الأربعاء 13 مارس 2013 12:24 مساءً تتسارع الأحداث الجارية حاليا في الحديدة، بدءً بتشكيلات عديدة تحت مسميات متنوعة تهدف إلى إبراز القضية التهامية، ولفت نظر الدولة إليها، وهو حق مشروع خاصة وان المظالم كثيرة ولم تقم الدولة بوضع حلول جذرية لها. اتفق تمام مع المطالبين بالحقوق، بل إني في مقدمتهم بقلمي في كل الصحف والمواقع الإعلامية، ولكني بطبيعة الحال اختلف تماما مع الطريقة التي تتم بها.. فالمظلوم يحس بمرارة الظلم، وبالتالي لا يرضى ان يصاب به غيره، فما بالنا عندما يكون المظلوم ذاته سبباً في إيذاء الآخرين وإلحاق الضرر بهم. حذرت من الفوضى التي تعيث بالبلاد فساداً، وها هي تصل إلى مدينتا الحديدة، ويا لها لم تصل، فالدم التهامي بدأ يسيل وأول قتيل سقط، لأسباب لا يعرفها المساكين الطامحين برفع المظالم عنهم، ولكن يعيها مشعلو الفتن، المستفيدون الحقيقيون مما يجري اليوم في الحديدة، فهم يدركون انه ومع أول قتيل لن تهدأ الحديدة ولن تستقر إطلاقا. كنت أتمنى ان يسأل كل من يخرج للشارع مهددا هذا بإغلاق محله، ومحذرا ذاك من النزول مرة أخرى للحديدة، ومتوعدا فلان وعلان بأن دوره قادم طالما وهو ليس من أبناء تهامة، او على الأقل لا يناصر القضية التهامية عبر الأسلوب الذي لا يقر به المنطق، ولا يرضى به ديننا الحنيف. عندما بدأ الحراك التهامي، وأعقبه بعد ذلك تشكيلات مماثلة وان اختلفت الأسماء، أيقنت إننا في تهامة سائرون بتحكم بعض القوى نحو تأجيج الأوضاع، واستنساخ ما يحدث في الجنوب وتطبيقه حرفياً، لإغراض ليست في نفوس المظلومين ولكنها في نفوس -اليعقوبيين- المستفيدين من انتشار العنف في تهامة المسالمة، حتى تصل رسالة للعالم مفادها: حتى المسالمون في تهامة ينتفضون. ما ذنب من قتلوا –وبالتأكيد سيقتل الكثيرون في ظل الفوضى- ما ذنب شباب في عمر الزهور يخرجون ليعبروا عن قضيتهم بأن يكون مصيرهم الموت، من بنادق لا يعرفون هويتها –وإن قيل لهم أنها من رجال الأمن- لتكون الوقيعة أكبر بينهم وقواتنا المسلحة الذين هم من أهلنا وذوينا، وهنا نتساءل من أين يأتي السلاح؟؟ ولماذا يوجد سلاح لدى البعض؟؟. الفتنة تطل برأسها، ويراد منها ان تصل لكل بيت ليس في عاصمة المحافظة بل على مستوى كل مديرية، وهنا يبرز التساؤل المهم: من هو المستفيد من إراقة الدم التهامي؟؟ ومن هو المسئول عنه؟؟ بالتأكيد ان المساكين لا فائدة لهم في الأمر، على اعتبار ان صدورهم هي من تستقبل الرصاص الغير معروف مصدره. أثناء كتابتي لهذا المقال تلقيت مكالمة هاتفية من فضيلة العلامة الشيخ عبد الرحمن عبد الله مكرم –إمام وخطيب الجامع الكبير- عبر من خلالها عن تضامنه الكبير مع القضية التهامية من باب إنصاف الناس وإرجاع حقوقهم، وعدم تهميشهم، راجيا في الوقت نفسه ان تكون المطالبات عن طريق الأطر الشرعية والدستورية مع المحافظة على استتباب الأمن وعدم ترويع الآمنين أو نهب الممتلكات العامة او الخاصة، والحفاظ على الدم الغالي على كل يمني، وخلق الألفة بين المواطنين ورجال الأمن... لقد قال الشيخ المكرم ما يفرضه علينا ديننا الحنيف من إشاعة المحبة والتضامن والمطالبة بالحقوق في قالب سلمي بعيدا عن المناطقية او الحزبية او الطائفية، وهو ذاته ما ذهب إليه الشيخ محمد عام -خطيب جامع دحمان- الذي أنكر دعوات التفرقة، وعدها من الدعوات المقيتة التي يراد منها تمزيق الأمة وتشتيتها. إننا كتهاميين لنا حقوق، ينبغي علينا ان نسوّق قضيتنا بالطريقة التي تجعل الآخرين يتعاطفون معنا، لا ان نجرفها عن مسارها الصحيح، فالوطن بدأ يضمد جراحه ونحن شرعنا في نكايتها... اليمنيون متجهون للحوار بعيدا عن الفوضى، ونحن سلكنا مسلكا لن يحمدنا عليه أحد. قال لي أحدهم: صحيح إنكم مظلمون في تهامة، ولكن هل هذا الظلم وليد هذه السنة حتى تكون ردة فعل اليوم مغايرة لما كنتم عليه طيلة خمسة عقود؟؟ ان تساؤله يحتوي على كثير من المضامين فهو يريد ان يقول لي: لماذا سكتم كل هذه السنين؟ بما فيها السنتين الماضيتان عندما شاعت الفوضى كل ربوع اليمن.. ولماذا انتم سائرون خلف أناس ساهموا طيلة الخمسين عاماً ان تظلوا مظلومين، وهم متنعمون، وما ان بدأت النعمة تزول من أيديهم حتى أرادوا هدم المعبد على من فيه في تهامة. نعود ونذكر ونوجه نداءً عاجلاً لولي الأمر الأخ عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- بالتدخل السريع واحتواء المشكلة، فما حدث من صراعات في مختلف محافظات الوطن، وصعب تداركه حتى استفحلت وتفاقمت، ها هي اليوم تتكرر في تهامة العاشقة للسلام.. فعلى الأخ الرئيس تدارك الوضع فوراً حتى لا يتمكن البعض من تحقيق مآربهم في تأجيج الوضع، وخلق البلبلة بما يعكر صفو مؤتمر الحوار.. ولن يكون ذلك إلا بزيارة سريعة له لمحافظة الحديدة ليطلع بنفسه على همومها، وبالتالي التوجيه الفوري بإنصافها، أسوة بالمناطق الأخرى، مع تقديري له باعتبار من سقطوا شهداء كغيرهم من الذين خسرهم وطننا الحبيب.