«124» وإن انتقال السُلطة كان شكلياً لا يمت بأية صلة إلى الإصلاح والتغيير؛ بل هو حافظ على شبكات الطغمة العسقبلية المرتبطة بشبكات الجريمة المنظمة إقليمياً ودولياً والتي عملت منذ 23 /11 /2011م بديناميكية مذهلة خاصة في إثارة الاضطرابات النفطية والغازية والكهربية وتخويف الشركات الاستثمارية ورجال الأعمال المحلّيين والأجانب وتجميد التنمية حتى بحدها الأدنى وتلاعبت بسعر العملة المحلية وأغرقت البنك المركزي بالديون المحلّية والخارجية. إن انحياز المبادرة إلى طُغمة عسقبلية وتقليدية ونُخب رخوة وضحلة معرفياً وثقافياً يؤكد شراكتهم في تعطيل العملية السياسية المناهضة لحالة التخلُّف الشامل في اليمن ويؤكد انحيازها إلى مركز الثراء والرفاهية في يد أقلّية غير مدنية وغير مرتبطة بالإنتاج المادي والمعرفي، ويصب هذا الانحياز في مصب الظلم المتدفّق إلى بيئة الفقراء والمظلومين والمعذّبين وعددهم 25 مليون نسمة وقعوا في دائرة اللا مستقبل مشرق ومنصف؛ ويمكن القول إنهم يتجهون نحو الانقراض الاجتماعي..!!. والسياسة الناجمة عن ذلك لا تقدّم لا رحمة ولا شفقة لخمسة وعشرين مليون صامت وغير مفيد في أتون الوجود الاجتماعي ومضطرون ومكرهون للعودة إلى العصبيات والقبائل وما يليق بها من مقاتلة وتدمير وهلمّ جرّا من الأعمال الباطشة للبدائية والطبيعية. تطلّعوا ولو لحظة خاطفة إلى وجوه أفراد التحالف الذين انحازت المبادرة إليهم وإلى مصالحهم ومحضتهم القوة والنفوذ للمزيد من الإجرام؛ إنهم ذوو تجارب وسوابق في التسلُّط والهيمنة وفرض النفوذ الإكراهي على الحياة الاجتماعية التي مازالت في حالتها المتبدونة والمتقبيلة وغير القابلة للسير نحو المدنية، إنهم وحوش نهمة إلى الافتراس، وجميع المكوّنات متكلّسة قمعت وعذّبت وأهانت الناس أفراداً وجماعات، وفي جعبتها المزيد من إذلال الناس وحرمانهم من الحقوق والحياة، إنهم في مستوى واحد من الوحشية ضد الدولة والقانون، فحتى الدولة القامعة البيروقراطية المستقلّة عن المجتمعات لا يقبلون بها، فهم على قدر كبير من الراحة ضمن السُلطات البدائية. إن الانحياز إلى هذه السُلطة من الأمور المفهومة نخبوياً؛ ولكنه غير متاح المعرفة عند 25 مليون نسمة، وهي معرفة متشرنقة ومربوطة بمنسوب المال السياسي الذي يُنفق أو الذي أنفق على قادة عصابات السُلطة السابقة، والمهم هو أن هذا الانحياز قد انعكس على موقف مجلس الأمن الذي رضخ لأرباب المال والذين يمدّون هذا الكيان بالأموال لتمرير قرارات تتوافق وشبكة مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية والأيديولوجية، وإن قرارات مجلس الأمن غير منصفة اتساقاً مع المبادرة وأدّت في المحصلّة الأخيرة إلى واقع تسوده جملة “لا حسم، لا حرب، لا سلم، لا أمن، لا استقرار، لا تنمية، لا دولة، لا قانون” وإن تلك التصريحات المفزعة هي بالونات هوائية تعاملت معها عصابات السلطة السابقة المتشاكلة والبدائية بازدراء ولا مبالاة؛ لأنها عرفت من مصادر شبكاتها أن الأمر لا يعدو كونه ظاهرة صوتية إعلامية تشبه الآلة الإعلامية المتخصّصة.