أتابعُ يومياً بشغفٍ برنامجاً أميركياً اسمُهmystery diners، هدفُه أنْ يتعرفَ صاحبُ المطعمِ على سيرِ العملِ بشكلٍ طبيعيٍّ، يتابعُ مِنْ خلالِ كاميرات وُضِعتْ في المطبخِ وصالةِ الطعامِ كيفيةَ تَعَامُلِ الموظفينَ مع العملاءِ. اكتشف أحدُ أصحاب المطاعم أن بعض المضيِّفين يقومون بتذوق الطعام قبل تقديمه للزبائن بيديهم، واكتشف أن بعضَهم يكيد لبعض، فشاهد إحدى العاملات تضع ملحاً في عصير أحد الزبائن، نكايةً في زميلتها ليتم فصلها من العمل. وهذا جعله يعرف الحقائق من دون لجان تحقيق، ومن دون شهادات قد تكون مزيفة أو خائفة أو غيره. وهو لم يخترق خصوصية العاملين في المطعم، لأنه وضع لوحةً كبيرة تفيد بأن المكان مراقَب بكاميرات سرية، لضمان جودة العمل، مثله مثل التسجيل الذي تضعه المصارف أو خطوط الاتصالات عندما تخبرنا أن المكالمة مسجله لضمان الجودة. وبعدما اكتشف ما اكتشفه من اختراقات متعلقة بالنظافة وأخرى متعلقة بالتعامل بفظاظة مع الزبائن قرر فصل المدير واختار طاقماً جديداً ملتزماً بالأنظمة بحسب التوصيف الوظيفي وبحسب المعايير الموضوعة، لتسيير العمل. واكتشف أيضاً ضمن ما اكتشفه بعض الأخطاء التي (تلخبط) الموظفين والموظفات، منها تضارب التوجيهات بحسب مدير الوردية وبحسب فهمه الخاص للعمل. فقام على الفور بتوضيح وظيفة كل موظف وحدود عمله بشكل مكتوب وواضح. ليس هذا فحسب بل انفرد بكل موظف واستمع إلى شكواه ومطالبه الخاصة بالعمل وكيفية سير خطة العمل بشكل مُرْضٍ بالنسبة إليه. بقدر استطاعته وبما لا بخطه سير العمل بصورة جعلت كل موظف يشعر بأنه شريك في هذا المكان وليس فقط موظفاً فيه. راقَ لي كثيراً البرنامج وأكثر ما راق لي فيه أن المدير أو المسؤول اكتشف ثغرات في إدارته قد تكون معطلة للموظفين، بسبب عدم وضوحها أو تضارب توجيهات المديرين من دون رقابة من كبير المسؤولين. بالطبع قارنت وسأظل أقارن بين طريقتنا العقيمة في التعامل مع الأحداث التي تحدث في بعض الأماكن المغلقة مثل دور التأهيل ودور الرعاية والملاحظة وغيرها.. (ليست مهارة) أن ننتظر عندما تقع حوادث ومواقف مؤلمة ومهينة حتى نخضع العاملين للتحقيق على رغم أن هذا الطبيعي.. ليس من الطبيعي أن تعلو الأصوات لأيام ثم تخبو وتعلو مرة أخرى بعد أحداث مشابهة! ساءني بالطبع أن يصنف ما حدث لنزيلة في إحدى دور الرعاية بأن شد الشعر «ليس عنفاً» - كما صرح أحد المسؤولين - وأن ما حدث خلاف بين مشرفة ونزيلة فقط. فعل ورد فعل. والحقيقة أن هناك طرفاً أضعف في الموضوع وطرفاً له سلطة وله صلاحيات نزيلة، حياتها مكتظة بالمشكلات ومشرفة يجب أن تدعمها وتساندها. أختم بطرح السؤال: ما الرابط بين ما ذكرته بشأن البرنامج وبين شد الشعر.. (الرقابة الخارجية) وبس! [email protected]