هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها.. حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!. القلق داء عضال ، يهجم على النفس فيخنقها ، ولا يدعها إلأّ ركاماً وأطلالاً . ولقد بحث ذوو الألباب والأفهام عن دواء لهذا المرض الفتاك ، وأفنوا أعمارهم في تتبع آثاره ودوافعه ، باحثين عن الطريقة المثلى لزهقه والتغلب عليه . يحكي الباحث الأميركي ديل كارنيجي حكايته مع هذا المرض ويقول : ( عشت في نيويورك أكثر من سبع وثلاثين سنة ، فلم يحدث أن طرق أحد بابي ليحذرني من مرض يدعى القلق ، هذا المرض الذي سبب في الأعوام السبعة والثلاثين الماضية من الخسائر أكثر مما سببه الجدري بعشرة آلاف ضعف ، نعم لم يطرق أحد بابي ليحذرني أن شخصاً من كل عشرة أشخاص من سكان أمريكا معرض للإصابة بانهيار عصبي مرجعه في أغلب الأحوال إلى القلق !! ) . وأمضى كارنيجي حياته في مساعدة البائسين ، صرعى القلق والاضطراب ، إلى أن خلص في الأخير إلى روشتة ذهبية نصح بها كل من يبحث عن دواء للقلق وهي : انشغل دائماً ، واهرب من فخ الفراغ .. لا تحزن على ما فات .. لا تبالغ في الخوف والاهتمام بما سيأتي .. ويؤكد منهجه هذا قائلاً : إن من مبادئ علم الطبيعة .. أن الطبيعة ضد الفراغ وأنك لو ثقبت مصباحاً كهربائياً مفرغاً من الهواء .. فإن الهواء يتسلل إليه على الفور ويملأ كل فراغه ، وكذلك العقل فهو إذا خلا مما يشغله تسللت إليه الهموم وتمكنت منه . يتفق مع كارنيجي المفكر الإيرلندي جورج برناردشو حيث يجيب على سؤال عن القلق والتعاسة وكيفية التغلب عليهما بقوله: (إن سر الإحساس بالتعاسة والاضطراب هو أن يتوفر لديك الوقت لتتساءل هل أنت شقي أم سعيد ! ) . تؤكد هذه النظرية تجربة عاشها أحد الجنرالات أثناء أحد الحروب حيث وجد نفسه فجأة وحيداً بين ثلوج القطب الجنوبي فيقول : في الليل قبل أن أطفئ المصباح لآوي إلى فراشي كنت أرسم لنفسي سيناريو لعمل الغد ، فأخطط في خيالي جدولاً فأقول : سأقتطع ساعتين لتنظيف الثلوج من أمام خيمتي ، وساعة أخرى لعمل نفق خلف الخيمة ..، ولا أدع لنفسي دقيقة فراغ واحدة .. ولو لم أفعل ذلك لكان الثمن حياتي .. أو عقلي . ولقد أثبتت الإحصائيات أن حالات الانتحار تقل كثيراً أثناء الحروب وذلك لشعور الناس أن هناك مهمات وتحديات يجب عليهم مواجهتها ، ويضعف لديهم الشعور بالفراغ ووحشة الوقت . إن الانشغال بمهامك العظيمة صديقي القارئ ، والتركيز على أدوارك في الحياة والاهتمام الخالص بها ، كفيل بألا يسلمك إلى القلق والتوتر والضغط العصبي . والانسان منا ، لديه احتياج روحاني ، ومادي ، واجتماعي ، وجسدي ، فإذا ما رتبت حياتك ، بحيث تعطي لكل جانب من جوانب حياتك حقها من الاهتمام والعناية والدأب والعمل ، فثق يقيناً أن القلق لن يطرق باب قلبك أبداً . لن يرضى الله عنك إذا انقطعت في مسجد ساجداً راكعاً ، مهملاً واجبك تجاه الناس والانسانية ، كما لن يرضى عنك - كذلك - إذا ما هجرت جانبه ، ونسيت حقه عليك ، وانشغلت بالكسب المادي فقط . إن الروشتة العظيمة للتغلب على القلق ، أن تضع لنفسك أهدافاً سامية وتنشغل بها ، أن تحاصر جيوش ( التوتر ، وضيق الصدر ، والاكتئاب ) قبل أن تهجم عليك ، أو تقترب من أسوار حياتك . الراحة في أن تعيش حياة متزنة ، معطياً لكل ذي حق حقة ، ناثراً من عرق جهدك على أرض أحلامك ما يكفي لإنعاش بذور الطمأنينية والرضا وراحة البال بداخلك . إشراقة : قل الحركة تثمر الشك والخوف .. كثرة الحركة تثمر الثقة والشجاعة .. إذا أردت قهر الخوف ، لا تقبع في بيتك مفكراً فيه ، بل اخرج واشغل نفسك . ديل كارنيجي