صنعاء القديمة مدينة ذات جذور تاريخية قديمة ، اختلف إليها الكثيرون ممن زاروا اليمن قديماً وحديثاً فهي - بالإضافة إلى كونها مزارا سياحيا - ذلك المركز التجاري الهام الذي مهد الطريق أمام قوافل التجارة القادمة إلى اليمن من مناطق شتى .إلا أن ثمة اماكن خاصة اطلق عليها السماسر ، هذه الاماكن شكلت النواة الحقيقية لمجمل النشاطات التجارية ، فكانت بمثابة ثقافة تداولها السكان المحليون خاصة عندما اتسع نشاطها لتشمل خدمات الايواء وتخزين وحفظ البضائع بالاضافة إلى كونها مصارف مالية صغيرة . السماسر باتت مقاصد سياحية وتعليمية ، حيث تكفلت – منذ وقت طويل – في اخراج كوادر حرفية تمتهن العديد من الحرف مثل صناعة العقيق اليماني والفضة والنسيج ، العديد من التفاصيل في سياق التحقيق التالي : تاريخ تطور السماسر لو حاولنا التوغل الى قلب الماضي لكشف بدايات التكوين الحقيقية لهذه السماسر لعرفنا ان وجودها قد سبق ميلاد الاسلام، لكنها – ربما – لم تكن قد اتخذت هذه التسمية من قبل ، وفي اليمن يمكن القول ان التكوين الفعلي لها بدأ في العام 1651م ، حيث تعتبر سمسرة محمد بن الحسن اولى السماسر ، حيث شهد لها بالرقي فنيا ومعمارياً آنذاك ، وقد تم انشاؤها لغرض خزانة الاموال والمدخرات النفيسة . وكدأب اليمنيين وتشبثهم بثقافة التقليد فقد مضت هذه السماسر في الازدياد والتطور بعدما ادرك القائمون عليها اهميتها في تنشيط حركة السوق ودورها المهم في تقديم الخدمات التجارية المفيدة كا تخزين البضائع وحفظ الودائع والايواء ، ومع زيادة التدفق التجاري فقد ازدادت الحاجة الى تطوير هذا النمط من البناء المعماري السمسري – ان جاز لي التعبير – لتنتقل من الطور القديم المتمثل بالخانات والدهاليز الى الطور الحديث المتسم بالعقود والشرفات والاستراحات والبناء المزخرف المتعدد الاغراض . مثل هذا البناء حلقة اساسية من حلقات حركة التجارة الدولية ( القوافل ) التي ازدهرت مع مرور السنوات وحيث لم تعد تؤدي وظائفها السابقة المتمثله بالخزن والايواء بل قفزت لتصبح مراكز اساسية لتطوير الحرف اليدوية ومدارس لتعلم فن صناعة العقيق والفضة بالاضافة الى فن نحت الاخشاب ودباغة الجلود . في اليمن تعتبر صنعاء القديمة النقطة الاساسية التي انطلقت منها ثقافة بناء هذه السماسر حيث تم تداول بنائها رغبة في التوسع المادي والظهور القبلي ، وقد تزايد اعداد السماسر بشكل كبير وتوسعت اغراضها ، وبرزت اسماء عديدة لكن البعض منها قد نالت نصيبا وافرا من الشهرة ، واستطاعت ان تعيش عمرا اطول بفضل خبرة اصحابها وتجسيدهم الواضح لمبدأ التوريث لهذه المهنة جيل بعد آخر ، ولعل ابرز السماسر سمسرة محمد بن الحسن ، والنحاس ، والمنصورة ، ومريد ، الشماه ، والذماري ، وكل واحدة من هؤلاء قد اتخذت طريقا مغايرا من حيث نمط تقديم الخدمات التجارية . سمسرة النحاس .. مدرسة تطوير الحرف اليدوية للوهلة الاولى يخيل لدى البعض ان السماسر تعد جزءاً من تاريخ قديم قد تبخر ولم يعد لها ما يبرر التوغل لكشف تفاصيلها أو حتى مجرد الخوض فيها ، لكن عندما تصبح هذه الاماكن تحت رعاية الاممالمتحده واليونسكو ، ويتولى رئيس مجلس الوزراء افتتاحها رسميا فإن الامر يحتاج الى وقوف وتمعن ، وهذا بطبيعة الحال قد جعلنا ندرك اننا امام سمسرة النحاس المتواجدة في سوق