سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدخل في النقد الدرامي التلفزيوني المحاولة الجادة لنقاد الدراما التلفزيونية للكتابة ضمن حدود منهجية بعيداً عن عمومية المقال الصحفي وبما يمكن أي دارس للعملية النقدية تصنيفها ضمن المناهج النقدية..
يكاد من المستحيل أن نتناول بالنقد عملاً درامياً تلفزيونياً، من دون مرجعيات سابقة عن ماهية التلفزيون، بوصفه وسيلة اتصال جامعة لمختلف الفنون الدرامية، الذي تشترك فيه دراما التلفزيون مع بقية أنواع الدراما في السينما أو المسرح أو الإذاعة، فضلاً عن خبرة الناقد بالتلفزيون عملياً ونظرياً بما يؤهله لامتلاك أدواته النقدية، التي تهيئ المجال الأمثل لطروحاته النقدية، وقطعاً يختلف توظيف تلك الأدوات من ناقد إلى آخر. وإذا ما سلمنا أن معظم نماذج النقد المنشورة تعمد بالطبع إلى إيصال ملاحظات ومقاييس ناقد معين في مواجهة ما لا يحصى من المقاييس والملاحظات السابقة.وهنا نجد أن العملية النقدية للتلفزيون بشكل عام وللدراما التلفزيونية بشكل خاص وجدت لها وفرة من المعلومات والانطباعات السابقة، سواء على مستوى التنظير والدراسات أو على مستوى التطبيق، مما ينشر من دراسات تحليلية، تتمثل بالرسائل الجامعية أو ما تنشره الصحف والمجلات من مقالات نقدية، والتي غالباً ما تكتب بطريقة انطباعية، تستند إلى معالجات وتصورات من الصعوبة تعميمها على واقع نقد الدراما التلفزيونية، مما أدى عدم الاستناد على الفحص الدقيق للمشاكل المطروحة، وإنما إلى وجهات نظر من الممكن الالتفاف عليها واتهامها بعدم العلمية أو التسطح أو المحاباة وغيرها من الكلمات، التي تنتشر على مساحة ما يكتب من ردود أو تعليقات حول نقد الدراما التلفزيونية في الوطن العربي. ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى تغييب كامل للنقد التلفزيوني، وهو أمر نسبي ما بين دولة عربية وأخرى، فعلى سبيل المثال نجد أن نقد الدراما التلفزيونية غائب في العراق إلا ما ندر، وذلك لقلة النقاد والكتّاب الذين يمارسون العملية النقدية في حين يغيب هذا التهميش في مصر، ويعود هذا إلى النشاط الصحفي المكثف فيها وكثرة ما ينتج من دراما تلفزيونية، وكثرة المطبوعات التي تهتم بالفنون بصورة عامة، و كثرة الفضائيات وبرامجها في مصر على العكس من العراق ويواجه نقاد الدراما التلفزيونية في الوطن العربي مشاكل عديدة عند تصديهم بالنقد، لما يعرض من دراما تلفزيونية ومنها: المشكلة التقليدية ما بين الشكل والمضمون فإذا ما استمال المضمون الناقد سُحب النقد باتجاه المناهج الأدبية، ولاسيما القصة والرواية، وفي أفضل الحالات يتجه الناقد نحو المنهج الذي يعطي أفضلية للنص على طريقة العرض. الخلفية الثقافية السينمائية والتي لا يمكن التخلي عنها من قبل ناقد الدراما التلفزيونية وذلك لوحدة الخطاب الصوري المرئي للسينما والتلفزيون. المحاولة الجادة لنقاد الدراما التلفزيونية للكتابة ضمن حدود منهجية بعيداً عن عمومية المقال الصحفي وبما يُمّكن أي دارس للعملية النقدية تصنيفها ضمن المناهج النقدية. عدم تعامل معظم المنشورات من المجلات الأدبية الإلكترونية أو المطبوعة من نقد الدراما التلفزيونية وبقاء النظرة التقليدية حول هذا النوع من النقد من حيث انه يعامل كانطباعات غير علمية ولا تقع تحت أي بند تصنيفي. وإشارة إلى ما تقدم نجد أن هناك ما لا يحصى من المقالات النقدية عن الدراما التلفزيونية في الوطن العربي بحاجة إلى إيجاد أطر عامة تحتويها وتمنحها جزءاً من خصوصيتها النابعة من خصوصية العرض التلفزيوني للدراما واشتراطاته، التي تختلف قطعاً عن السينما والإذاعة والمسرح، على الرغم من المشتركات العديدة، لذا فإن عدم وجود فرز منهجي أو تصنيف لأنواع نقد الدراما التلفزيونية الموجودة واقعاً في ما تنشره الصحف والمجلات العامة والمتخصصة في مجال التلفزيون، فضلاً عن الدراسات الأكاديمية المتخصصة سواء في مصر أو العراق. وبما أن السينما تقدمت على التلفزيون من خلال الوصول إلى التأطير النظري الفلسفي، شبه المتكامل للعمل السينمائي، مما يترك المجال مفتوحاً للناقد السينمائي في امتلاك الأداة العلمية التي تمكنه من إيجاد حلوله النقدية المناسبة للقضية التي يتصدى لها. ولأن التلفزيون يشبه السينما من حيث كونه وسيطاً يعتمد على الخطاب المرئي.. هذا الارتباط والتشابه هو الذي جعل من عملية التنظير والتأطير الفلسفي للدراما التلفزيونية يتوقف عند حافات الدراسات النظرية للسينما.. وينسحب الأمر نفسه على العملية النقدية التي تحاول ألا تعتمد على الأسس المرجعية للفنون المجاورة.. تنسحب باتجاه السينما لكونها فناً شريكاً، وليس مجاوراً لتبادلية العلاقات المنفعية بين السينما والتلفزيون. إلا أن القفزات التكنولوجية التي شهدتها أجهزة الإنتاج التلفزيونية، ودخوله عصر البث الفضائي واستمرار البث على مدار اليوم، أعطت للتلفزيون انفتاحاً أكبر على المتلقي وتراكم خبرات المشاهدة لديه، أفرزت كل تلك التطورات واقعاً نقدياً جديداً في الوطن العربي، قائماً على تلاقي الأشكال الكتابية للنقد الدرامي ومقربة للمسافات الثقافية التلفزيونية.. فقد أصبح النقاد العرب يشاهدون مختلف النتاجات الدرامية التلفزيونية، مما يجعل المجال أوسع وأرحب في تناول أشكال جديدة من النقد منفتحة وبعيدة عن الحدود الإقليمية لكل دولة، كما أعاد انفتاح الجهات المنتجة للدراما التلفزيونية العربية على بعضها واشتراك الممثلين العرب في أعمال مشتركة أعادت تشكيل المشهد التلفزيوني العربي لإمكانية ظهور خصوصية للنقد التلفزيوني للدراما التلفزيونية، أو لسواها من البرامج التي يقدمها التلفزيون.