حكم الشعب نفسه بنفسه.. هدف تضمنه شعار رفعته الثورة «سبتمبر وأكتوبر» ، وحكم الشعب لنفسه يعني أن يكون هو مصدر التشريعات للقوانين والانظمة من خلال نظام الحكم البرلماني القائم على الانتخاب الحر والاقتراع السري المباشر، وان تختار الجماهير من يحكمها.. وان تتم عملية التدوال السلمي للسلطة على انقاض تملك وتوارث السلطة من قبل أفراد أو جماعة أو فئة أو شريحة تعطي نفسها هذا الحق. وحكم الشعب نفسه بنفسه يعني ان يمارس الأفراد حقوقهم الديمقراطية كاملة غير مشوهة أو مبتورة، سواء كان ذلك على الصعيد العام أو في إطار حق المواطنة للجميع أو على صعيد انخراطهم في المنظمات الجماهيرية والأحزاب السياسية. لقد رُفع هذا الشعار «الهدف» منذ اطلالة فجر الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتشرفت برفعه الملايين من الايادي. كما كرُم بالتضحية من أجله العديد من المناضلين الشرفاء إلى أن جاءت الوحدة اليمنية العظيمة في ال22 من مايو الاغر فجسدت هذا الشعار «الهدف» وحققته انجازاً وحدوياً وخياراً لا رجعة عنه ولا تفريط به فاستعادة الوحدة اليمنية على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية لا تنحصر مكاسبها على ترسيخ وصون شعار حكم الشعب نفسه بنفسه، ولكنها تشمل توفير القنوات التي تؤصل ممارسة الجماهير لحقها في ممارسة العمل الديمقراطي.. في اختيار القيادات وتداول السلطة، وتطوير تجربة المجالس المحلية وانتخاب المحافظين. وكم هو عظيم أن يتمسك الوحدويون الوطنيون الشرفاء بثوابت لها صلتها المباشرة بالمصلحة العامة، لا تقبل المساومة مثل التعددية السياسية على الأسس الديمقراطية الحقة، لأن التعددية السياسية لا تنحصر ايجابياتها على اثبات حق الفرد في اختيار ممثله وحاكمه تمشياً مع قناعاته ومصلحته وتفكيره، ولكنها أيضاً تعلمه بصورة مستمرة كيف يمارس هذا الحق الديمقراطي داخل الحزب أو التنظيم أو المجتمع الذي ينتمي إليه، كيف يمارس الديمقراطية ويحميها ويطورها. فالفرد داخل الهيئة الحزبية أو التنظيمية التي ينتمي إليها، يستطيع أن يعبر عن ذاته واختياره، عندما يمارس حقه الديمقراطي في الانتخاب والحوار والنقد الذاتي وطرح الآراء والملاحظات على مستوى المنظمة القاعدية التي ينتمي إليها أو على مستوى المنظمات الأعلى، على مستوى المنطقة والمدينة والناحية والمحافظة أو في المؤتمرات العامة. لأن الفرد إن لم يمارس ذلك على مستوى الحزب أو التنظيم الذي ينتمي إليه فيؤكد ذاته في الحوار والنقد وابداء الرأي وقناعاته في الاختيار وتداول المراكز القيادية.. لا يستطيع ان يمارس هذا الحق على المستوى العام في إطار المجتمع ككل أو أن يدرك حقوق غيره في هذا المجال، أو يؤمن بها عن وعي وإدارك.. وتأصيل هذا الهدف النبيل لم تعد مسؤولية حكومة الوحدة، وحدها بل هي أولاً مسؤولية الأحزاب والتنظيمات السياسية والأفراد المنخرطين فيها فهل تجسد الأحزاب والتظيمات هذه المهمة على الواقع المعاش ؟ نريد من الأحزاب السياسية وصحافتها، أن تكون مدارس لتعلّم قواعد وأسس العمل الديمقراطي، والاتجاه به نحو اثراء التجربة والحفاظ على المكاسب الوطنية، وفي مقدمتها الوحدة وأهداف ومبادئ الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.