فيما لا يزال الضباب يطوّق هويّة رئيس الحكومة في تونس، إثر خلافات تعيق توصّل الفرقاء السياسيين إلى اتفاق بشأنه، والذي كان المقرّر إعلانه أمس، وقّع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي على قانون تشكيل الهيئة المستقلّة للانتخابات، وبينما عزّز الأمن انتشاره وسط العاصمة تحسّباً لهجمات من الإرهابيين، قرّر القضاة تنفيذ إضراب عن العمل الخميس المقبل. ووقّع الرئيس التونسي منصف المرزوقي على قانون تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات ليصبح نافذاً، وفق ما أفاد المستشار القانوني للرئاسة أحمد الورفلي، مضيفاً أنّه «تمّ إيداع القانون فعلياً بالمطبعة الرسمية لنشره بالجريدة الرسمية». واعتبرت كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام، أنّ «المحكمة الإدارية ليس لها صلاحية مراقبة دستورية القوانين والتشريعات»، مشيرة إلى أنّ «رفض قبول الطعن إلا من تاريخ النشر، هو تعسف، ومن الخطأ قبول قرار إيقاف التنفيذ». ويواصل المجلس الوطني التأسيسي عقد جلساته اليوم الأحد، رغم أنه العطلة الأسبوعية في البلاد، بعد أن عقد بعد ظهر أمس بجلسة عامة استثنائية، خصصها للنظر في تنقيح قانون النظام الداخلي للمجلس، وذلك من أجل التسريع في أعمال المجلس والالتزام بخريطة الطريق المنبثقة عن الحوار الوطني. تعزيزات أمنية أمنياً، تمركزت قوات الأمن في محيط السفارة الفرنسية بالعاصمة تونس أمس، فضلاً عن تعزيزات أمنية على مستوى شارع الحبيب بورقيبة، في إطار الاحتياطات الأمنية التي اتخذتها وزارة الداخلية، تحسباً لرد فعل من الإرهابيين وسط العاصمة، فيما تمّ توجيه تعزيزات أمنية إلى المناطق المحيطة بمطار تونسقرطاج الدولي. وجدّدت وزارة الداخلية دعوتها وسائل الإعلام إلى انتظار المعلومات الرسمية في العمليات الأمنية والعسكرية، معوّلة في ذلك على الروح الوطنية لكافة وسائل الإعلام، معلنة استغرابها في بلاغ لها «من إصرار بعض وسائل الإعلام على بثّ ونشر معلومات أمنية من شأنها الإضرار بالعمليات الأمنية الميدانية». على الصعيد ذاته، أصدر قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بتونس، بطاقات إيداع بالسجن ضد 14 متهماً ممن كانت لهم صلة بالأعمال الإرهابية التي شهدتها منطقة سيدي علي بن عون من ولاية سيدي بوزيد في 23 أكتوبر الماضي، والتي راح ضحيتها ستة من رجال الحرس الوطني. وكان تم إيقاف المتهمين خلال الأيام التي تلت العملية الإرهابية، ووجهت لهم النيابة العمومية تهماً متعلقة بالانضمام إلى تنظيم إرهابي، والقيام بأعمال إرهابية، قصد ترويع الناس والقتل العمد والمشاركة في ذلك. ورطة عدالة في الأثناء، أشارت ليلى الحداد، المحامية المكلفة بملفات جرحى الثورة وشهدائها، خلال ملتقى دولي حول العدالة الانتقالية في تونس، إلى أنّ «العدالة الانتقالية لم تتحقق حتى الآن في تونس، لا على مستوى المحاسبة ولا على مستوى رد الاعتبار». مؤكّدة أنّه «تمّ تعطيل مسار العدالة الانتقالية منذ ثورة الياسمين وإلى الآن، مروراً بأربع حكومات لم يتحقق ولو القليل في هذا الشأن»، لافتة إلى أنّ «الصراع السياسي كان أحد أهم الأسباب في تعطيل مسار العدالة الانتقالية». من جهتها، قالت ممثلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان آسيا بلحسن: «وصلنا إلى الحوار الوطني دون مشروع العدالة الانتقالية، وهو ما يؤكد تجاهل السلطة لهذا الموضوع، بالرغم من المحاولات العديدة بعد تحضير التقرير النهائي الذي اشتغلت عليه العديد من المؤسسات، تحت إشراف وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية». بدوره، أوضح توفيق بو دربالة رئيس لجنة التحقيق، أنّ «أعمال اللجنة تُوجت بتقرير احتوى 2916 ملفاً، من بينها 427 ملفاً خاصاً بتخريب الممتلكات العامة والخاصة، و2151 ملفاً للجرحى، و338 أمواتاً، منهم الشهداء، إلى جانب 86 توفوا في السجون، و14 عون أمن وحماية مدنية، وخمسة جنود، والبقية مواطنين». مشدّداً على أنّ «القائمة النهائية للشهداء والجرحى ستضبطها لجنة التحقيق، لأنه وقعت عدة أخطاء في صرف مبالغ مالية لجرحى الثورة وعائلات شهدائها على مستوى اللجان التي تم تكوينها سابقاً، وهو ما تسبب في تعطيل المسار». إضراب قضاة قرّر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، تفعيل قرار مجلسها الوطني القاضي بدعوة عموم القضاة بكافة المحاكم إلى تنفيذ إضراب عام الخميس المقبل، باستثناء الإجراءات المتأكدة وقضايا الإرهاب. وأوضحت الجمعية في بيان، تلقّت «البيان» نسخة منه، أنها ستمضي في هذا الإضراب، في صورة عدم تعبير السلطة التنفيذية عن موقف واضح ومعلن، تلتزم فيه بالتوقف عن اتخاذ إجراءات مضادة لقرارات الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، والماسة باستقلال القضاء والقضاة، وبهيبة أعضاء السلطة القضائية، مبدية استغرابها من إصرار وزير العدل على ما أسمته أساليب التصعيد بالتعيينات المسقطة، وتوتير الأجواء، وتغذية أسباب الاحتقان بما لا يخدم المصلحة الوطنية. ونددت بما وصفته تعدي وزير العدل على القضاء والقضاة، وعلى مؤسسات الدولة، ممثلة في الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، وما تمثله قراراته من محاولة لاستعادة أساليب نظام الاستبداد، وانحراف عن أهداف الثورة في بناء قضاء مستقل ضامن للحرية والديمقراطية، حسب ما ورد في نص البيان. «النهضة» تتمسّك بالمستيري قالت مصادر مطلعة ل «البيان» إنّ أطرافاً في الحوار التونسي اقترحت أمس اعتماد حل للخروج من المأزق يتمثل في اختيار أحمد المستيري رئيسا للحكومة الجديدة المنتظرة ومحمد الناصر نائبا أول له مكلفا بالملف الامني والاجتماعي وجلول عياد نائبا ثانيا مكلفا بالملف الاقتصادي والعلاقات الدولية. من جهته، نفى الناطق الرسمي للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح صحفي لوسائل الإعلام، أن يكون قد تم التطرّق خلال جلسة الحوار المنعقدة مساء الجمعة إلى مسألة إعادة تلقي ترشحات جديدة لرئاسة الحكومة المقبلة، قائلا إنّها لم تطرح البتّة على طاولة الحوار. وأشار الشابي في تعقيب على تصريح رئيس مجلس شورى حركة النهضة فتحي العيادي الذي أشار إلى إمكانية قبول الترشحات لمنصب رئيس الحكومة من جديد، إلى أنّ رئيس حركة النهضة المشارك في الحوار لم يقترح هذه المسألة، مؤكدا على أنّ ما يجب أن تلتزم به كلّ الأطراف هو ما يتم التوافق بشأنه داخل جلسات الحوار لا خارجها. وكان النائب بالمجلس الوطني التأسيسي و رئيس مجلس شورى حركة النهضة فتحي العيادي أعلن إنه « في حال عدم اختيار أحمد المستيري و فشل المفاوضات اليوم فإننا نفوض الأمر للمجلس التأسيسي أو جولة من الاختيارات الأخرى». مضيفاً أنّه «لا يجب على الأحزاب القادمة أن تفهم أننا قادمون للحوار مكرهين وسنسلم الحكم للمعارضة أو للمجهول لن نخون الثورة ولن نسلم رئاسة الحكومة إلا لحكومة تضمن المسار الانتقالي وتحقق أهداف الثورة». في الشأن، أكّد الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي، أن الحركة تدعم أحمد المستيري لأنه رجل توافقي وديمقراطي وأول من خرج عن بورقيبة ليأسس حزبا.