الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    هل بدأت حرب إقليمية بالمنطقة وما المتوقع من زيارة ترامب المرتقبة؟    بعد ضرب بن غوريون..استعداد جنوبي للتطبيع مع الصهاينة    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    السامعي: استهداف ميناء الحديدة ومصنع اسمنت باجل جرائم لا تسقط بالتقادم    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    قدسية نصوص الشريعة    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتقلنا من صحوة التدين إلى صحوة الوعي
محمد سيف العديني ل «الجمهورية»:
نشر في الجمهورية يوم 06 - 03 - 2012


سلطان البركاني من قادة الثورة ضد صالح
من زاوية الفكر الذي يخاطب العقل لايدغدغ العواطف يقرءا الراهن والمتغير ويسقط استشرافا ته للقادم على قواعد صلبة تقود إل استنتاجات صائبة.. الكاتب والباحث في التراث الإسلامي / محمد سيف العديني في حوار مع “ الجمهورية “:
وأخيرا يصحو الشارع العربي على هدير الثورات أو الحركات التصحيحية كما يسميها البعض.. ما ذا يرى الأستاذ محمد سيف العديني هنا؟
مرحبا بك أولا في مدينة إب والشكر موصول لصحيفة الجمهورية التي مثلت نقلة كبيرة موازية للتغيير في اليمن، وأشكرك شخصيا على هذه الزيارة ، سائلين المولى أن يعينكم على إظهار الحقائق للشعب، فيما يخص ثورات الربيع العربي أو الحركات التغييرية كما يسميها البعض، أقول: هناك سنن لا تتغير ولا تتبدل، ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم، ومنها هذه السنن سنة التداول وسنة التدافع، والنظام العربي بعد الاستعمار عاد إلى العقل العربي القديم، لكن بأشكال متجددة، في النظام العربي القديم شيخ القبيلة..شيخ العشيرة أو العائلة التي تتحكم بالقبيلة والتي تمارس قطع الطرقات وتمارس الإغارة من أجل جمع الأموال، هذا كله مورس ولكن بطريقة جديدة، حتى الأحزاب التي نشأت سابقا من تقدمية ويسارية انتهت بالعقل العربي الذي مارس الصراع القبلي،وهنا العقل الواعي غاب، مقابل ظهور العقل العشوائي.. اللاواعي، فكان ما وصلنا إليه من الانسداد والانغلاق ووصول هذه الأنظمة إلى الفشل الذريع التي أصبحت غير قادرة على إدارة شعوبهاوهنا تحولوا بعد ذلك إلى مشروع التوريث بكل وضوح “عيني عينك” كما هو الشأن لدى القبيلة سابقا،واليوم الحياة تحولت في كل مناحيهاوظروفها التي نعيشها اليوم من جميع جوانبه، اليوم العالم غرفة،وقد نشأعن هذا التقارب وعي ومعرفة وفهم، ونشأت أحزاب ومنظمات مجتمع مدني واحتك العالم العربي بالعالم الغربي وغيره وما حدث على ضوء ما ذكرنا هو أمر طبيعي للخروج من هذا الانسداد،و نحن في اليمن، وصل الحد بالنظام إلى أن يفرغ الديمقراطية من محتواها مائة بالمائة..
كيف أفرغه من محتواه..؟
ربط كل مصالح المواطنين بنفسه واتباعه و وضع مشروع التوريث للعائلة وسماه العائلة الصالحية للخروج من البيت الأحمر، ومن جعل من الديمقراطية غطاء يغطي سوأة المشروع.ويسوق نفسه في الغرب.
ما هي ملامح التوريث تحديداً؟ وأين يمكن أن نجدها لاسيما والبعض ينفي ذلك؟
من ينفي ذلك كمن يحاول أن يغطي عين الشمس بغربال، هذا المشروع واضح لكل ذي عينين، الجانب الأمني ركب على العائلة وعلى مقاساتها، ركبت القوات المسلحة على مقاسات العائلة، الجيش الوطني فرغ من محتواه، وبدأت بعد ذلك الدعايات الإعلامية: مسجد الصالح.. مدرسة الصالح.. مدينة الصالح، على غرار المسميات الموجودة في الخليج.. آل سعود، آل نهيان، آل خليفة، آل الصباح..ولم يبق إلا أن يقولوا في اليمن آل صالح، وقد بدت ردود الأفعال تجاه هذا المشروع واضحة من داخل منظومة الحكم قبل أن تكون من الخارج.
يقول البعض إن النظام عندنا في اليمن قد هدم نفسه بنفسه بفعل تشظيه الداخلي أولا قبل الثورة عليه من خارجه..؟
هذا الكلام له واقعه وفعلا له وجاهته، الخلاف فجر المنظومة التي تحكم من الداخل، وأنت تعرف محمد أحمد إسماعيل تم تفجيره في الطائرة، فتح حرب صعدة للقضاء على الجيش القديم وعلي محسن، وإفراغ وتهميش كثير من قيادات المحاور العسكرية،الاب صالح و الابن وأولاد الأخ هيمنوا وأصبحوا هم أصحاب القرار.
هذه الشخصيات التقليدية من عسكرية واجتماعية التي تشير إليها تلميحا، حكمت اليمن في الفترة السابقة على طريقتها، وقد اختلفت آخر مسارها..؟والثورة جات لانقاذالبلاد من سياسات ومنهجية خاطئة.
حتى لا نقفز على الحقائق.. ثمة مسلمة تاريخية تقول: كل بلد يحكمه الأقوياء الموجودون، وغالبا بدون مشروع، ونحن عندما نحاكمهم إلى الدولة المدنية هذا يتطلب أن يكون هناك طلب للدولة المدنية ومشروع للدولة المدنية، وهؤلاء قاوموا المشروع، لكن لما نأخذ طبيعة الحكم في اليمن بعد ثورة 62م، سواء حكم السلال وكله حرب، أو حكم الإرياني وكان في دولة فقيرة تعتمد على السعودية في الميزانية، وحوربت حربا ناعمة، نحن لم نأخذ نفسا حتى نأخذ مشروع الدولة المدنية..
هناك نخب تقدمية ويسارية خلال فترة الستينيات والسبعينيات كانت تحمل المشروع المدني ولكنها لم تضع الواقع والبيئة في حسبانها فاختطف مشروعها منها نتيجة لسيطرة النخبة القبلية التقليدية..؟هذا الكلام فيه تضخيم إلى حد ما، وفيه جزء من الحقيقة. هؤلاء جاءوا بفكر وبنظر بلا مشروع مفصل، وأيضا لم يراعوا الواقع اليمني كماقلت حاولوا يقفزون على الواقع اليمني، مثلهم مثل ثوار 48م كان قادة الثورة يحملون مشروع دولة دستوريةحديثة، ولكن في مجتمع كله أمي وجاهل، مجتمع غارق في الشعوذة والخرافة، استطاع الأئمة آنذاك أن يقولوا للناس أن الدستور شخص “مبنطل” يحارب الدين، فخرج الناس من قرية إلى قرية يقتلون الدستور، حصل قفز على الواقع، الفكر الذي كانت تحمله النخبة التي تشير إليها والمستمد من ثقافة القاهرة وبيروت وقراة مصارع الاستبداد للكواكبى كان يحتاج إلى مواكبة للوضع اليمني، وكان يحتاج إلى مراعاة الوضع اليمني، كل الذي حصل أن هناك قوى سياسية اجتماعية موجودة فرضت نفسها، وهذا شيء طبيعي. لكن اليوم نحن نتحدث عن المجتمع المدني ورؤيتنا واضحة للمجتمع المدني بعد هذه المدة، اليوم عندنا رؤية واضحة عن النظام البرلماني.. عن النظام الرئاسي، اليوم الكل يتكلم وهو يدرك المسألة بوضوح، الجامعة خرّجت.. المرأة تعلمت.. المجتمع العربي احتك بالغرب واستفاد، كلامنا اليوم غير كلامنا سابقا..
ولكن كيف تنظر إلى مطالبنا الثورية قبل منتصف القرن الماضي وتحديدا في ثورة 48م مثلا، في الميثاق المقدس، مطالبنا آنذاك هي نفسها مطالبنا اليوم..؟
هذا يعزز ما ذكرته، أن هذه المطالب قد جاء وقتها لكن في تلك المرحلة، وفي ذلك الوقت لم يكن الوقت مناسبا لتحقيقها مع حاجة الشعب إليها، والدليل على ذلك أن قادة الثورة آنذاك لم يجرأوا أن يتكلموا عن نظام جمهوري، وإنما نادوا بإمامة دستورية وطرحوا واحدا من بيت الوزير، تخفيف للإمامة فقط، لكن اليوم نحن قادرون على الحديث عن نظام مدني مؤسسي، قائم على دستور واضح. الشعب يعرف ما ذا يريد.
هل نستطيع القول على ضوء كلامك أن ثورات الخمسينات والستينات في الوطن العربي قد فشلت؟
لا نقول فشلت، ولكن نقول إن هناك عقبات قد وضعت أمامها، وهي عقبات بعضها داخلية والبعض الآخر خارجي، ولا تنس الحرب الباردة بين قطبي الاتحاد السوفيتي وحلفائه من جهة وبني الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة أخرى. أدارا حربا سياسية.. حربا اقتصادية، حربا عسكرية، والضحية الشعوب الضعيفة، وأي ثورة حتى تنجح لا بد من مساعدتها داخليا وخارجيا، حتى تنفد مشروعها، وهذا ما لم يحصل حتى الآن لأي ثورة منها. الحياة كلها أخذت طابع الصراع الداخلي كثيرا.
قلت إننا نعرف اليوم إلى أين نتوجه.. ما هو المشروع الذي تحمله ثورات الربيع العربي اليوم في المنطقة؟
أولا أقول لك إننا على عتبة مرحلة تاريخية جديدة نضجت فيها جميع الأطراف التي طالما تصارعت خلال العقود الماضية، وقد مثل اللقاء المشترك في اليمن المؤشر الأول لهذا النضج، أن التقى الجميع ضد الظلم والاستبداد أي كان مصدره، ومصدره السلطة التي تخاف الاقتراب من كرسي الحكم، في هذا الالتقاء حصل نوع من المراجعة الفكرية والثقافية والسياسية، التي أيقنوا من خلالها أنه لا مكان للإقصاء والاستبداد بعد اليوم أبدا من أية جهة أو جماعة مهما كانت.
أنا سألتك عن مشروعكم القادم؟
المشروع الذي يجب أن نحمله اليوم جميعا هو مشروع دولة المؤسسات، لأن أي فرد يحمل مشروعا والآلية التي سينفذ بها المشروع غير موجودة أو فيها خلل فما قيمة هذا المشروع؟ ولهذا فشلت المشاريع السابقة، لأن آلية الدولة غير مهيأة، كانت وعاء غير قابل لاستيعاب المشروع، مثلا في تركيا الآلية موجودة ممثلة في الدولة بدستورها.. بمؤسساتها من قبل أن يأتي الإسلاميون، هذه الآلية التي على ضوئها يمكن أن تدار الدولة جاهزة. جاء الإسلاميون بمشروع لم يقولوا: نحن سنحكم بالشريعة أو سنطبق الشريعة، الأمر مرتبط بالجانب الاقتصادي، وما عداه سهل وستحل كلها، لو استقرأنا المشكلات الموجودة اليوم في المنطقة لوجدنا المشكلة الاقتصادية رقم واحد. حزب العدالة جاء والآلية موجودة ممثلة في الدولة، فانتقل مباشرة إلى المشروع لتنفيذه، بطريقة غير صدامية، اليوم مشروعنا أولا إصلاح الدولة كآلية، بعد إصلاح الدولة على الأحزاب أن تقدم مشاريعها، الأحزاب اليوم غير قادرة اليوم على أن تقول عندي مشروع جاهز. اليوم على الإسلاميين أن يتجهوا إلى تحديث آلية الدولة وإصلاحها مع بقية القوى السياسية ..
ما ذا عن توجهات النخب السياسية القادمة مع أمريكا؟
أولا لست مع القول بأن أمريكا على كل شيء قدير، وأن الأمور كلها تحت سيطرتها كما يقول البعض، يجب أن ندرك سنن الله في الحياة، الحياة قائمة على التدافع، قائمة على التداول، وتلك الأيام نداولها بين الناس. الأوربيون والأمريكيون أصحاب مشاريع عالمية...
هناك أمر آخر وهو إيران ومشروعها في المنطقة، المشروع الإيراني ذي بعد حضاري وقديم، له عمق وله أنصار في الوطن العربي، أمريكا لن تستطيع أن تقف أمام المد الإيراني، المذهب الوهابي المتشدد غير قادر على الوقوف في مواجهة المشروع الإيراني، الغرب وأمريكا عرفوا حجم الفصيل السني الإخواني اليوم في المنطقة هو مشروع مرن ويملك القدرة على التعامل ببرجماتية.منطلقا من مقاصد الشريعة.
على ذكر التيار الوهابي.. ألا ترى أن هذه الجماعة ضاربة بجذورها داخل أروقة الجماعة، وتمثل لها فيما تمثل ثقالة وكابحا ضد التغيير السريع وضد الحداثة؟
لا بد أن ننظر للمسألة بخلفياتها، لأن النظرة المجتزأة للقضايا لا تؤدي إلى تكوين رؤية شاملة وصحيحة، في تاريخ المسلمين وفي إبان غزو التتار والصليبي، انتشر الفكر الصوفي التخريفي الذي يهدم ولا يبني، فكان رد الفعل القوي من قبل جماعة أخرى، كان على رأسها مدرسة ابن تيمية، ثم جاء بعد فترة لاحقة لها فكر محمد بن عبد الوهاب التي تعتبر امتداداً لها، قبل أن تظهر المملكة العربية السعودية في نجد، فحصل اتحاد العمل السياسي لآل سعود مع العمل الدعوي لآل الشيخ، وتأسيس المملكة على هذا الأساس، أي أن فكر محمد بن عبد الوهاب أصبح مدعوما بعمل سياسي، وأي مذهب يرتكز على عمل سياسي لا بد أن يحاول فرض نفسه بالقوة خلافا للفكر الذي لا يرتبط بحكم، حتى المذاهب السنية كان انتشارها بقدر تبني حاكم معين لهذا المذهب، حصل ارتكاز العمل السياسي على المذهب الديني ثم صادفت الثورة النفطية الهائلة بعد ذلك فاجتمع المال والفكر إضافة إلى الرحاب المقدسة هناك، هنا حصل انتشار لهذا الفكر بقوة المال، بقوة العمل السياسي للدولة الحاكمة، فتأثرت بعض الدول بهاوهذا أمر يفرضه الواقع وكانت اليمن أكثر تأثرابسبب الجوار وبسبب الفقر وتدخل السياسة في الشان اليمنى مثلاأنا درست هناك في المملكة العربية السعودية المرحلتين الإعدادية والثانوية، في الرياض وحضرت حلقات مشائخ جامع الديرة في الرياض من مثل الشيخ عبد الرحمن بن جبرين، والشيخ ابن باز وغيرهم ومستوعب الفكرة، المشكلة قائمة على الجانب السياسي الخلفي الذي جعل هذه الفكر يصدر، ونحن في اليمن شئنا أم أبينا لا بد أن نتأثر، فتأثرنا بحكم الطلاب الدارسين، بحكم خريجي الجامعة الإسلامية، وكذلك التجار، هناك تجار يتبنون أفكارا خارج المملكة كمشاريع خيرية بالفكرة التي تربوا عليها، أي يصدر الفكر وفقا لمدرسة محمد بن عبد الوهاب.
المسألة أيضا ليست منفصلة عن السياسة.. من ضمن وصايا هنري كسينجر في السبعينيات: يجب وهبنة جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة؟
هذا فيه نوع من التضخيم لما حصل من أحداث، أو توظيف استخباراتي، المسألة ليست بعيدة أيضا عن صراعات عبد الناصر والملك فيصل حينها، هذا الصراع أضفى نفسه على الصراع الديني، حصل تأثر وتأثير من قبل الإخوان المسلمين هناك غير عادي، أنا ممن دخل الإخوان المسلمين في السعودية وأنا طالب صغير، ولما كان ذلك التأثير جاء التفكير لضربهم، فدعمت جماعات أخرى لا أريد أن أسميها، حصلت قضية مقتل الملك فيصل وحادثة جهيمان هذا كله من أجل ضرب الإخوان المسلمين في المملكة، وبعدها استطاع الغرب أن يستفيد من ظاهرة الصحوة الإسلامية في الوطن العربي فجيشوا الجماعات الإسلامية للجهاد في أفغانستان...