الملح احد اهم الاسواق التجارية في صنعاء القديمة. السمسرة افتتحت رسميا عام 1989م من قبل أ / عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الوزراء آنذاك وشملت تحت رعاية الاممالمتحدة واليونسكو ، وتم تطويرها لتصبح مركزا لتطوير الحرف اليدوية ، سمسرة النحاس هي اشبه بمعهد تقني ولكن بصورة مصغرة ، فقد تم استقدام خبراء اجانب ومحليين لتدريب كوادر محلية في المجالات الحرفية المتعددة مثل صناعة العقيق والفضة وتعلم الفنون النسيجية بالاضافة الى حفر الاخشاب وتطويعها لاغراض مختلفة . هذه السمسرة من السماسر القديمة لكنها كانت محصورة في خدمة اسر بعينها مثل بيت عسلان والسنيدار وبني القاسم وكانت تؤدي دورا تجاريا متمثلا في خزن الحبوب والتمر والقماش ..........الخ مخازن للتجار وأقبية للحيوانات الحرفي نعمان البهلوان المتخصص في الاحجار الكريمة ، كان واحدا من الذين التقيناهم في سمسرة النحاس حيث بدأ اكثر بشاشة ، وفيما يخص السمسرة تحدث قائلا:“ سمسرة النحاس من السماسر القديمة في صنعاء القديمة واكثرها شهرة ، فقد كانت – منذ زمن طويل – عبارة عن مخازن للبضائع التي تجلب من اصقاع عدة عبر طريق التجارة القديم ، لكنها فيما بعد تحولت فيما يشبه اللوكندة فقد خصص الدور السفلي للحيوانات بينما الادوار العلوية للمسافرين ( تجار وغيرهم ) وقد كانت تقدم بعض الاشياء كالقهوة ، لكن ثمة تحولاً حصل في العقود القليلة الاخيرة حسب تقدير البهلوان ، حيث باتت السماسرة تتجة نحو الجوانب الحرفية ، وقال كل دور من ادوار هذه السمسره يعنى بحرفة معينة فهنا - مثلا -الدور الاول متخصص في المسوغات الفضية ، والثاني في صناعة العقيق اليماني والثالث في فن النحاتة ( الجبس والأخشاب ) . ومن ناحية اخرى تحدث نعمان عن علاقتة بمهنة صناعة العقيق وقال: احترفت هذه المهنة منذ 25 عاما حيث وهي بالنسبة إلي كل شيء ، وبخصوص مناجم العقيق : قال تأتينا احجار العقيق الخام من مديريتي آنس وعنس في محافظة ذمار ونخضعها هنا للفحص والعمل اليدوي الطويل حتى نتمكن من استخراج العقيق . ولعل من ابرز العقيق الذي رأيناه في هذه السمسرة العقيق الاحمر وهو الابرز والاشهر والمشجر والعسلي والسماوي والمزهر والمصور والسليماني والاسود . لكن ثمة نوعاً من العقيق تعلقت به بعض المعتقدات البائسة ، هذه الاحجار تسمى احجار الشؤم وقد نسجت حولها الحكايات في كونها تبعث الشر والبؤس لحامله . جدير بالذكر ان هذه السماسر تخضع لرقابة الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية . سمسرة المنصور .. بيت الفن التشكيلي بعد بضعة امتار من سمسرة النحاس تقبع سمسرة المنصوري وهذه الاخيرة قد جسدت الفن التشكيلي بأبهى صوره ، هذه السمسرة كانت في السابق تعرف ببيت مال الدولة حيث تتكون من خمسة طوابق ، وقد خصصت جميعها لهذا النوع من الفن . السمسرة أعيد ترميمها في العام 1990 من خلال منحة تمويلية تفضلت بها حكومة المانيا وقد استغرق العمل فيها ثلاث سنوات متتالية . ثمة شعور خاص يحس به الزائر لهذا المكان ، وهو شعور بذلك الجمال المنبثق من كل زوايا المكان حيث اللوحات الفنية بتعدد اشكالها وتنوعاتها . طفنا في أروقة هذا البيت لبعض الوقت وفي هذا السياق التقينا بالفنان التشكيلي رضوان مغلس نائب مدير المركز الوطني للفنون وقد كان رجلا