مثّل تحسين مستوى معيشة المواطن اليمني تحقيق تقدم في الحياة الاقتصادية أحد أهداف الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر حيث لم يكن توفير مستوى معيشي لائق بالمواطن يمثل أي أهمية تذكر لدى الأئمة أو الاستعمار البريطاني ومع قيام الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر وجلاء المستعمر عن أرض الوطن أصبح تحسين معيشة المواطن وتوفير الخدمات وتطوير قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة محور اهتمام وجهود الحكومة وتوفير الخدمات وتطوير قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة محور اهتمام وجهود الحكومة في شمال وجنوب اليمن سابقاً، للجهود الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية من خلال خلق الكثير من الفرص والامكانات الاقتصادية الاضافية. الوضع الاقتصادي قبل قيام الثورة انشغلت الحكومة في شمال اليمن خلال المدة التي أعقبت قيام ثورة سبتمبر عام 2691م وحتى عام 0791م بحرب الدفاع عن الثورة في حين عانى جنوب اليمن سنوات من عدم الاستقرار السياسي التي أعقبت جلاء المستعمر منه في 03نوفمبر 7691م وبذلك فقد كانت الأوضاع في شمال اليمن وجنوبه في مطلع السبعينيات تتصف بسمات التخلف الاقتصادي نفسها وتعاني من الصعوبات والاختناقات ذاتها بصفة عامة وعدم وجود قاعدة اقتصادية انتاجية أوخدمية بصفة خاصة ويمكن حصر أهم سمات الاقتصاد اليمني آنذاك بالآتي: الاعتماد على قطاع الزراعة اعتماد الاقتصاد في شمال اليمن على قطاع زراعي تقليدي كمصدر رئيسي للدخل، يساهم بأكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي ويستوعب حوالي 57%» من قوة العمل وتمثل منتجاته حوالي«09%» من اجمالي الصادرات في حين عمل الاستعمار على تقسيم الاقتصاد في جنوب اليمن إلى جزئين، أحدهما تتوفر فيه الخدمات اللازمة لتسيير التجارة الدولية وخدمات القاعدة العسكرية البريطانية وتمثله منطقة عدن وجزء آخر شديد التخلف يمثل بقية المناطق يعيش فيه غالبية السكان على الزراعة المعتمدة على الوسائل البدائية والاستهلاك الذاتي وتنعدم فيه الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها فقد قدر متوسط دخل الفرد السنوي «من الناتج القومي» ب07دولاراً في شمال اليمن و451دولاراً في جنوب اليمن عام 3791م. ضعف البنية الانتاجية غياب فعلي للانتاج الصناعي وضعف عام في البنية الانتاجية في شمال اليمن وجنوبه باستثناء مصفاة عدن لتكرير النفط التي كانت تتبع شركة بريطانية وكانت تعد المؤسسة الصناعية الكبرى في شمال اليمن وجنوبه، إذ كان انتاجها يمثل حوالي «09%» من اجمالي الانتاج الصناعي في جنوب اليمن.. كما كانت هناك بعض الصناعات الحرفية التقليدية وبعض الصناعات النسيجية البسيطة في شمال اليمن وجنوبه. عدم وجود عملة وطنية مستقلة والضعف الشديد في المؤسسات المصرفية والتمويلية اللازمة لتسهيل النشاط الاقتصادي وخاصة في شمال اليمن، فلم يوجد سوى فرعين لبنكين أجنبيين قبل قيام الثورة في حين كانت هناك ثمانية فروع لبنوك أجنبية و21شركة تأمين في جنوب اليمن. وكذا تخلف البنية التحتية المادية«الطرق، الكهرباء، المطارات، الموانئ.. إلخ» والاجتماعية «التعليم والتدريب، الخدمات الصحية، وغيرها» اللازمة لتسهيل النمو الاقتصادي والتنمية والنقص الشديد في الموارد البشرية المؤهلة في مختلف المستويات وفي كل فروع الاقتصاد. التطورات الاقتصادية بعد قيام الثورة مع اطلالة السبعينيات بدأ كل من شمال اليمن وجنوبه بإعداد وتنفيذ خطط للتنمية الاقتصادية مع اختلاف الفلسفة الاقتصادية التي استندت عليها تجربة التخطيط الاقتصادي في كل منهما إذ اعتمدت