كانت تصيح واقفة، تقلب كفيها و تدير رأسها يمنةً ويسرة كأن الريح تعصف، مع أنها لم تكن تعصف، و المنزل ينظر إليها في صمت .. صمت.. صمت، عنقهُ مال إلى الأمام قليلاً وكرتا عينيه صعدتا قليلاً إلى الأعلى، و صارت عدستاهما تحت الأجفان تماماً. بلا رموش بدت عيناه، و فيهما لا مبالاة شديدة تبدو و كأنها عجز، و السماء دارت غيومها في ملل، كل غيمة في اتجاه، و كل عشبة صغيرة ترفع رأسها لتطلع على ما وراء الشبابيك و هي تختبئ خلف حصاةٍ لتهمس في أذنها مترقبة: “و ماذا بعد الآن؟”. “وماذا بعد الآن!!؟” صاحت الشجرة، و لم تكن على أغصانها عصافير، و لم يكن لها ورق و لا ثمر و لا ظل، لأنه لم يكن هناك شمس......