ألا ترى أن هذا التيار قد مثل لكم عائقا وكابحا إلى حد ما هنا في اليمن؟
التجمع اليمني للإصلاح حسم أمره بنظامه المؤسسي وبأطره التنظيمية التي تجعل القرار جماعيا مائة في المائة ولا يستطيع شخص أن يتحكم بالمسار أو مجموعة فيه بحكم أن الأطر قائمة على عمل شوروي وتصويت، الإصلاح يحمل تنوعا داخليا ومن هذا التنوع المتشددون الذين قلت عنهم سابقا إنهم ثقالة، هؤلاء أمر طبيعي.. جزء من الثقافة الموجودة وجزء مما ورثناه من صراع المرحلة الماضية، وهؤلاء مع الأيام ينضجون ويستوعبون المتغيرات، فلا خوف منهم، فالتشدد موجودفى كل الأمم والجماعات والأحزاب.
هم بالنهاية موجودون ولهم تأثيرهم؟
هل هم الناطق الرسمي باسم الإصلاح؟ هل هم من يصيغون توجه الإصلاح؟ هل هم من يضعون خططه وبرامجه؟ الجواب لا. إذن الإصلاح قائم على أسس وأطر تنظيمية واضحة تراعي البعد الداخلي والبعد الخارجي، لكن كأفراد اعضاء ولهم تاثيرهم فهم يمثلون انفسهمم وأعتقد أن تأثيرهم بقدر وجود التناغم في المجتمع وتأثيرهم سيكون بقدر وجود دافع آخر يوظف هذا الصراع، وقد استفاد علي عبد الله صالح من هذا التوظيف على أساس يضعف الآخرين.
قلت لهم تأثير أكثر في البيئة الجاهلة.اوالمتناغمة. لماذا؟
أرجو التركيز معي على هذه النقطة، نحن في العالم الإسلامي بعد نوم عميق وتخلف كبير.. اصابناتخلف علمي.. تخلف سياسي.. تخلف اقتصادي..ووصلنا إلى مرحلة الشعوذة وأن الدين مجموعة شعوذات، قامت الثورات الأوربية واستعمرتنا وبدأنا نصحو، فلما قمنا صحا نوعان من الناس، نوع أنتج تطرفا علمانيا ونوع انتج تطرفا دينيا، وبالتالي فإن هذا التطرف أنتج صحوة تدين ولم ينتج صحوة وعي، وأرجو أن نفرق بين صحوة التدين وصحوة الوعي، نحن أنتجنا صحوة تدين بامتياز، حتى نحن في التجمع اليمني للإصلاح قطعنا شوطا كبيرا في ذلك، لكننا لم نقطع الشوط الكبير في صحوة الوعي، وصحوة الوعي مرتبطة بمجموعة عوامل حتى يكون المتدين واعيا، مرتبط أولا بالوعي السياسي، وأنت تعرف أن الاشتغال بالعمل السياسي كان محاربا، وكان جزءاً من مظاهر التدين عدم التدخل في العمل السياسي، وهذا قمة في الجهل، ولهذا عندما جاءت الوحدة في اليمن وربطت بالتعددية الحزبية فإن هذا كان انتقالا من صحوة التدين إلى صحوة الوعي، بواسطة العمل السياسي، هذا قطع شوطا كبيرا، ربما ما يقارب من 90 % من الوعي، والأعداد الأخرى من توقفوا عند صحوة التدين هؤلاء إما أن يواكبوا المسيرة وإما أن يتوقفوا، لأنهم غير قادرين على إيقاف التيار. تيار الوعي اليوم كبير، ولهذا جاءت ثورة الشعب الشبابية السلمية لتقفز بالوعي إلى أعلى.
ما دامت عجلة التغيير قد دارت وهؤلاء متوقفون عند صحوة التدين فإنكم ستنوءون بحملهم أنتم..؟
هذا شيء طبيعي، وأثناء حركة أي جماعة تريد قيادة الأمة إلى الأمام تجد من المتخوفين والمتثاقلين والمثبطين الكثير، وهذا حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم.والانتقال من القديم الى الجديديصحبه ممانعة وهذاطبيعى.
