يوماً بعد آخر يزداد هوس الشباب بمتابعة القنوات الفضائية العربية المختصة ببث الأفلام والمسلسلات الأجنبية، محيلين هذا الهوس إلى أسباب عدة، أهمها الاطلاع على الثقافات الأخرى، وتقوية لغتهم الإنجليزية.معظم القنوات المتخصصة في عرض الأفلام والمسلسلات الأجنبية لا تكون عليها رسوم اشتراك، وهي كذلك غير مشفرة، ما يزيد من عدد مشاهديها..ابراهيم قاسم يؤكد انه يهوى مشاهدة القنوات العربية التي تبث البرامج الأجنبية. وهو يرى أن “أبطالها ماهرون في التمثيل، ويجعلون المشاهد وكأنه يعيش الحدث”.ويضيف إبراهيم (26 عاما) انه يحسن لغته الإنجليزية من خلال متابعة هذه البرامج، مشيرا إلى انه متابع لمثل هذه البرامج منذ كان في السادسة عشرة من عمره.“قصص الأفلام والمسلسلات الأجنبية، تبدو واقعية ومنطقية” تقول فتحية سالم.وتؤكد أنها أثناء مشاهدتها أيا من هذه البرامج، تكون مشدودة إلى حد تقمص الدور الذي تشاهده، مبينة انبهارها من طرائق التمثيل والإخراج، إضافة إلى انبهارها الكبير من الحجم الضخم للإنتاج الذي لابد أنه يشدّ المشاهد.وتبدي سالم مللها من الأفلام العربية التي ترى أنها “تكرر نفسها، وتعيد الموضوع نفسه دائما بتغيير الممثلين فقط”.أحد الأخصائيين الإجتماعيين، يرى أن الإعلام في الوقت الحالي أصبح متوفرا ومتنوعا، إذ أصبح التعرض الانتقائي له يؤثر بشكل كبير على الثقافات المتواجدة في المجتمع.ويستذكر الماضي عندما “كانت الحكومات هي المسئولة عما تبثه في القنوات العربية”، حينها كانت البرامج تخضع لرقابة أكثر، وكان طرح البرامج في إطار معروف ومنظم أكثر.ويضيف أن أكثر فئات المجتمع انصياعا للحداثة هم الشباب، لارتباطهم الشديد بكل ما هو حديث، ولأنهم أكثر فضولا وحبا للتغيير.ولكن على الجانب الآخر هناك شباب لا يستهويهم ذلك النوع من القنوات، فإبراهيم عبد الله لا تستهويه الأفلام الأجنبية، مرجعا سبب ذلك إلى أنها “تشتمل على ثقافة بعيدة تماما عن ثقافتنا العربية”.ويرفض إبراهيم (32عاما) إحالة أسباب متابعة تلك القنوات إلى أنها تحسن من اللغة الإنجليزية، مبينا أن أي شخص يمكنه أن يأخذها بطرق أخرى. ويؤكد أن “الضرر من متابعتها سيكون أكثر بكثير من المنافع”.الشرفي بدوره يؤكد أن متابعة مثل هذه القنوات، قد يشكل تأثيرا سلبيا على شباب المجتمع، مشيرا إلى أنهم يكتسبون ثقافات بعيدة كل البعد عن المجتمع العربي ككل.ويبين أن من السلبيات التي ستظهر على الشباب “تحول في سلوكياتهم وأنماط معيشتهم، ناقلا إياها نحو الحياة الغربية”. ويضيف أن لباسهم وقصات شعرهم، وحتى الأماكن التي أصبحوا يرتادونها للترفيه عن أنفسهم، جميعها باتت تحمل الطابع الغربي.إلا أن الشرفي لا ينظر إلى الأمر بمنظار أسود، فهو يؤكد على إيجابيات تشتمل عليها بعض تلك الأفلام والمسلسلات الأجنبية، بعضها صفات كاد العرب أن يفقدوها؛ كالوفاء في الصداقة والتضحية.ويبين أنه من الممكن خلال هذه المتابعة أن يعود الشباب إلى تلك الصفات الحميدة، وأن يعززوها بشكل اكبر في حياتهم، وبذلك يكونون قد قلدوا الصفات الإيجابية التي تطرح في بعض البرامج الأجنبية.ناقد سينمائي يستغرب الأحكام التي تطلق على تلك القنوات وما تبثه من مسلسلات وأفلام. ويؤكد “لا أمانع ولا أجد خطأ في التعرف على ثقافة الآخرين”.غير أنه يرى جانبا “منفرا” في تلك المحطات، وهو “الفيض الكبير من الأعمال الدرامية التي تسير على نسق واحد”، خصوصا ما يتعلق منه بدراما العنف التي “تتعارض مع الثقافة الإنسانية”.إلا أنه يشير في ذات الوقت إلى مفصل مهم في هذا السياق بتأكيده على أن بعض الأفلام المعروضة عربيا لا يتم تداولها أو بثها في القنوات التي تعرض للإنسان الغربي، رائيا في ذلك محاولة للتأثير على عقول الشباب وثقافتهم.ويؤكد أن دراسة في هذا النسق بينت أن الأفلام التي تم رصدها هي أفلام أميركية وتصور حال المجتمع الأميركي، وتحاول من خلال إنتاج هذه البرامج نشر قيم المجتمع الأميركي وأخلاقه، مركزة على “قيمة الشرطي الأميركي، وقدرته الفائقة والخيالية على الإنجاز، وتجاوز الأزمات والنجاح”. ويستغرب أيضاً غياب الأعمال المهمة من الإنتاج الغربي على الشاشات والقنوات الفضائية العربية، مستذكرا أعمال شكسبير، والأفلام الكلاسيكية القديمة.