تجربة التخطيط في شمال اليمن على اسلوب التخطيط التأشيري أوالجزئي بما يتلاءم مع توجهها الاقتصادي الذي يميل إلى الاقتصاد الحر بدرجة أكبر في حين اختار جنوب اليمن اسلوب التخطيط الاقتصادي الشامل لكل فروع الاقتصاد باعتباره اقتصاداً موجهاً قائماً على ملكية الدولة لوسائل الانتاج وهيمنة القطاع العام على مجمل النشاط الاقتصادي وتطبيقاً لهذا التوجه صدر قانون التأميم في 82نوفمبر 9691م، والذي تم بموجبه تأميم الشركات والمؤسسات التجارية والمالية والخدمية الأجنبية وصدر قانون الاصلاح الزراعي الأول في عام 7691م والثاني في عام 0791م واللذين تم بموجبهما تأسيس مزارع الدولة والتعاونيات الزراعية وتحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية. برامج تنموية تشمل تلك الخطط برنامج أوخطة ثلاثية فضلاً عن ثلاث خطط خمسية في كل من شمال اليمن وجنوبه ففي شمال اليمن كان هناك البرنامج الانمائي الثلاثي«37916791» والخطة الخمسية الأولى«67911891» والخطة الخمسية الثانية «28916891».والخطة الخمسية الثالثة 7891 - 1991م. أما في جنوب اليمن فإن خطط التنمية قد تمثلت في: الخطة الثلاثية«17914791» والخطة الخمسية الأولى«47919791» والخطةالخمسية الثانية«18915891» والخطة الخمسية الثالثة«68910991» وبعد قيام الوحدة المباركة في 22مايو 0991م وتثبيتها تم اعداد وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى للجمهورية اليمنية 69910002م والخطة الخمسية الثانية 10025002م ويجرى حالياً الخطة الخمسية الثالثة 60020102م. تطوير بنية الانتاج الصناعي استهدفت خطط التنمية الاقتصادية منذ بداية السبعينيات تطوير القدرات الانتاجية في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية إلا أن التركيز الأكبر قد تم توجيهه نحو تطوير القطاع الصناعي كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي إذ نفذت الحكومة وخاصة في جنوب اليمن عدد كبير من المشروعات الصناعية، كما ساهم تطوير البنى التحتية المادية وتوفير أعداد متزايدة من الأيدي العاملة المؤهلة في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المنشآت الصناعية في شمال اليمن، الأمر الذي أدى إلى نمو متسارع في ناتج القطاع الصناعي وتزايد مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وفي توفير فرص العمل. يضاف إلى ماسبق أن استغلال الثروات الطبيعية وخاصة انتاج وتصدير النفط ابتداءاً من النصف الثاني من الثمانينات قد عزز من دور القطاع الصناعي وأهميته في الاقتصاد اليمني. كما أن تحسن مناخ الاستثمار خاصة مع تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والاداري ابتداء من عام 5991م قد ساهم بشكل مباشر في التحسن الذي حصل في القطاع الصناعي. الجدول رقم«3» يوضح التزايد الكبير الذي حدث في مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة 37913002م. وانعكاساً للتطور في التكنولوجيا المستخدمة في القطاع الصناعي وتزايد أعداد الأيدي العاملة المدربة حصل تحسن في متوسط انتاجية العمل في هذا القطاع من 4.8 آلاف ريال عام 5791م إلى 94ألف ريال عام 6891 546 ألف ريال عام 5991و658ألف ريال عام 3002م. البنية التحتية الاقتصادية تطلب تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية انشاء وتطوير أنظمة النقل والاتصالات والموانئ والمطارات وتوفير شبكات الكهرباء والمياه وغيرها من البنية التحتية اللازمة لنشاط القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية. ففي جانب الطرقات زادت أطوال الطرق الاسفلتية من 563كم عام 3791م في جنوب اليمن ومايعادلها تقريباً في اليمن