هناك اليوم من يحرم الدولة المدنية ويراها كفرا بواحا في الوقت الذي تدعون أنتم إليها؟
في الحقيقة لا يوجد من يحرم الدولة المدنية بالشكل الواضح، وأيضا بأسلوب علمي، إنما وحسب تصوري بعض منهم يريد أن يقول أنا موجود. البعض يقول: الثورة قامت والناس متجهون للحياة المدنية والحياة ستمشي ويريد أن يقول أنا موجود فقط، ولما تريد أن تقول أنا موجود لا بد أن تلقي بحجرة، لا بد أن تخالف، من باب “خالف تعرف”وهذاماقلته الممانعةو لو أخذنا المسألة بوعي وبعلم، من ناحية شرعية ومن ناحية تاريخية سنجد أن الدولة المدنية هي مقابل الدولة القبلية، الدولة المدنية مقابل الدولة العسكرية، الدولة المدنية، مقابل دولة الفوضى، الدولة المدنية مقابل الدولة العرقية الطبقية التي تقسم المجتمع إلى سادة وعبيد، لكن في الغرب حصل صراع بين الكنيسة والثورة العلمية، في الغرب الدولة الدينية ضد الدولة المدنية، فهؤلاء الذين قفزوا للوسط الثورة مازالت مستمرة وكأنهم يقولون: الدولة الدينية ضد الدولة المدنية، استعاروا النموذج الذي حدث في الغرب. وسأسألهم سبعة أسئلة وهم يجيبون عليها: هل هناك نص صريح صحيح يحدد من يحكم؟ هل هناك نص صريح صحيح يحدد كيف يصل الحاكم إلى الحكم؟ هل هناك نص صريح صحيح يحدد الأساليب التي يحكم بها الحاكم؟ هل هناك نص صريح صحيح يحدد أساليب المراقبة والمحاسبة للحاكم؟ هل هناك نص صريح صحيح يحدد مدة الحكم؟ هل هناك نص صريح صحيح يقول إن الحاكم يحكم حتى يموت بدون أي تسليم للسلطة؟هل هناك نص صحيح صريح يحدد نوع وشكل الحكم ونوعه الجواب لن نجد لذلك جوابا، المنهج الإسلامي وربنا تبارك جعل هذا الأمر لاجتهاد المسلمين بحسب ظروفهم وأوضاعهم. هؤلاء يطرحون هذا الرأي من باب نحن موجودون فقط!!
هم يستدلون بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ولهم كتاب صدر في ذلك؟
هؤلاء ركبوا في ذهنهم الدولة المدنية مقابل الدولة المدنية في الغرب ثم كتبوا
يقال إن نجاح الحركة الإسلامية في تركيا عائد بالأساس إلى عدم وجود مثل هذا التيار داخلها على العكس من بقية الحركات في المنطقة العربية؟
لكل بلاد ظروفها، وأصحاب الدولة المدنية لابد أن يضعوا هذا في الحسبان، لأن أي تجربة في الحكم تنقل من منطقة إلى منطقة فاشلة بامتياز...وقد ذكر ذلك الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه عن الديمقراطية في الوطن العربي أنها زادت تأزيما، قال نريد ديمقراطية تبنى على ما نحن فيه.
البعض يحملكم جزءا كبيرا من مسئولية ما نحن فيه اليوم كونكم كنتم جزءا من نظام علي عبد الله صالح..؟
علي عبد الله صالح والإخوان موجودون والملكيون موجودون والاشتراكيون موجودون والقوميون موجودون، هذه كلها موجودة من قبل والقوى الخارجية رتبت له الأوضاع آنذاك، طبعا حينها رتبت له المدخل والآن رتبت له المخرج، والإخوان المسلمون جزء من القوى السياسية في هذا البلد وتعاملوا مع هذا النظام كغيرهم، وهنالك مسألة الفكر الماركسي الذي كان يتبناه السياسيون في الجنوب هذا استفز الناس، فوقفوا مع علي عبدالله صالح لأنه يوجد خصم مشترك، كان الخصم الفكر ولا أقول الرجال، الرجال أبطال ومسلمون، لكنها تقرأ وفق الحرب الباردة، وقد وقفوا لا أقول مع علي عبد الله صالح بل مع المبادئ التي يحملونها. بعد العام 90م حملوا مشروع دولة ونظام، جاءت الأزمة ولها ظروفها، لكن أين تكمن المشكلة؟ أقول: عندما بدأ مشروع التوريث يطل بقرونه فحسم الإخوان موقفهم، وقالوا لن نتحول إلى أدوات لإنتاج حكم العائلة من جديد! الثورات قبل اليوم قامت ضد حكم العائلة.
