عن مسؤلية الأسرة في تربية الأبناء يكثر الحديث بإسهاب لكن من منطلقات وأعراف مغلوطة قد لا تؤدي إلا إلى منحدر الركود الأخلاقي والنفسي حيث أن تبعات هذه الأخطاء دائماً ما يدفع ثمنها الباهظ الفرد وينقل هذه الثقافة والأعراف بتصرفاته وسلوكه من خلال إندماجه في المجتمع وفي أغلب الوقت يؤثر بها على من حوله فالأسرة في العرف القائم ليس مشروطاً فيها بناءً ناجح وفق أسس مدروسة ومعايير معينة.. الأسرة منهجية بناء.. العرف لائحة معاصرة كما يبدو لنا أنها تعاني من كبت شديد من قبل أعرافنا يهدد كيانها فقد ذهبنا بعيداً عن الأسس السليمة في بناء الفرد الذي يشكل أسرة لبناء المجتمع وها نحن على شفا حفرة من الجهل والفوضى وحل قيم سوداوية. فمن خلال ما قمنا به من حوارات مع بعض المختصين والمهتمين بمجال الأسرة حصدنا تلك المسلمات، كما تعرفنا خلالهم على المنهجية السليمة في بناء الأجيال باعتبارهم متخصصين في هذا المجال. المحضن الأول تعتبر الأسرة هي المحضن الأول في بناء وتشكيل شخصية الطفل بل هي نواة المجتمع التي تنشئ جيلاً ناجحاً قوامه الكتاب والسنة. ما أفادت به الأستاذة ابتهال عبدالله الأغبري بكالوريوس تربية إسلامية حاصلة على دبلوم إرشاد أسري ودبلوم إرشاد تربوي من مؤسسة الفرحة بدبي. وتؤكد الأستاذة ابتهال أن دور الأسرة وأولياء الأمور دوراً رسالياً عظيماً في بناء جيل النصر المنشود. وجيل يصنع التاريخ ويشارك في بناء الحضارة الإنسانية بكل فنونها وآدابها ومدنيتها ورقيها وتشير مؤكدة أهمية وأساسية دور الأسرة، بقولها إن دور الأسرة يتجلى بوضوح من خلال أن الأسرة هي التي تربي وتعلم وتوجه الأبناء منذ نعومة أظافرهم وتصنعهم في مصنع الحب والدفء العائلي لتشكل طريقة حياتهم وتفكيرهم وسلوكهم وأخلاقهم فإن ما يميز مجتمع عن آخر هو ثفافة أفراده ونوع التربية السائدة فيه فلا يميزهم غناهم أو فقرهم أو أشكالهم أو ألوانهم. وتواصل الحديث قائلة إنما هي التربية التي تلقوها من أسرهم وأولياء أمورهم هي التي ميزتهم وجعلتهم أشخاصاً ذوي هوية واضحة كما أنها دعمت لديهم نظرتهم لأنفسهم وللحياة من حولهم وزرعت في نفوسهم ثقتهم بالله عزوجل كما زرعت فيهم أهدافاً يرون من خلالها مستقبلهم ومستقبل دينهم ووطنهم. وتقول: أنهم لا يقفون متفرجين على الأحداث بل هم من يصدقها ويحركها وكل ذلك يجعل للأسرة مكانتها ودورها الريادي في صناعة مستقبل الأمم الراشدة. الرابط بين الفرد والمجتمع مفيد ناصر الزبيري مدير عام مؤسسة ناصر الطبية، وأحد الدارسين في برنامج المرشد الأسري الجاري حالياً يقول: من منطلق قوله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (خيركم خيركم لأهله). يعرف مفيد الأسرة من وجه نظره أنها الرابط الفعلي بين الفرد والمجتمع وهي حلقة الوصل بينهما، فبإصلاح الأسرة يصلح المجتمع والدولة بمفكريها ومهندسيها وأطبائها ورؤسائها ووزرائها ومثقفيها، ماهم إلا مخرجات أسرية فبصلاح أسرهم صلاحهم وبصلاحهم صلاح مجتمعاتهم. ويضيف مؤكداً بقوله: قد رأينا كيف أهتم القرآن الكريم بجميع مناحي الحياة إجمالاً، ولكنه عند الأسرة فصل أيما تفصيل وأهتم أيما اهتمام، ويشير مفيد إلى وجوب القائمين على البلاد الاهتمام بهذه الخلية ورعايتها، وإيضاح ما للأسرة من أهمية بالغة في جميع مناحي الحياة وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة التي يمكن أن ترتقي بالأسرة إلى مصاف التقدم والازدهار، وكذا إشراك القطاع الخاص بذلك. ويوجه مفيد رسالته بقوله: كما أناشد وزارة التربية والتعليم بتخصيص مواد أسرية في المناهج الدراسية تهتم بقضايا الأسرة وحقوق الزوجية وحقوق المرأة وفق الشريعة الإسلامية ويختم الزبيري حديثه: بأن الواجب علينا كأولياء أمور لبناء جيل ناجح في حياته أولاً تقوى الله عزوجل وثانياً: القدوة الحسنة، وثالثاً القراءة والمطالعة في مجال تربية الطفل والمراهقين وغيرها من الوسائل التي تجعل من الوالدين نموذجاً ناجحاً. لائحة القيم والمعتقدات سبأ الماربي مدير فريق الفنية في نادي الأسرة السعيدة تقول: إن دور الأسرة جوهري وأساسي في تربية النشء فهي المبرمج الأول الذي يضع لائحة القيم والمعتقدات التي يترجمها الفرد في حياته المستقبلية ويسقطها على سلوكه وتصرفاته ليكتب في سطور حياته بأبجدية بيئته التي تربي وترعرع في كنفها. وتضيف: بعد دور الأسرة تأتي المدرسة لتضيف لمحتوى الفرد قيم أخرى وتدمج مع المحصول الأول ليصبح مبدأ وعادة لدى الفرد أكتسبها ممن حوله فإذاً للأسرة دور أهم لأنها من تبدأ على أرض خصبة ومن يأتي بعدها يضيف فقط. وتقول الأستاذة/ سبأ الماربي: إنه لابد من وجود قدوة حسنة للطفل والمراهق كعنصر أساسي لبناء شخصيته وتؤكد أنه لابد من وسيلة الحوار الأسري للتفاهم بين الأفراد وضرورة وجود الحب اللا مشروط من قبل المربين وتربيتهم على قيم سامية وتشجيعهم من قبل الأسرة وعدم كبت الطفل والمراهق ولابد من الديمقراطية في التربية.. وتشير إلى أهمية التفهم والتفاهم، وأنه لابد لابد من توعية المربين من آباء وأمهات ومعلمين بأهمية دورهم. النواة الأولى عندما يكون الفرد ناجحاً في داخل أسرته فإنه ينجح في حياته بأسرها، ذلك ما أكدت عليه أميرة السعيدي محامية حيث ترى: أن الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع واللبنة الأساسية من لبناته وهي كذلك المحضن الذي يتشبع الإنسان منه مبادئ ومعتقدات ومن ثم تصبح تلك المبادئ والمعتقدات هي الدوافع والمحركات التي تبلور جميع تصرفات الإنسان. وتؤكد أميرة أن صلاح معتقدات وقيم الأسرة ستنعكس على مخرجات الفرد نفسه فإن صحت وحسنت فإن المخرجات ستكون إيجابية وخلاقة، وإن فسدت فستكون بالتأكيد سلبية. وتوجه حديثها بقولها: من واجبنا كأسر مسلمة النشء أن نقوم بدورنا المهم في الحياة من تربية وتعليم وغرس قيم ومبادئ وأخلاق سامية لندرك الأمم السباقة ونتلافى أخطاءنا وليرضى الله عنا في الدنيا والآخرة. مصدر للعقد النفسية يؤكد عصام قاسم مدرب في التنمية البشرية، وأحد الدارسين في برنامج المرشد الأسري أن الأسرة عنصر هام وأساسي في بنية المجتمع بقوله: يكاد يكون دور الأسرة هو الدور الأساسي في تربية وبناء جيل ناجح مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". فيؤكد عصام أن دور الأسرة هو الدور الأول والمؤشر الأكبر على شخصية الفرد الذي يعتبره أيضاًَ البنية الأساسية لبناء الأسرة التي هي وحدة بناء المجتمع ولكن يقول متى يكون ذلك إلا إذا كانت الأسرة متقنة لوسائل وأساليب التربية الصحيحة وإلا فإن الأسرة تصبح مصدراً للعقد النفسية القاتلة للنجاح والإبداع. كما تقول نبيلة الوليدي مدرسة في التنمية البشرية ومدرسة قرآن كريم خريجة علوم شرعية متحدثه عن دور الأسرة قائلة: للأسرة دور كبير في بناء جيل قوي، فعال، مبدع، ثابت ومتوزان بل إن دورها أولي وأساسي ويبدأ من مرحلة النطفة حيث يقول صلى الله عليه وسلم:"تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" والأسرة مسئولة أمام الله جل وعلا وأمام المجتمع عن هذا الدور قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) سورة التحريم. وقال صلى الله عليه وسلم:" كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول". وتضيف أنه في علم البرمجة تعتبر الأسرة المبرمج الثاني للعقل الباطن للإنسان وثبت أنه يتم صياغة 90 % من شخصية الطفل خلال السبع سنوات الأولى وهنا تكمن أهمية وخطورة دور الأسرة وبالذات الوالدان في بناء الجيل القادم.