سبحانك وكيل أنت: لا تكل أحداً إلى رعاية أحد، لا ولد إلى والد، ولا والد إلى ولد، إذاً لضاع من اتكل إلى سواك وفسد، إلا الذي عدل عن الطريق ومرد، واتخذ الغي سبيلاً وشرد، فما صام ولا قام ولا ركع ولا سجد، ذلك الذي خلا به اللعين واتحد، ذلك الذي وكلته إلى النفس والجسد. فعليك يتكل العارفون، وبك يثق العلماء الواقفون. سبحانك كفيل أنت: تكفلت بالأرزاق: إذ أنت الملك الخلاق، ترزق المنقطع والمكتسب، هذا من حيث يحتسب، وهذا من حيث لا يحتسب، وكل تيسر له ما كتب، لا بانتزاحه ينتزح ولا باقترابه يقترب. سبحانك لو وثق بكفالتك كل من تحت رعايتك، لأكلوا من موائدك المختصة بأهل كرامتك، لكن سبق في علمك ماهم فيه يكدحون، هؤلاء يروحون وهؤلاء يسرحون:[وكل في فلك يسبحون]. سبحانك طاهر أنت: طهارتك تنزهك، وتنزهك تألهك، وتألهك توحدك، وتوحدك تمجدك عن كل ما نفث به الباطل من الباطل، ووسوس به الخاطل إلى الخاطل، وفاه به المعطل العاطل، من الشرك الذي يعتقده الجاهل، ويدين به المتحرف العادل، عن سبيل كل مهذب عاقل، عالم بالعلم عامل، وعن التثليث بالصاحبة والولد، وعن التشبيه بالروح والجسد، سبحانك بل أنت الفرد الأحد، المتنزه الصمد، المعترف لمن سجد وعبد، وتفكر واجتهد والمتنكر على من تشكك وقعد، وتقاعس وعند، وبرق بالمنكرات ورعد، [هل يستوي الأعمى والبصير]، [فريق في الجنة وفريق في السعير]. سبحانك مجير أنت: تجير على كل شيء ولا يجير عليك شيء، لا تضر العوالم من أردت له نفعاً، ولا تخفض الخوافض من أردت له رفعا، ولا ترفع الروافع من أردت له وضعا، ولا تصل الوسائل من أردت له قطعا، ولا تعطى الأكارم من أردت له منها، شملت الهيبة قلوب إنسك وجنك، من ذا الذي يشفع عندك إلا بإذنك!. سبحانك ديان أنت: وكل مخلوق مدين، دينك الراتب عليهم هو المعرفة والدين، فمن وفى استوفى ثوابك يوم الدين، ومن ماطل فقد أشفى بما اكتسب على سجين، لذلك تبعثهم داخرين، وتنشرهم من الأجداث صاغرين، وإن كان أكثرهم لمن الساخرين، فسعد الذين عملوا على التصديق واليقين، وشقي الذين غفلوا عن الشهور والسنين، حتى أتاهم اليقين. سبحانك حاضر أنت: حاضر البقاع والمحاضر، وخليل كل باطن وظاهر، تعد الأنفاس وتستعرض الخواطر، وترعى الأسماع وتشهد النواظر، ماذا تعود به من المناظر، إلى حواصل النفوس والضمائر، حضور جبار على ما يشاء قادر، لا تدركه الأبصار ولا تحده البصائر. فيا أيها الممكور به اخش كمون ماكر، فإنه لا يأمن مكره إلا كل خاسر، فلو كشف الغطاء ورفعت السواتر، لشهدت بحر العلم وإذ بك فيه ماهر. يا أيها الغائب عن حاضر وأيها الآفل عن سافر من غاب عنه الحق مكراً به لا تسه واحذر سطوة الماكر إن كمون الليث في خيسه مكراً يراعي غفلة العابر سبحانك كاف أنت: تكفي من استكفاك، وتعفو عمن استعفاك، وتوفي من استوفاك، وتصفو لمن صافاك، وتكف بكفايتك، أكف الباسطين عن أهل رعايتك، الداخلين في كهف كلايتك، وتتحمل المؤن عن أهل ولايتك، لتفرغهم لذكرك وحسن عبادتك، فيقبلون على مراضيك ولزوم طاعتك، لتوجب لهم ثوابك في دار كرامتك. سبحانك شافٍ أنت: شاف بالأحكام للأجسام، من الأسقام والأعراض والآلام. وشاف بالقرآن للقلوب والأذهان، من الجهل والطغيان، ومن الزور والبهتان، ومن الإثم والعدوان، التي هي سموم من الشيطان، وسمائم النيران، وطبائع أهل الخسران، هذا هو المذكور، في كتابك المسطور، الذي هو نور النور [يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور]. سبحانك ستار أنت: للعيوب والقبائح، ومغط للذنوب والفضائح، ومظهر للجميل والصوالح، لولا سترك لما قيل هذا فلان صالح. لما عهد العباد حلمك ودوام سترك، ظاهروك بالمعاصي واستخفوا من غيرك، ولو شئت لأصبح على وجوههم سمة من أمرك، تخبر عن علمك بما قارفوا وخبرك. ومن تمام جودك عليهم وعموم خيرك، أنك لا تفضحهم بما سترت يوم حشرك إلا من مات مصراً على مخالفتك ونبذ أمرك. سبحانك وافٍ أنت: بوصف الكمال، لا النقصان يقع عليك ولا الزوال.. وافي الصفات المستغرقات لكل معنى.. تفني لما تحوي وليس تفنى.. وفت على أعلى العلا وأدنى الأدنى.. العرش والكرسي لها كالأبناء.. وكل شكل فيهما ومبنى.. كالشمس كانت عنك وعنها كنا فنحن منها وهي ليست منا.