| القاهرة - من محمود عبدالله | رأى خبراء اقتصاديون مصريون أن البرنامج الاقتصادي المعدل، والذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي للتوصل لاتفاق للحصول على القرض البالغة قيمته 4.8 مليار دولار، تجاهل مشكلات الشعب المصري ولم يقدم حلولا للمشكلات الاقتصادية الملحة التي تؤرق المواطن خصوصاً ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومواجهة الفقر والبطالة وأزمة البوتاجاز والبنزين وطوابير العيش، بل سيزيدها. وقال الخبراء في تصريحات ل«الراي» إن البرنامج المعدل جاء مخيبا للآمال من حيث النظرة الواقعية للاقتصاد المصري، ومن حيث السياسات المطلوبة من أجل مواجهة الأزمة الفعلية التي تعاني منها الدولة والأفراد حاليا، إذ ركز على النظرة المستقبلية للأوضاع والمشكلات المصرية، ولفتوا إلى أنه كان ينبغي أن تكون الأولوية في محاولة إنهاء الأزمة الحالية والتركيز على توعية المواطنين وأعضاء البرلمان بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر وأن تطرح الإجراءات اللازمة والعاجلة لمواجهتها، خصوصاً ملف الاقتراض من الخارج ومدى أهميته في الفترة الحالية، مقارنة بما يطرحه الكثيرون الآن من بدائل لهذا الاقتراض الخارجي. ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة «الزقازيق» الدكتور محمد النجار أن البرنامج الاقتصادي المعدل الذي أعلنت عنه الحكومة اكتفى بتقديم شرح للواقع ووصف مستفيض لحالة مصر الاقتصادية والاجتماعية في الداخل والخارج دون تقديم حلول واقعية، حتى ان الإجراءات التي تضمنها البرنامج من شأنها مفاقمة الأزمة الاقتصادية للبلاد وزيادة غضب الشارع. وأوضح أن البرنامج حين تحدث عن المستقبل، كان تركيزه منصبا على المستقبل البعيد وعن المشروعات القومية الكبرى على الرغم من أن عمر حكومته سينتهي خلال 4 أشهر فقط وبالتحديد نهاية يونيو المقبل، كما أن حكومته حكومة تسيير أعمال ولن تستمر حتى العام 2014، فضلا عن أنه تجاهل احتياجات المواطن المصري العاجلة في الحياة متمثلا في الآمان، ولم يقدم حلولا أو إجراءات عاجلة لحالة الانفلات الأمني التي تعاني منها البلاد، والتي تعد السبب الأول والرئيس لأزمة مصر الاقتصادية. من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي رئيس إدارة صناديق الاستثمار في البنك الأهلي المصري الدكتور عصام خليفة أن البرنامج كشف عن الوضع الاقتصادي السيئ في مصر والصعوبات التي تتعرض لها الدولة منذ عامين بسبب أحداث الثورة وما تلاها من إغلاق قطاعات الإنتاج وهروب الاستثمارات، ولكنه لم يقدم خططا عاجلة لمواجهة هذه المشكلات الاقتصادية الملحة. قال إنه كان من المفترض على رئيس حكومة يعلم أن فترة بقاء حكومته قصيرة أن تكون الأولوية لديها هي محاولة إنهاء الأزمة الحالية والتركيز على توعية المواطنين وأعضاء البرلمان بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، وأن تطرح الإجراءات اللازمة العاجلة لمواجهة هذه الأزمة، خصوصا ملف الاقتراض من الخارج ومدى أهميته وضروريته في الفترة الحالية، مقارنة بما يطرحه الكثيرون الآن من بدائل لهذا الاقتراض الخارجي. بدوره، أشار رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق الدكتور حمدي عبدالعظيم إلى أن البرنامج المعدل لم يتحدث عن برنامج وطني للإصلاح ولا عن إجراءات ولا عن كيفية تقليص الإنفاق ولا عن تنمية الإيرادات في ظل نضوب الاحتياطي النقدي ونقص السيولة، كما لم يحدد مصادر النقد الأجنبي وهل ستعتمد البلاد على الاقتراض الخارجي أم لا. وأوضح أن البرنامج لم يتحدث أيضا عن أجندة محددة لدفع عجلة الإنتاج والتوظيف ولا عن كيفية تثبيت العمالة الموقتة وتحميل أعباء هذا التثبيت على الحكومة وترك هذه الأعباء لتتحملها الأجيال القادمة، وبالتالي هناك تساؤل هو، لماذا لم يتضمن برنامج الحكومة التعامل مع ملف القطاع الخاص وضرورة توفير المناخ المناسب له للإنتاج لاستيعاب هذه العمالة بدلا من تكليف الحكومة لأعبائها؟ وقال المحلل الاقتصادي أحمد زينهم، إن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي لم يتضمن تبعات الانفلات الأمني وتأثيره السلبي على الاقتصاد وتهديد الاستثمارات والمستثمرين وقبلهم المواطن المصري، وهل هناك إجراءات محددة للحد من هروب رؤوس الأموال للخارج وهل سننتظر نضوب الاحتياطي النقدي لمصر لمواجهة هذه المشكلة أم ان هناك سياسة بديلة من أجل استقطاب الاستثمارات واسترجاع حركة السياحة. أكد أنه كان لابد من نظرة واقعية للأوضاع المصرية من خبراء اقتصاديين لديهم خبرة أكثر ودراية عن الملفات التي تحتاج للمعالجة.