حوار: عبد الله حشيش - القاهرة تصوير - خالد رفقي أكد رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية ورئيس اللجنة المصرية للتضامن الدكتور حلمي الحديدي أن الموقف السعودي الداعم لثورة 30 يونيو يعادل موقفها الداعم لمصر في حرب أكتوبر عام 1973، وأن هذا الموقف سيبقى نقطة مضيئة في تاريخ العلاقات بين البلدين وهو موقف تاريخي ويجسد التضامن في أبهى صوره، مشيرًا إلى أن دعم المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز كان دعمًا على مختلف الأصعدة منها ماهو اقتصادى وماهو سياسي عبر استخدام حكومة المملكة لثقلها الدبلوماسي مع الأطراف الدولية لإزالة « الالتباس» في مواقف بعض الدولية تجاه الأحداث المصرية، وأن المملكة راهنت بعلاقاتها الدولية من أجل دعم مصر، وقال « الحديدي» في حواره ل»المدينة» إن ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية بكل المقاييس، وأنه يشعر بالأسف والأسى لفترة حكم الإخوان، مؤكدًا أن العفو عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك أو براءته لن يحقق له الرضاء الشعبي من الذين خرجوا في ثورة 25 يناير، كما أن العفو أو البراءة للرئيس السابق محمد مرسي لن يحقق له العفو والرضا من الذين خرجوا في 30 يونيو، داعيًا إلى ضرورة تكريم رؤساء مصر رغم الأخطاء التى ارتكبوها في شعبهم لأنهم جزء من تاريخ مصر.. إلى نص الحوار:- *كيف ترى موقف خادم الحرمين الشريفين وحكومة المملكة في دعم مصر ؟ - أعتقد أن الموقف السعودي الداعم لثورة 30 يونيو يعادل موقفها الداعم لمصر في حرب أكتوبر عام 1973، وأن هذا الموقف سيبقى نقطة مضيئة في تاريخ العلاقات بين البلدين وهو موقف تاريخي ويجسد التضامن في أبهى صوره، ودعم المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز كان متواصلًا وعلى مختلف الأصعدة منها ماهو اقتصادى وماهو سياسي عبر استخدام حكومة المملكة لقدراتها الدبلوماسية مع الأطراف الدولية لإزالة اللبس في مواقف بعض الدول تجاه الأحداث المصرية في 3 يوليو، وأن المملكة راهنت بعلاقاتها الدولية من أجل دعم مصر. * كيف تعاملت منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية واللجنة المصرية للتضامن مع موقف المملكة من خلال موقعكم في رئاسة المنظمتين؟ تعاملت منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية واللجنة المصرية للتضامن مع موقف المملكة الداعم باحترام وتقدير كبيرين، ورأينا أن موقف خادم الحرمين الشريفين يجسد أفضل صور التضامن الذي تنشده المنظمتان وتسعيان إليه وهو الهدف الأساسي لهما، وأصدرت المنظمتان بيانًا أشادتا فيه بموقف خادم الحرمين وحكومة المملكة لدعم مصر، وأنني من منبركم المحترم أتوجه بالدعوة للأشقاء في المملكة للمشاركة في منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية ونسعى إلى أن يكون دور الأشقاء في المملكة فاعلًا وحيويًا مثل كل أدوارهم في المنظمات الإقليمية والدولية، وسوف نتواصل مع قطاع الإعلاميين في المملكة ليكون لهم دور فى اتحاد الاعلاميين الأفريقى الآسيوى الذي نواصل التحضير له * البعض يروج أن دعم المملكة لمصر الآن بسبب الخلاف مع نظام جماعة الإخوان السابق؟ اعتقد أن مثل هذا الكلام يتناقض مع تاريخ العلاقات بين البلدين والذي ظلت العلاقات المتميزة والتعاون هي عنوانه الأبرز طوال تاريخ هذه العلاقات والتي يزيدها علاقات المصاهرة والنسب بين الشعبين وعلى مدار التاريخ، وأن فترات «الفجوة» في مسار تلك العلاقة كانت استثناءً لا القاعدة، وأن الاتجاه العام في سجل هذه العلاقات كان التعاون وهو مستمر وممتد منذ تعاونهما الكبير في تكوين جامعة الدول العربية وبرز أيضًا الموقف التاريخي للملكة عقب نكسة عام 1967 ودور المملكة في دعم مصر ودول المواجهة بمعونات هائلة، وجاء موقف المملكة التاريخي في حرب أكتوبر عام 1973 وقرارها التاريخي بقطع البترول العربي عن الدول التي تدعم اسرائيل، وتواصل أيضًا بعد ثورة 25 يناير 2011 الدعم الذي قدمته للمجلس العسكري واستمر خلال حكم الإخوان أيضًا انطلاقًا من ثوابت سياسة المملكة بدعم الشعب المصري وتدخلها متى رأت أنه يتعرض للخطر ويواجه الشدائد، وأن قيادة المملكة رأت أن مصر تتعرض لموقف يتطلب دعم الأشقاء العرب لها، وبسرعة تحركت وقادت قاطرة الأشقاء العرب لدعم مصر، وأرى أن دعم المملكة للحكومة الحالية هو دعم للشعب المصري وأن النظام الحالي هو خادم للشعب المصري، وأن المملكة لا تدعم أشخاصًا في الحكم ولكن تدعم الشعب المصري. * ماذا قدمت منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية لدعم مصر؟ رسالة المنظمة هى تحقيق التضامن والتواصل بين الشعوب في القارتين، والمنظمة استخدمت علاقاتها ومكاتبها الخارجية لتوضيح حقيقة ما يحدث في مصر، وأن ما قام به الجيش ليس انقلابًا لكنه إنحياز لإرادة الشعب المصري ويتوافق مع دوره في حماية الشعب وتنفيذ إرادته، وقامت المنظمة باستثمار اجتماع اتحاد الكتاب التابع للمنظمة في اجتماعه الأخير الذي عقد في فيتنام في أغسطس الماضي في توضيح ما يحدث في مصر، وتضمن البيان الختامي توضيحًا لهذه الأحداث، ونواصل دورنا في توضيح الأحداث لدى الأطراف التي لديها تحفظ أو التباس حول حقيقة ما يجري في مصر. * كيف تقيِّم فترة حكم جماعة الإخوان في مصر؟ أرى أن تجربة حكم جماعة الإخوان في مصر تدعو للأسى والأسف، وكنت أتمنى أن ينجح الإخوان في حكم مصر لأنه نجاح لمصر في النهاية، وأنا من المؤمنين بضرورة نجاح وازدهار مصر بغض النظر عن الحاكم لها أو انتمائه السياسي، وأرى أيضًا أن جماعة الإخوان اتيحت لهم فرصة الحكم لإثبات قدرتهم على الحكم وتنفيذ مشروعهم الذي لأجله تعرضوا للكثير من المعاناة عبر فترات تاريخية طويلة، ولكنهم خسروا هذه الفرصة لإصرارهم على التمكين وممارسة الإقصاء ضد باقي مكونات الشعب المصري، وفشلوا في التواصل مع الشعب وإظهار قدرتهم لخدمة هذا الشعب العظيم. *البعض يدعي أن النظام المصري الحالي يمارس الإقصاء الذي كان يمارسه الإخوان؟ أنا أختلف مع هذا الرأي، ودعنا نتفق أولًا أن هناك إقصاء واضحًا خلال حكم الإخوان، وعلينا أن نتفق أيضًا أن الحكومة الحالية هي حكومة انتقالية سوف تستمر لشهور قلبلة وأن مهمتها محددة بتنفيذ خارطة الطريق وحتى يتم الانتهاء من تعديل الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. * البعض يرى أنه تم إقصاء أو على الأقل تهميش تيار الإسلام السياسي في لجنة ال»الخمسين»؟ أعتقد أن لجنة ل50 المكلفة بتعديل الدستور جمعت تشكيلة واسعة من أطياف الشعب المصري، وأن اللجنة لم تقصِ الإسلاميين كما يروج البعض وأن غالبية أعضاء اللجنة من المسلمين، وغالبية الشعب المصري مسلمين، وتضم اللجنة تشكيلة واسعة بما فيها تيار الإسلام السياسي والذي لا يمكن أن يمثل أكثر من 20 % من الشعب المصري، وأرى أنه لا يجب الاعتماد على المعامل الحسابي فقط في تشكيل لجنة تعديل الدستور، ولو اعتمدنا على المعامل الحسابي فقط، كان علينا مراجعة المعامل الحسابي لكل مكونات الشعب المصري، وهنا أضرب بعض الأمثال مثل أن الشباب يمثل أكثر من 40% من الشعب المصري، فهل معقول أن يمثل الشباب بنفس النسبة في اللجنة، وقس على هذا الطلبة والنساء والمعلمين، ولكن الثابت في تركيبة الشعب المصري أن التيار الليبرالي يمثل غالبية الشعب المصري وأكبر من تيار الإسلام السياسي، وهنا أنني أرى أن المهم ليس نسبة التمثيل في اللجنة ولكن الأهم هو الفعالية داخل اللجنة والقدرة على التأثير على أعضائها وربما يستطيع فرد واحد باللجنة أن يؤثر ويستقطب أعضاء كثر داخل اللجنة لرأيه ووجهة نظره، ومن هنا سوف نرى أن كل من لم يشارك باللجنة سوف يرفع شعار الإقصاء. * هل هناك فرصة لتحقيق مصالحة سياسية ومجتمعية؟ أعتقد أن المصالحة السياسية والمجتمعية ضرورة ملحة بعد فترات الاستقطاب الحاد التي عاشتها مصر، ولكن يجب ان تنطلق المصالحة من معلومات دقيقة وتنطلق من معرفة حقيقية باستعداد الأطراف للمصالحة والاندماج في المجتمع والمشاركة في العملية السياسية، وأعتقد أن السؤال الآن: هل الجميع مستعدون للمصالحة والوحدة وتغليب المصلحة العامة للوطن على المصالح الخاصة الضيفة؟، وأعتقد أن المصالحة مطلوبة في هذه المرحلة وليست مصالحة مع تيار الإسلام السياسي ولكن مصالحة مع تيارات أخرى عاشت التهميش والإقصاء عبر فترات سابقة. * البعض من تيار الاإسلام السياسي يطالب بتعديل في خارطة الطريق لإفساح المجال للمصالحة؟ أعتقد أن أي تعديل في مسار خارطة الطريق سوف يصيب العملية السياسية بالارتباك ويضيف قدرًا كبيرًا من الغموض على المرحلة، وربما يتعارض مثل هذا التعديل على توقيتات المرحلة الانتقالية رغم تحفظي على بعض هذه التوقيتات، وأتصور أن الجميع مطالبون بالالتفاف حول خارطة الطريق وتنفيذها حتى يتسنى لنا أن ننتهي من تعديل الدستور والوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية رغم تحديات الانفلات الأمني وانعكاسه السلبي على إجراء الانتخابات، ومن هنا فإنني أرى ضرورة تنفيذ خارطة الطريق وأن يكون التعديل في المستقبل وبعد أن تستقر المؤسسات. *هل الفريق أول عبد الفتاح السيسي هو رجل المرحلة وعليه الترشيح للرئاسة؟ أعتقد أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي في النهاية مواطن مصري ومن حقه الترشح للرئاسة متى رغب بها وبعد أن يخلع بدلته العسكرية، وطالما توافرت فيه شروط الترشح للرئاسة شأن أى مواطن مصري، ويجب إلغاء الإقصاء من الترشح بسبب الانتماء المهني، والعسكرية مهنة مثل باقي كل المهن ومن حق أي مواطن الترشح طالما يخلع عباءته المهنية، وأرى طبقًا لهذا المعيار أنه لا يوجد ما يمنع ترشح الفريق السيسي، وأن السوابق التاريخية سجلت رؤساء عظامًا كانوا عسكريين مثل إيزنهاور وديجول ولم يتهمهم أحد بأنهم عسكريون، ويجب علينا تجاوز التقسيم البغيض ومصر يكفيها من انقسامات واستقطاب وعلينا تجاوز كل هذا والانطلاق للمستقبل. * هل تؤيد العفو عن «مبارك» و «مرسى»؟ أنا كمثقف لا أملك أن أصدر عفوًا عن أحد، وأرى أن العفو مسؤولية مؤسسات الدولة القضائية وعليها أن تقول كلمتها طبقًا للأدلة التي لديها وعليها أن تبرئ أو تدين أيًا منهما، واعتقد البراءة من القضاء لن تحقق العفو لأي منهما من جانب الشعب، وأتصور أن براءة «مبارك» لن تمنحه العفو من جانب الذين خرجوا في 25 يناير، وأيضًا تبرئة «مرسى» لن تمنحه العفو من الذين خرجوا فى 30 يونيو، وأعتقد أن الشعب المصري هو صاحب العفو فقط، وامل أن يحدث رضاء شعبي عن كل رؤسائنا السابقين لأنهم جزء من تاريخنا وتاريخ مصر، وأن نصل إلى مرحلة تسامح شعبى ومجتمعى مع الذات يفتح المجال للعفو عن رؤسائنا وأن نصل إلى مرحلة تكريم قادتنا ورؤسائنا فى المستقبل.