أسألُ اللهَ أنْ لا يؤاخذَ أهلَ هذا الوطن، بما يفعلُه السفهاء. وأعوذُ بالله مِنْ بَطَرِ النعمة ما ظهرَ منها وما بَطَن، وأتلمّسُ رأسي، وأتحسّسُ عقلي، وأنا أرى منْ يُلقُون بنعم الله في المَكَبّات، بينما يبحث الفقراء عن لُقْمة عيش فلا يجدونها، ثُمّ أتساءل: هل تكونُ هناك ألفةٌ بيْن الناس في هذا المجتمع إذا كان «ما يزيدُ عن أربعة ملايين وجْبة غذائية، تُرْمَى يوميّا في النِّفايات، كفائضِ طعامٍ في المِنْطقة الشرقية فحسب» (صحيفة المدينةالمنورة، 1 جمادى الأولى 1434ه، ص 21) وإذا كان هذا في المِنطقة الشرقية، فماذا عَنْ بقية المناطق؟ لماذا الاستهتارُ بالطعام؟ كم فقير ينام، ويستيقظ، ويمسي، لا يجد حتى كِسْرَةَ خُبْزٍ يابسة؟ ما يحدث ظلمٌ بحق الفقراء، لا يرضاه العقلاء، ومَنْ عندهم ضمائرُ حية، وما أكثرُهم في هذا الوطن، وعليهم أن يتحرّكوا لوقف البَطَر بنعم الله، فإنْ لم يتوقف فسيسِفُّ الفقراءُ الرمال، ويتنفّسُون الحزن، والكُلًُّ مسؤولٌ عنهم، وعن «فقْر الدم، وفقْر العِلْم، وفقْر ذاتِ اليد». مَنْ يُصَدِّق أنّ 4 ملايين وجبة تُلقى في النفايات! في مِنْطقة واحدة! من 13 منطقة. رقم مهُول، ومُخِيف، ومُقْلق، على مجتمع عُرف بالتكافل الاجتماعي، والتضامن مع المحتاج، وبَلْسَمةِ جراحه. هل أنعي لكم عدالة بعض الناس، وعدم رحمتهم، وغياب شفقتهم؟ نَعَم إذا ظل هذا السلوك سائداً في المجتمع، وأرجو ألا يسود، وليتذكّر المبطِرون أنّ النِّعَم تدومُ بحفظ الإنسان لها، ومَنْ لا يحفظها في أيِّ مجتمع كان عديمَ الإنسانية، ومُرَوِّجا للعبثِ بنعم الله، ويدعو صراحة للتخلي عنها. احفظوا فضلا النعمة بشكرها، فبالشكر تدومُ النِّعم، ولا تُبْطِروا فإنّ البَطَرَ يزيلُ النِّعَم، ويَهزُّ الأرض والجبال، ويَعْمي العُيون، ويَصِمُّ الآذان، وويْل لمجتمع يبيتُ فيها شَبْعانٌ، وآخَر جائع. أختمُ بما رُويَ عن أحدِ عُمّال الخليفة عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه) كتبَ إليه مَرّةً يقول: إنّي بأرض كَثُرَتْ فيها النِّعَم، ولقد أَشْفَقْتُ على قلبي ضَعْفَ الشُّكر. فكتبَ إليهِ عمرُ بنُ عبد العزيز يقول: «إنّي كنتُ أراكَ أعْلَم بالله مما أراك. إن الله تعالى لم ينعم على عبدٍ نعمةً، فحمَدَ اللهَ عليها، إلا كان حَمْدُهُ أفضلَ مِن نعمته». [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (94) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain