في غمرة الحياة، ينشغل كثيرون بتحقيق أهدافهم المستقبلية، ويهتمون بتكوين عائلاتهم وتربية أبنائهم واستقرار أحوالهم الاجتماعية والمادية، ويقلُّ اهتمامهم بكبار العمر من آبائهم وأمهاتهم، لكن من الضروري الانتباه إلى أن تسارع وتيرة الحياة، وتوالي الأحداث الاجتماعية، وتطور وسائل التقنية، تسببت في فجوة كبيرة بين المتقدمين في العُمْر، والتغيرات الاجتماعية والثقافية، والأحداث السياسية والاقتصادية، وشَعَر كثير منهم بغربة فكرية وثقافية، وأشغلت كثيرا من اليافعين عن المتطلبات النفسية لكبار العُمر، وشجعتهم على إهمال حاجاتهم الأساسية، وعدم الالتفات إلى حاجاتهم المادية، واحتياجهم لاستمرار التواصل مع مُجتمعهم، والمشاركة في تنميته بوصفهم خبرات مهنية يُعتدُّ بها. وقد ساعد قصور بعض الأنظمة الاجتماعية والقوانين الإدارية، على زيادة معاناة كبار العُمر في المجتمع ، فنظام التقاعد غير المنصف ومخصصاته لا يكفي لعيش كثير منهم عيشا هنيئا، ولا حياة كريمة، في وقت هم أحوج فيه إلى الحفاظ على كرامتهم ومكانتهم، وقد وهنت عظامهم، ورقّت جلودهم، واشتعلت رؤوسهم شيباً، ويحتاجون إلى رعاية طبية متقدمة، نتيجة إصابتهم بأمراض مزمنة كالسكّري وارتفاع ضغط الدم، وقصور عضلة القلب ووظائف الكُلَى، واضطرابات المزاج كالاكتئاب، والتهابات المفاصل، إضافة إلى اضطرابات النوم بأنواعها كالأرق المزمن والشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم، في ظل قصور واضح من المؤسسات الصحية والتأمينية في توفير الحد الأدنى من الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية المستحقة، وقلة الاهتمام بتأهيل الأطباء المختصين في التخصص الدقيق ل «طب كبار العُمْر»، وإهمال المؤسسات الرسمية إنشاء نوادٍ اجتماعية وثقافية تهتم بحاجاتهم الفكرية والنفسية. كما يتجرّع بعض كبار العُمْر من الآباء والأمهات مرارة خيبة آمالهم في بعض أبنائهم وأقاربهم، الذين جرفهم تيار الحياة، وسرقتهم فتوّة الشباب، وغرّتهم صحة الأبدان، وزهوة منتصف الأعمار، ونسوا أفضال من ربّوهم وأنفقوا عليهم، وهُم تاج الرؤوس، فأساؤوا إلى مشاعرهم، وتجاهلوا حكمتهم وخبراتهم المتراكمة، ولم يُنزلوهم منازلهم، وانشغلوا عن رعايتهم وبذل أكتافهم ليتكئوا عليها، وقد شابوا في الإسلام، وتقدّمت بهم الأعمار، وانقطع رجاؤهم إلا من الله، لكن على الشباب أن يُراعوا الحكمة القائلة: «كما تُدين تُدان» ولا ينسوا أن الحياة في مُجملها، «سلفٌ وديْن» !!. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (92) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain