معرض الرياض للكتاب أصبح علامة فارقة في المشهد الثقافي العام بحضوره الكثيف وعدد دور النشر المشاركة فيه وحجم وتنوع المعروضات بالاضافة إلى حجم المبيعات. رغم الشد والجذب الذي يرتسم على المشهد الثقافي السعودي كل عام قبل معرض الكتاب، وأصوات التهديد والوعيد التي ترتفع من بعض المحتسبين ومن يحسبون أنفسهم « حراس الفضيلة» إلا أن العمل العظيم والجهد الجبار لا يمكن أن يفشلهما تربص المتربصين ولا كيد الكائدين. المشهد داخل المعرض مفرح رغم تجول بعض رجال الهيئة الذي قد يوحي لدى البعض بعدم الثقة والتربص، إلا أن هذا المشهد أصبح مألوفاً ولم يعد مخيفاً كما كان سابقاً؛ فرق بين سلوكيات رجال الهيئة العام الماضي وهذا العام لم أرهم يطاردون النساء لزجرهن أو لفت أنظارهن للحجاب الشرعي كما كان يحدث العام الماضي مما رسخ - هذا العام - الاحساس بالراحة والحرية في الحركة والتسوق دون إزعاج أو توتر. الكتب المعروضة والممرات المرقمة والأجهزة الالكترونية التي توفر عليك ليس فقط البحث عن الكتاب بل تستطيع أن تحدد لك دار النشر والممر بالأرقام والأحرف وسعر الكتاب حتى تطمئن وأنت تشترى ما تريد وتعرف إمكانياتك أيضاً وتحدد بدقة احتياجاتك. الحركة - رغم الزحام- دون ضجيج؛ فالممرات فسيحة ودور النشر مرقمة ومرتبة وفي المدخل مكتب العلاقات العامة تجد فيه خريطة للموقع وجدول الفعاليات وكتيباً عن السيدات المكرمات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي تزامن معه المعرض هذا العام، فلم يتجاوز المناسبة بل قرر أن يكون تكريم الرائدات في عدد من المجالات احتفاء عمليا بالإنجازات التي حققتها المرأة في مختلف المجالات، وبذلك يضيف إلى سجله الحافل بالنجاحات نجاحاً جديداً أو تميزاً وابتكاراً يحصد براءة اختراعه بتكريم ثماني سيدات لهن الريادة في مجالات مختلفة على قائمة الأسماء تأتي صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبد العزيز لريادتها في تبني مبادرات لحل القضايا الراكدة المتعلقة بالمرأة والطفل والأمان الأسري والرعاية الصحية المنزلية وأضيف على ذلك ما تتمتع به عادلة بنت عبد الله من بساطة وتواضع تزيل أكوام الجليد التي يكومها بعض المسئولين بينه وبين الآخرين كي لا يقترب منه أحد ،يمكن أن تمنح وسام التواضع وسام البساطة وسام الثقافة وسام الخلق الرفيع لا أتملق ولا أدعي ولكني أعجز عن تجسيد الإحساس الذي تشعر به عندما تتحدث الى الأميرة عادلة . إنه إحساس غامض ينتابك وأنت تشاهدها بين الناس تتأخر ليتقدمها الأخريات ،تقف عندما تتقدم إليها إحداهن، تمد يدها في تواضع ،تتحدث بطلاقة تجيب على كل الأسئلة برحابة صدر وبصبر وابتسامة دون تأفف أو ضجر . مها فتيحي، تعمل بصمت وصبر وثبات، أسست نادي الفتيات في بيتها ثم نقلته إلى جمعية البر للترفيه عن اليتيمات وكانت لهن أمّاً حقيقية عاصرتُ فترة صغيرة من تلك الأمومة النادرة ومحاولتها إدماج الفتيات في المجتمع من خلال النادي وفتح العضوية للفتيات من خارج الجمعية لتنمية علاقات الصداقة والتواصل بين الداخل والخارج من خلال الأنشطة الفنية والرياضية. صالون المها الأدبي أحدث حراكاً ثقافياً ليس في مدينة جدة بل سرت عدواه إلى مناطق ومدن أخرى، ثم تبنيها فكرة إنشاء جمعية المرشدات وسأتحدث عنها في مقال منفصل. د/ خيرية السقاف ، عندما قرأت سيرتها الذاتية ضمن المكرمات عرفت لماذا هي على ذلك القدر من البساطة والتواضع كالسنابل الخضراء. ولأن الطموح الانساني لا يتوقف عند حد تمنيت أن تزين القائمة أسماء رائدات لهن قدم السبق في مجالاتهن أيضا د/ سميرة إسلام ،أستاذ علم الأدوية د/ فاتنة شاكر،رائدة في مجال الاعلام فهي أول رئيس تحرير لمجلة « سيدتي» ،أ/ فريدة فارسي من رائدات التربية والتعليم بالمفهوم الحقيقي لهما. مهرجان الفرح داخل المعرض يلونه الحضور المنظم والكبير للطلبة والطالبات من المدارس والجامعات، يتجولون في سوق المعرفة، يتدربون على ثقافة اقتناء الكتب، وهي الثقافة التي كانت غائبة في ثقافتنا،فأدمنَّا اقتناء كل شئ إلا الكتب غذاء العقل. هؤلاء الفتيان والفتيات فتحت لهم آفاق المعرفة، لكني أتمنى أن يترك لهم خوض التجربة بحرية واختيار ما يجذبهم ويلفت أنظارهم دون تدخل من المشرفين والمشرفات ،شعرت بحق هذه الوجوه البريئة في شئ من الحرية داخل معرض الكتاب. الحضور الكثيف لرجال ونساء كل منهم يسحب خلفه أو يدفع أمامه حقيبة تتضمن مشترياته من الكتب المختلفة، يثبت أننا أمة تقرأ، ويرفع حجم المبيعات أحد أسباب إقبال دور النشر رغم التدخلات والتربص والجدل الذي يثار حول المعرض، وأصبح معرض الرياض للكتاب من المعارض المهمة التي يشد لها الرحال رغم عمره الغض وسنواته القليلة بالنسبة لمعارض عريقة رسخت حضورها منذ عشرات السنين. مسئولو وزارة الثقافة يعملون بدون كلل، رأيت صاحب السمو الأمير سعود بن مساعد بن جلوي يتجول في المعرض، يتابع كل الأمور حتى الصغيرة كتأخر وصول سيارة لتقل أحد الضيوف من المعرض إلى الفندق مثلا! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain