مواجهته للابتلاع والتدمير. وبعد حرب 1994م التي انحاز في أتونها المأربيون إلي حلفائهم الجنوبيين؛ ارتفع منسوب الكراهية والحقد وحب الانتقام السريع والبشع عند القيادة العسقبلية في صنعاء، وترجمت هذه الكراهية والحقد عملياً ب : 1 استنزاف ثروات باطن الأرض من بترول وغاز ومعادن أخرى، والاستيلاء على إيرادات هذه الثروات استيلاءً شخصياً وبسرعة. 2 تلويث البيئة وباتساع الجغرافيا المأربية؛ بحيث يكون بعدئذ من الصعوبة بمكان الاستفادة من الزراعة، إضافة إلى نشر الأمراض المستعصية بين الأجيال المستقبلة. 3 إهمال سد مأرب الذي أعادت بناءه دولة الإمارات العربية إبان حياة الشيخ زايد بن سلطان؛ وهو الآن شبه متحجّر ومتصحّر، علماً بأن أراضي مأرب من الأراضي الخصبة التي بإمكانها خلق فرص عمل لعشرات الآلاف من السكان وتقديم سلّة غذائية نظيفة وخالية من المواد الكيماوية الضارة. 4 تحويل مأرب إلى فزّاعة إرهابية للأمريكيين؛ وذلك من خلال إنشاء معسكرات تستقطب ذوي العاهات الاجتماعية والنفسية ولصقهم بما يُدعى أنه تنظيم إرهابي “القاعدة” ونجحت السلطة السابقة في إغراق المنطقة بهذه العناصر التي يموّلها البنك المركزي وتديرها عناصر قيادية في المخابرات وصل أحدهم إلى رأس جهاز الأمن، ونتيجة لتحريك هذه العناصر هنا وهناك؛ استدرج الأمريكيون إلى وحل السلطة السابقة، وبدأوا باعتبار مأرب ملاذاً آمناً ل«القاعدة» ثم تولّوا المسؤولية العسكرية والأمنية هناك وفصلها عن المركز..!!.