ما موقفكم اليوم من المرأة؟ من الفن؟ من الآخر؟
ما يخص المرأة لم تعد هناك إشكالية في التجمع اليمني للإصلاح نهائيا، حق المرأة السياسي مكفول، اليوم المرأة في فروع الإصلاح وفي الثورة جنبا إلى جنب مع الرجل. نفس العملية فيما يخص الفنون، لا مشكلة، الفن بمفهومه الواسع لا مشكلة فيه. الأقليات عندنا لا وجود لها. عندنا قليل من اليهود، أنتم كصحفيين تعجبكم المناكفة وتعجبكم بعض الأسئلة التي تثير الآخرين، نحن نعتبر هؤلاء اليهود مواطنين يمنيين لا خلاف عليها لا من قريب ولا من بعيد، أقبل به عضوا في حزب التجمع اليمني للإصلاح.
هناك شرط في استمارة الانتساب تشترط التزام المنتسب أن يكون قائما بالشعائر الدينية؟
عادي.. يكون قائما بالشعائر الدينية حقه. وأقبل به قياديا إذا تم انتخابه.
مؤخرا أعلن السلفيون تبنيهم لعمل حزب سياسي.. ما ذا ترى؟
هذا من ثمار ثورة الربيع العربي، أنا قلت إن الانتقال من صحوة التدين إلى صحوة الوعي يحتاج إلى عمل سياسي، وتأسيس السلفيين لحزب سياسي خطوة رائعة على طريق الوعي السياسي.
لك تعليق مهم بشأن مقال الكاتبة الصحفية بشرى المقطري قلته في خطبة الجمعة.. حبذا لو اطلعتنا عليه..؟
الموضوع لا يؤخذ كما ضخم، وأقول: في مرحلة الصراعات السياسية الفاصلة كمرحلتنا هذه سيستغل النظام الزائل كل فجوة وسيخيف الغرب بالقاعدة والإرهاب، أثناء ما تحدثت الأخت بشرى المقطري في كلامها الذي لا يستساغ ولا يقبله عاقل، لكن أن يضخم ويرد عليها بعدد كبير من العلماء معنى ذلك أنهم حققوا لهدف الذي يريده من يثير الصراع، فجعلوا من الحبة قبة، كان الأفضل أن يتم الرد عليها في صحيفة، ولو ضخمنا المسألة ترفع عليها دعوة إلى النيابة بدلا من البيان.
صحيفة الجمهورية اتخذت مسارا جديدا في الأداء وكان بين راض وساخط عليها... ما تعليقك؟
الحقيقة أنه منذ أن غيرت الصحيفة مسارها لا يفوتني منها عدد يوميا وقد اتفقت مع أحد الأكشاك أن يحجز لي نسخة يوميا لأنها تنفد من الأسواق، وفيها توجه ممتاز سمحت بالحضور لكل الأطراف إلى درجة أعتبرها أحسن من صحف المعارضة.
قال الشيخ سلطان البركاني أنها غير حيادية وفيها ما لا يدعو إلى الوفاق؟
هذا يختلف سلطان البركاني ندعي أنه من قادة الثورة الذين قادوا الثورة ضد علي عبدالله صالح ونقدم له الشكر على أساليبه التي تقلع علي صالح الذي قلع إلا أن سلطان يمارس القلع حتى اليوم، الرجل صاحب مشروع وهو مشروع نزع عروق علي عبد الله صالح إلى العظم، فقد قال إنه هو وعلي صالح إنهم أطهر من ماء السماء وهذا كلام لا يقوله عاقل..
الكلمة الأخيرة مفتوحة؟
أقول: نحن اليوم في مرحلة يجب فيها تصفير العداد، نصفر عداد الصراع، نصفر عداد التمترس، نصفر عداد الإقصاء ، نصفر عداد التهميش وأن نفتتح صفحة جديدة لثقافة الحرية والعدالة والمساواة وقبول الرأي الآخر، لا بد أن نتبنى قضايا المواطنين، قضايا الشارع حتى يستحق المثقف هذا اللقب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.