البعض الذين تربوا على التنشئة السياسية القائمة على التعبئة الخاطئة المشحونة بالحقد والكراهية لم يعد يهمهم الوطن ومصالحه العليا ووحدته وأمنه واستقراره , بل الهم الأكبر الذي يشغل نفوسهم المريضة هو الانتقام بأية وسيلة , ولذلك تجدهم في تناولاتهم لا يكرسون إلا الجوانب العدوانية ولا ينطقون إلا بالحقد والكراهية وليس مهم لديهم أن يدمروا الوطن وتزول الدولة اليمنية المهم هو إشباع رغبتهم في الانتقام والقضاء على من يخالفهم . إن القوى السياسية التي تعتمد على التنشئة السياسية القائمة على العدوانية والحقد على الآخر وعدم القبول به لن تستطيع أن تحقق القبول الشعبي , والسبب عناصرها التي تربت على الانحراف في منهج التفكير وتربت على الحقد والانتقام، فكلما سعى المستنيرون في تلك القوى إلى لملمة الشتات كلما ظهرت عناصرها المتطرفة باطروحات الانتقام والفجور ,وفي هذه الحالة يزداد النفور من تلك القوى بسبب عدم قدرتها على ضبط من عملت على تنشئتهم بطريقة عدوانية ،الأمر الذي يتطلب المراجعة المنهجية في اسلوب التنشئة والكف المطلق عن حشو عقول النشء بالأحقاد وإثارة النعرات , ولا يتم التخلص من هذا الفكر المنحرف إلا بالعودة إلى منهج التربية الوطنية القائم على تعميق مبدأ الولاء الوطني المقدس واحترام المكونات السياسية والتعايش معها والقبول بالرأي الآخر والاعتماد على مبدأ التداول السلمي للسلطة . إن التحذير من التنشئة الخاطئة لم يكن وليد لحظة معينة بل حذرنا منه منذ وقت مبكر خصوصاً في بداية التسعينيات مع بداية التعددية السياسية , ولكن للأسف بعض القوى السياسية أصرت على الغواية والكيد وآمنت بأن الغاية تبرر الوسيلة وتوهمت أنها بمجرد أن تصل إلى غايتها الشيطانية ستعيد الأمور إلى حالتها الطبيعية ومن المؤسف جداً أن القوى السياسية في اليمن وخصوصاً التي جعلت من الحزبية غاية لم تتعلم ولم تتعض وكلما نكبت قوى سياسية بسبب غوايتها كلما ظهرت أخرى تعيد نفس الأسلوب وترتكب نفس الأخطاء . إن تجربة الحياة السياسية في اليمن تحتاج إلى الالتزام بمنهج الاعتدال والوسطية والامتناع نهائياً عن الغواية الفكرية والإقلاع كلية عن الأقوال والأفعال التي تولد الأحقاد والعداوات إذا أصرت القوى السياسية المتطرفة في هذا الجانب فإن آثار تلك الغواية الماحقة ستنعكس عليها سلبياً بدرجة أساسية , ولكم أن تلاحظوا واقع تلك القوى وحالة النفور الشعبي منها , ومن أجل ذلك ندعو الجميع إلى الاعتدال والوسطية والقبول بالآخر والتعايش معه واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة والاتجاه صوب إنجاز الاستحقاق الوطني الذي يمكن الشعب من حق الاختيار الحر من خلال الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية بإذن الله .