متفائلا سمحا لا تغادره الابتسامة ، حيث حدثنا عن السمسرة قائلا : انشئت في عهد الامام المنصور وقد دأبت على النشاط التجاري منذ زمن بعيد شأنها شأن كل السماسر في ذلك الوقت ، لكن بعد ان دلف علينا عام الوحدة أعيد النظر فيها خاصة عندما افلحت جهود الفنان فؤاد الفتيح – ابرز الناشطين في هذا المركز – في اعادة الحياة اليه من جديد ، الفنان الفتيح اتخذ طريقا آخر لم تكن قد سُلكت من قبل وذلك من خلال تحويله هذا المزار التجاري الى دار للفنون التشكيلية بكل تفاصيلها واتجاهاتها . واضاف مغلس: يعد هذا المركز من الاماكن النشطة حيث تقام فيه العديد من الورش لتبادل خبرا ت الفنانين ، بالاضافة الى كونه ملتقا لجميع الوفود السياحيه سواء الرسمية أو العادية ، ونوه الى ان المركز يضم 22 رساما ويحوي بين جدرانة 203 لوحة فنية . كبار الزوار الاجانب من جهة اخرى قال الفنان رضوان مغلس: إن المركز ( السمسرة ) يستضيف معارض رسمية مماثلة من كل انحاء الوطن العربي . واردف قائلا: كما يعد من ابرز الاماكن التي زارها ويزورها كبار المسئولين الزائرين لهذا البلد ، وقد زاره كل من المستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر والروائي العالمي الالماني جونتر غراس والرئيس الاريتري اسياسي افورقي ، ووزراء عرب ووفود رسمية اجنبية ، بالاضافة الى فنانين عالميين وعرب ابرزهم الفنان البريطاني مارتن يومان وجميعهم قد سجلوا انطباعات جيدة عن هذا المكان في سجل الزيارات . الفن المعماري للسماسر الفن المعماري الذي تم اتخاذه في بناء هذه السماسر جزء لايتجزأ من الفن المعماري لصنعاء القديمة ، هذه السماسر وان اختلفت في الغرض التجاري الا انها تتفق في التصميم المعماري ، فهناك سماسر بطابق واحد وهناك بطابقين وهناك من تتعدى الخمسة طوابق ، وقد روعي عند تصميم هذه الاماكن – سابقا - ان تكون محاطة بفناء يسمح بتقديم خدمات للزوار سواء كانوا تجاراً أم غير ذلك ، وتكون عادة ذات مدخل واحد ليتسنى مراقبة ومعرفة الداخل والخارج . معظم السماسر تم بناؤها بالاحجار الرملية وتم خلالها استعمال مادة الياجور لزخرفتها وتزيين الطوابق العلوية ، حيث تستمد هذه السماسر ضوءها من خلال فتحات صغيرة في السقف أو في الجوانب ، وقد تم تصميمها بهذه الطريقة تلافيا للبرودة الشديدة التي تشهدها المدينة، كل دور من الأدوار يخصص لغرض واحد واحيانا لاكثر من غرض خاصة عندما يصل عدد الغرف في الدور الواحد الى اكثر من 16 غرفة حيث تمارس فيها فنون حرفية عدة . 1615م بداية التكوين الفعلي للسماسر في اليمن ,حيث تعتبر سمسرة محمد بن الحسن أولى السماسر 1989م رئيس مجلس الوزراء آنذاك عبدالعزيز عبدالغني يفتتح سمسرة النحاس. 1990م اعيد ترميم سمسرة المنصور من خلال منحه تمويلية من الحكومة الألمانية وقد استغرق العمل فيها 3 سنوات متتالية. 5 طوابق تتكون منها سمسرة المنصور التي كانت تعرف في السابق ببيت مال الدولة. 1990م افلحت جهود الفنان فؤاد الفتيح ابرز الناشطين في المركز الوطني للفنون في إعادة الحياة لمركز الفنون في سمسرة المنصور حيث حوله إلى دار للفنون التشكيلية بكل تفاصيلها واتجاهاتها. 22 رساماً في المركز الوطني للفنون. 203 لوحة فنية يضمها المركز الوطني للفنون. 16غرفة في كل دور للسماسر حيث تمارس فيها فنون حرفية عديدة.