تقف السمعة الناصعة التي اكتسبتها منظمة العفو الدولية على حد السكين. وهذا لأن العاملين في مقارها في مختلف أنحاء الدنيا يرمونها بالكذب وسلب حقوقهم المهنية، بينما المفترض أن سبب وجودها أصلا هو فضح الأكاذيب واسترداد الحقوق المسلوبة. في خطوة غير مسبوقة، أعلن العاملون لمنظمة العفو الدولية (آمنيستي إنترناشونال) إضرابا على نطاق العالم عبر نقاباتهم، قائلين إن المنظمة تسلب حقوقهم، رغم أن سبب وجودها هو استرداد الحقوق المستلبة. وأعلن العاملون في أمانة المنظمة العامة أنهم يحجبون الثقة عن مديرها العام (الهندي) سليل شيتي لأنهم صاروا على قناعة بأنه ليس أهلا للقيادة. وفي الوقت نفسه، قالت نقابة موظفي المنظمة في بريطانيا (مسقط رأسها ومهدها) إنها تطالب قادتها بالتنحي فورا، خاصة مديرتها كيت ألان. ونقلت صحف بريطانية عن ألان سكوت، الناطق باسم نقابة العمال البريطانية «يونايت»، قوله: «منظمة العفو الدولية إحدى أسوأ الجهات الكذوبة حيال موظفيها بالقياس الى ما نعرف. ولا نرى كيف يتسنى لمنظمة كهذه أن تتمتع بالمصداقية والفعالية إذا كانت تناضل من أجل الحقوق المهضومة بينما هي تهضم حقوق العاملين لها». وعُلم أن موظفي المنظمة كانوا قد نظموا إضرابهم الأول في سبتمبر / ايلول الماضي احتجاجا على خفض قدره 2.5 مليون جنيه (4 ملايين دولار) يهدف «لموازنة الميزانية المخصصة للسنة المقبلة» على حد قول إدارتها. لكن النقابة تقول إن هذا يعني الاستغناء عن خدمات عدد كبير من الموظفين المؤهلين ولا داعي له في المقام الأول. وقال سكوت إن الحديث داخل المنظمة عن أزمة مالية لا أساس له من الصحة، وإنها في الواقع سجلت نموا بمقدار 2 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة السابقة. وأضاف أن هذا بحد ذاته يعتبر إنجازا عاليا بالنظر الى ظروف الكساد المالي الطاحن الذي ظل يكتسح العالم على مدى السنوات الأربع الماضية. وأضاف سكوت قوله إن نقابة «يونايت» على قناعة تامة بأن إدارة «آمنيستي» لجأت الى «الكذب» في تصريحاتها المعلنة بهذا الشأن، وإن السبب الحقيقي وراء الأمر كله هو أن الفرع البريطاني يريد نقل الموارد المالية الموفرة الى الإدارة الدولية للمنظمة. والواقع أن هناك تكهنات تفيد أن الإدارة الدولية من جهتها تريد خفض عمليات لندن من أجل إقامة و/أوتعزيز مراكز ثقل أخرى في كل من نيروبي وجوهانسبيرغ وبانكوك وهونغ كونغ. يذكر أن رياح هذه الهبوب ظلت تشتد منذ وقت الإضراب الأول حتى وصلت الآن الى مرحلة العاصفة. فقد قدم مدير البرامج في المنظمة الدولية في اميركا اللاتينية استقالته احتجاجا على ما اسماه «المعاملة غير الكريمة بحق العاملين». ونظم العاملون أنفسهم مرابطات لدعم إضراباتهم أمام مقار أساسية للمنظمة في كل من السنغال واوغندا وباريس وبيروت ونيويورك وجوهانسبيرغ وهونغ كونغ. ومن جهتها ردت «آمنيستي» على الخطوات التي اتخذتها نقابات عامليها وأصدرت بيانا جاء فيه أنها «غير منصفة» وأن اتهاماتها «غير دقيقة وتخطئ تفسير إجراءات ضرورية اتخذت بالتشاور بما يتفق ومتطلبات التغيّر الى الأفضل».