وتضمّنت المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية ثلاث خطوات متلازمة: أ الدعوة إلى انتخابات رئاسية، وهي التي تمّت في 21 فبراير 2012م بوصفها انتخابات تحت سمع وبصر الدول الشاهدة على المبادرة بحسب المادة العاشرة منها. ب تشكيل اللجنة الدستورية والاستفتاء عليه وإجازته. ج وضع جدول زمني للانتخابات البرلمانية، وتكليف رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة. وتلصيقاً لهذه المبادرة كانت «الآلية التنفيذية المزمّنة» التي قدّمها جمال بن عمر، المبعوث الدولي لليمن للمساعدة في حل الأزمة بين الأطراف السياسية المأزومة والتي عقدت الأزمة القائمة منذ مايو 1990م وهي آلية فنية وسياسية قمعت المبادرة ورمت بها إلى تاريخ الزمن اليمني البئيس الذي لايزال معاقاً تنهشه مخالب وخوازيق القبائلية والبدونة الارتزاقية المعتمدة على فتات الأموال السياسية القذرة المتدفقة التي ترى في مشروع الدولة في المنطقة اليمنية تهديداً لنظامها الشمولي. كيف إذاً “التوت” اللائحة أو الآلية..؟! أولاً ابتدعت:1 لجنة للشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار على الرغم من وجود هيئة تُدعى “ اللجنة الأمنية العليا” وفروعها في جميع المحافظات؛ وتُعنى بالشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار وتحت إدارة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وجهازي الأمن السياسي والقومي وما يتصل بهم من وحدات عسكرية وأمنية مسلّحة تسليحاً جيّداً. لقد انقسمت الطغمة العسقبلية المهيمنة على السلطة التنفيذية العليا منذ 17 /7 / 1978م على خلفية الخلافات حول النفوذ السياسي والعسكري وحصص الفساد الذي امتد إلى الحقل التجاري الطفيلي، وهذا الانقسام تجسّد في الاستقطابات المستحدثة بعد21مارس2011م، العسكرية والقروية، وتبلور الانقسام في تحويل صنعاء إلى قسمين إداريين الأول شمال صنعاء والثاني جنوبها؛ وتلك المتارس الفاصلة كان بإمكان اللجنة الأمنية العليا إزالتها وفقاً لوظيفتها. 2 الحوار “الوطني” وحدّدت له مؤتمراً أو إطاراً يتفاعل داخله جملة من ممثلي الحياة السياسية المعتلّة غير قابلة للشفاء بسبب عدم اعترافها في إخفاقات التجربة منذ 1962م والتي عرفت الكثير من المؤتمرات التي أدّت إلى عرقلة التغيير إلى الأفضل وعمدت على إنتاج السلطة العسقبلية السابقة بنكهتها الطائفية تحت مظلّة الدوغمائية الثقافية. ثانياً: عمّقت الهشاشة التشريعية السائدة؛ والتي قامت على أساس التفصيل على مقاس الطُغمة وشيوخ الإقطاع التقليدي من المنطقة القبلية ذات النفوذ في السلطة، وأجّلت تعيين أو اختيار لجنة مستقلّة ونزيهة وذات كفاءة وخبرة بحسب النص الأساسي للمبادرة مرحّلة ذلك إلى مؤتمر الحوار الذي قرّر له البدء في مارس 2013م، أي بعد سنة من انتقال السلطة، وهو الأمر الذي أدّى إلى صدور قرارات وقوانين تحمل بصمات السلطة السابقة، وليس هذا فحسب بل إن قرارات الوظيفة السياسية خضعت للبيع والشراء بصورة قبيحة..!!. وتم وأد جوهر المرحلة الثانية من التسوية السياسية بين أطراف التحالف السلطوي الذين اكتفوا بتقاسم كعكة الوظيفة العامة والبنك المركزي كهدفين نهائيين لهما وتركا الملفّات الأساسية في ذمّة الفوضى التي ضربت أطنابها في كل مناحي الحياة وفي كل شارع من الشوارع وفي كل البيوت.