نخطئ كثيراً حينما يتجه أحدنا إلى العناية بالطيب المصنوع ويتجاهل الطيب المطبوع، أعني به طهارة السريرة وحسن الخلق والسيرة!! نخطئ كثيراً حينما نهتم بملابسنا ومظاهرنا على حساب بواطننا وقلوبنا وأخلاقنا!! نخطئ كثيراً حينما نعتني بأجسامنا ونهمل قلوبنا ونفوسنا!! نخطئ كثيراً حينما نعتني بإصلاح ما بيننا وبين المخلوقين وننسى ما بيننا وبين الخالق سبحانه!! نخطئ كثيراً حينما نتأدب مع المخلوقين وننسى الأدب مع الخالق سبحانه!! نخطئ كثيراً حينما نصلح دنيانا بتمزيق ديننا!! نخطئ كثيراً حينما يعمد أحدنا إلى التأدب مع الآخرين وينسى الأقربين!! نخطئ كثيراً حينما نهتم بأنفسنا وننسى الآخرين!! نخطئ كثيراً حينما لا نتنبه إلى أننا نخطئ كثيراً!! نخطئ كثيراً لا نشعر بأهمية محاسبة أنفسنا وتعديل أخطائنا!!.. فيا أيها... أيُّها الأخ القارئ إنني أعنيك وأعني نفسي في هذا الخطاب ولست أعني أحداً آخر!! أيُّها المعني بتزيين ظاهره والغافل عن حقيقة باطنه!! أيُّها الملمع يديه ووجهه ماذا صنعت لقلبك؟! أيُّها المنظف ثوبه، هل نظفت طويتك ودخيلة نفسك وطهرتها؟! أيُّها الملمع حذاءه والغافل عن نفسه وقلبه !! هلا تذكرت نفسك وقلبك؟! أيُّها المتطيب في الظاهر !!هل تطيبت في الباطن أيضاً حتى لا تكون ذا وجهين !! وماذا يفيدك طيب الظاهر مع فساد المخبر؟!! وماذا يفيدك حسن مظهرك مع فساد مخبرك؟!! أيُّها المتجمل للناس! هلا تجملت لرب الناس!! أيُّها المزكي نفسه عند الناس! هلاّ زكيت نفسك لله؟! أيُّها المصلح أمر دنياه! هلا أصلحت أمر آخرتك؟! أيُّها الباني له داراً مؤقتة هنا! هلاّ بنيت لك داراً مؤبدة في جنان عدن عند مليك مقتدر!! ما الذي يذكرك دنياك وينسيك آخرتك؟! وما الذي ينفعك تعمير دنياك إذا كانت آخرتك خرابا؟! هل انعكس عليك الأمر فظننت أن الدنيا هي المؤبدة والآخرة هي المؤقتة؟! أم أنت في شك من يوم القيام فلم تؤمن به إيمانك بالحياة الفانية؟! ألا ما أعظم الغفلة!! وما أدهى المصيبة!! فهل أعزيك؟! وماذا ينفع العزاء في هذه الحال؟! إنه لا يملك قريب أو بعيد أن يواسيك في هذه المصيبة إلا بأن يدلك على الدواء! ويبصرك بهذه المصيبة التي دونها كل المصائب ويدلك على الطريق.. يذكرك... يعظك... يزجرك.... يحذرك.... فذلك هو الصديق الصادق.. والله يصلح حالنا وحالك في الظاهر والباطن وفي الدنيا والآخرة، والله المستعان!!!! لم يبق من جل هذا الناس باقية ينالها الفهم إلا هذه الصور!! فجلهم إذا فكرت فيهم حميراً أو ذئاباً أو كلابا!!!