عزيزي فلان التاريخ 10/1/1985 قرأتُ رسالتك، فأغرقت في الغضب، ولم أجد فيها غير حديث المطاعم التي اختلفت إليها والطعام الذي ازدردته فيها، كأن باريس التي يطلقون عليها مدينة النور خلت من ألوان الثقافة، ولم يعد فيها شيء نتحدث عنه غير حديث البطون، وأنت المثقف الذي قرأنا في الصغر معًا: البؤساء، وأحدب نوتردام، وقصة مدينتين، وعصفور من الشرق، وعرفنا باريس بعقولنا قبل أن نراها بأعيننا. وقد ضاعف من غضبي أن من حمل رسالتك جاءني وفي يده علبة «شكولاتة»، وكان يلقى ترحيبًا أكثر في نفسي لو اكتفى بما حمل، أو جاءني بكتابٍ كنت أوصيت بجلبه معه، لكنه انفرد بي ليحدثني لأكثر من ساعة بنفس ما حوته رسالتك. لقد دهشت أن تهيمن أحاديث الطعام والشراب على أحاديث النخب. لقد أصبحت هي العناوين الرئيسية لمعظم اللقاءات، ولا أظننا سننجو من هذه الآفة قريبًا، كأن التعليم والثقافة لم يغيرا فينا شيئًا، وهي حالة مرضية ندعو الله أن يشفينا منها، وينجي أجيالنا القادمة من آثارها. لم أقوَ، يا صديقي على المجاملة، فقلت لصاحبنا في استهجان: كأننا بسطوة هذه الأحاديث، خلقنا لنأكل، ولنقلب الصفحة إلى حديث مفيد، فما كان منه إلاَّ أن وقف في الحال، يستأذن للخروج غير سعيد بما سمع، فإذا التقيت به وهو في طريقه إليك، وأتيتما على اسمي، فحاول التخفيف من غضبه، إذا كان لا يزال مصرًّا على الغضب!! للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (40) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain