كي لايرد الركلة بركلة ويتقبّل رأي الآخر، مسألة تحتاج إلى الصبر.. إنها الخطوات الأولى نحو تعلّم الطفل معنى التسامح الذي تصفه الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي المعرفي وعلم السلوك د. إلين حداد أنه “لغة لابد من أن يتعلمها الطفل منذ نعومة أظافره”. وتضيف: “لا يوجد تسامح في المطلق.. إنها مسألة ترتبط بالمجتمع والتربية على الديموقراطية وبالتالي على المواطنية..والتسامح هو نشاط نفسي، اجتماعي يقوم به الطفل كالراشد، إلا أنه في هذه الفترة العمرية الصغيرة يعني إلغاء العدائية». الطفل العدائي هو نتاج أسرة عدائية أومفككة، أولاتقيم وزناً لقيم المجتمع الإيجابية..والطفل في عمرثلاث سنوات كما تقول د. حداد: “يعيش ثورة التمرد بامتياز. لهذا يجب أن تستغل هذه الفترة لتدريبه على قبول الآخر المختلف، وحمله بأساليب شتى على أن يتخلى مثلاً عن ما هو عائد له، أو عما يريده من دون صراخ أوبكاء، وغيرها من التصرفات التي يقوم بها الأطفال إذا شعروا بالظلم..كل هذه السلوكيات الانفعالية تقود الطفل إلى اعتبار الآخر مصدر غضب وشخصاً غيرمرغوب فيه ويستاهل العقاب، فغضب الطفل هو عقاب للكبار، وإثبات للذات، ومدخل لممارسة نوع من السلطة.. وفي الوقت عينه دليل على صحة نفسية للطفل.. لذلك نقول: إن التسامح هو كلمة مضادة للغضب، إما تلغيه أو تجعله غضباً إيجابياً بمعنى الدفاع عن النفس». إذن ما هو دور العائلة؟ تجيب د. حداد: «إن المجتمع الديموقراطي ينتج عائلة ديموقراطية،تعكس التسامح من خلال تربية منزلية، ومدرسة يكون فيها الآخر مهما كان مقبولاً وغيرمنبوذ.. لكن هذا المفهوم لايعرفه الطفل الصغير..لذلك يجب على العائلة أن تعرِّف الطفل معنى كلمة التسامح..أما كيفية فهم الطفل معنى التسامح فتبدأ عندما يتخلى الطفل عما يحب ويريده لغيره برضا وطيبة خاطر.. وإذا حصل عراك بسببه وبالغ في العناد عليه أن يطلب السماح». يتعلّم الطفل التسامح ضمن العائلة والمدرسة من خلال حمله على الاعتراف بخطئه، وعليه أن يتخلّص من عناده أو غضبه أوالثرثرة في الصف أو الكسل.. وهذا بالطبع يغضبه ويبعده عن الأم أو الأب، فيكون تعليمه التسامح في هذه المرحلة لإخراجه من الأنانية حتى يتعامل مع الآخر بمحبة. وتضيف د. حداد: «إن التسامح ينفي الغضب والعدوان. ويحمل الطفل المتسامح على أن يكوّن عادات نفسية قيمية كلما تقدم في السن، فالغضب ليس دفاعاً عن النفس، بل هو شرخ بين الأنا والآخروبين حقي وحق الآخرين. والتسامح هو فضيلة، والغضب رذيلة اجتماعية، فالطفل المتسامح ذو التربية الديموقراطية يعرف ما يريد ويعرف كيف يسامح. إننا ربما لا نعلم الطفل التسامح. وقد يلجأ هو إليه من تلقاء نفسه كلما توطد نموه النفسي والاجتماعي والذهني عبر الدراسة والقراءة، إذا ما تهيأ في المنزل وفي المدرسة لأن يستوعب مثل هذه المفاهيم المعقدة التي لا تدرك إلا مع التقدم في العمر،لأن مفهوم التسامح عند ابن ثلاث سنوات غيره عند ابن ست سنوات.