بداية أشير إلى أن حديثي هنا عن العسكر أولاً هو بناء على الصورة النمطية والتاريخية، التي تشكلت في الذهنية العامة تاريخياً قبل أن تتشكل المؤسسة العسكرية نفسها في هيكل عصري مؤسسي، تمثل رصيداً حضارياً في البناء والتحديث، ونفس الأمر فيما يتعلق بالفقهاء الذين أقصدهم هنا ممن نالوا قسطاً معيناً من العلم الشرعي، وأصبحوا ينظرون إلى الناس من علٍ، أو من الأبراج العاجية متمايزين في خطابهم وملبسهم وهيئتهم عن غيرهم، فوجدوا أنفسهم فجأة في غمار السياسية بقصد أو بدون قصد.. المتتبع تاريخياً لطبيعة الأداء الذي جسده عملياً كثير من ذوي النزعات العسكرية قديماً، أو من العسكر أنفسهم بعد تمايزهم الفئوي حديثاً يجد أن ثمة مشتركاً “سيكولوجياً” بين الفئتين إلى حد كبير، على الرغم من الفارق الذي قد يبدو بينهما لأول وهلة! منذ قرون غابرة وللفقهاء سلطتهم الاجتماعية القوية والتي لا يستهان بها أبداً عكست ظلالها بصورة مباشرة وغير مباشرة على طبيعة الأداء السياسي نفسه، عبر التاريخ، ودائماً ما تجد العلاقة وطيدة بين كثير من الحكام وبين الفقهاء، أو عدد كبير منهم في الدولة، لا من منطلق الوئام الاجتماعي، الذي يجب أن يسود بين جميع الأطراف في الدولة الواحدة، إنما من منطلق الحرص على توطيد العلاقة من قبل الحاكم مع هذه الفئة، التي تمتلك رصيداً جماهيرياً وشعبياً لا يستهان به، وهو نوع من القوة التي يمكن أن نسميها بالقوة الناعمة لهذه الفئة. أما عن سبب هذا الحضور الاجتماعي لهذه الفئة فيمكن أن نوجزه في التالي: 1 ترتبط هذه الفئة إلى حد ما بتعاليم الدين والانشغال ببعض مسائله بصورة مباشرة، والأديان في حياة الناس من الثوابت التي لا تقبل المساس بها وهو شعور جيد إذا نظرنا إليه بصورة مبدئية وعلى إطلاق الصورة الكلية للمعنى.. مزيداً من التفاصيل