إن وضع القوانين والتنظيمات لأي شيء، يتوقف على العلم بحقيقة من توضع له القوانين، وبالظروف المحيطة. والإنسان يجهل حقيقة روحه،والمستقبل الذي سيواجها،لذلك عجز الإنسان أن يضع تشريعات وقوانين دائمة تصلح لكل زمان ومكان، لكن الخالق سبحانه هو العليم بحقيقة خلق الإنسان، قال تعالى:«ألايعلم من خلق وهو اللطيف الخبير». وهو المحيط علماً بما كان وماسيكون، ولذلك لايمكن لبشر أن يأتي بشريعة ثابتة مرنة تتناسب مع كل زمان ومكان إلا إذا كان مرسلاً بها من عند ربه. ولقد حكم المسلمون مشارق الأرض ومغاربها مئات السنين فكانت شريعة الإسلام صالحة للحكم طوال القرون في مختلف البيئات والأماكن.. ولقد فرضت شريعة الإسلام نفسها في زماننا هذا رغم ضعف أهلها، فجعلتها الأمم المتحدة مصدراً من مصادر القانون الدولي، مع أن القانون الروسي أو الامريكي لايعتبر أياً منهما مصدراً من مصادر القانون الدولي.. ولقد شهد خبراء القانون الدولي «الأجانب» بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان. قال الدكتور«ايزيكو انسابا توصين» أحد علماء القانون: «إن الإسلام يتمشى مع مقتضيات الحاجات الظاهرة فهو يستطيع أن يتطور دون أن يتضاءل في خلال القرون ويبقى محتفظاً بكامل ماله من قوة الحياة والمرونة، فهو الذي أعطى للعالم أرسخ الشرائع ثباتاً وشريعته تفوق في كثير الشرائع الأوروبية. أما المؤتمر الدولي للقانون الذي انعقد في «لاهاي» عام 1932م فهو الذي طالب عصبة الأمم، أن تجعل الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر القانون الدولي بعد أن اقتنع خبراء القانون الدوليين بعظمة الشريعة الإسلامية، وفائدتها للناس في هذا الزمان. وأما المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي انعقد في باريس عام 1952م، فقد طالب من الجهات القانونية، الدولية أن تسمح بانعقاد المؤتمر الدولي للفقه الإسلامي في كل سنة بدلاً عن عقده في كل عشر سنوات وعللوا ذلك بأنهم يرغبون أن يتعلموا الفوائد الكثيرة من دراستهم للشريعة الإسلامية فقالوا في مؤتمرهم:« نظراً لما ثبت للمؤتمرين من الفائدة المحققة التي أتاحتها البحوث التي عرضت في خلال أسبوع « الفقه الإسلامي» وما دار حول هذه البحوث من مناقشات أثبتت بجلاء أن «الفقه الإسلامي» يقوم على مبادئ ذات قيمة أكيدة لامرية في نفعها، وإن اختلاف المبادئ في هذا الجهاز التشريعي الضخم، منطوٍ على ثروة من الآراء الفقهية، وعلى مجموعة من الاصول الفنية البديعة التي تتيح لهذا الفقه أن يستجيب بمرونة هائلة لجميع مطالب الحياة الحديثة، فإن أعضاء المؤتمر يعلنون رغبتهم في أن يظل أسبوع الفقه الإسلامي يتابع أعماله سنة فسنة». فمن أين لأمي بعث منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام أن يأتي بهذا التشريع لولم يكن مرسلاً من عند ربه؟ وعجباً للجهلة من المسلمين، الذين يريدون إلغاء الشريعة الإلهية واستبدالها بالقوانين البشرية.