الشمالي إلى 2505كم في عام 5991م و59311كم في عام 5002 وارتفعت أطوال الطرق الحصوية المعبدة من 0632كم عام 5991م، ومن ثم ارتفعت لتصل إلى 76941كم عام 5002م ووصلت أطوال الطرق الترابية الفرعية المنتشرة في الأرياف إلى حوالي 06ألف كم عام 0002م. وزاد عدد المطارات بحيث أصبحت 61مطاراً حالياً منها 6 مطارات دولية. تراكم رأس المال البشري يعد تراكم رأس المال البشري، أي التعليم والتدريب والمستوى الصحي لقوة العمل في الاقتصاد، أحد أهم مصادر النمو الاقتصادي ونمو انتاجية العمل لأجل ذلك ركزت الخطط التنموية خلال الفترة الماضية على تنمية الانسان من خلال انشاء وتطوير أنظمة التعليم والتدريب والنظام الصحي. ففي قطاع التعليم انخفضت معدلات الأمية من 09% عام 3791م إلى 37% عام 0891م في شمال اليمن ومن 96% عام3791م إلى 04% في الجنوب عام 0891م ومن ثم إلى 15%في اليمن الموحد عام 3002م وزاد عدد المدارس في مختلف المراحل من 4201مدرسة عام 3791إلى 1888مدرسة عام 8891م في كلا اليمنيين سابقاً ثم وصل العدد إلى 08041 مدرسة عام 5002م كما حصل تطور كبير في عدد وامكانيات معاهد التدريب الفني والمهني فصول عددها إلى 87معهداً في عام 5002م. كما ارتفع عدد الجامعات الحكومية من جامعتين انشأتا في سبعينيات القرن الماضي إلى سبع جامعات بالاضافة إلى أربع جامعات أخرى قيد الانشاء. فيما يخص القطاع الصحي فقد زاد عدد المستشفيات والمراكز الصحية من 05 عام 0791م إلى 361 عام 8891م في كلا اليمنين سابقاً ثم وصل العدد إلى 4031 مستشفيات ومراكز صحية عام 5002م. انخفض عدد السكان لكل طبيب من 05165عام 5691م إلى 0106 عام4891م في شمال اليمن سابقاً واستمر التحسن في هذا المؤشر بحيث وصل إلى 0343 عام 5002م. القطاع المصرفي والتمويلي يلعب القطاع المصرفي والتمويلي دوراً محورياً في تعبئة الموارد المالية وتشجيع الادخار ومن ثم دفع عجلة النمو والتنمية الاقتصادية لأي بلد. وقد عملت الحكومة بعد الثورة في شمال اليمن وجنوبه سابقاً على توفير المتطلبات القانونية والتنظيمية والادارية واستثمرت في المؤسسات اللازمة لقيام قطاع مصرفي وتمويلي فاعل فتم اصدار عملتين مستقلتين هما الريال والدينار وتم انشاء البنك اليمني للانشاء والتعمير بعد شهر من قيام الثورة وتم انشاء البنك الأهلي عام 0791م في جنوب اليمن بدلاً من فروع البنوك الأجنبية الثمانية التي تم تأميمها.. كما تم انشاء البنك المركزي عام 1791م في شمال اليمن ومصرف اليمن عام 2791م في جنوب اليمن كبنوك مركزية تعمل على الاشراف والرقابة على القطاع المصرفي وتدير السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف بما يخدم عملية التنمية. تجارية المحلية والأجنبية العاملة نهاية الثمانينات إلى 7بنوك. فيما يتعلق بالمؤسسات المالية غير المصرفية في شمال اليمن فإنه وخلال عقدي السبعينات والثمانينات تم انشاء كل من صندوق الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد وشركة واحدة للاستثمار والتمويل وخمس شركات تأمين. وبعد تحقيق الوحدة اليمنية وخاصة بعد عام 5991م تاريخ بدء الاصلاحات الاقتصادية حدث تطور كبير في عدد وحجم وأنشطة القطاع المصرفي فتم افتتاح عدد من المصارف التجارية المحلية والأجنبية وعدد من البنوك الاسلامية فزاد عدد البنوك إلى 81 بنكاً نهاية عام 6002م مابين بنوك تجارية ومتخصصة واسلامية لديها 391 فرعاً في أنحاء الجمهورية. الخلاصة: أن الاقتصاد اليمني قبل الثورة كان اقتصاداً زراعياً يعتمد على طرق الانتاج البدائية مع غياب كامل لأي نشاط صناعي يعتد به باستثناء مصافة عدن بالاضافة إلى تخلف البنية التحتية المادية والاجتماعية.